صفحات العالم

“الفيتو” خدم المعارضة لا الأسد


راجح الخوري

لم تتصور روسيا للحظة أن استعمالها “الفيتو” في مجلس الأمن لتعطيل القرار العربي بشأن سوريا سيطلق هذه الموجة من الغضب، التي سرعان ما ذكّرت الكثيرين بالقول: “رب ضارة نافعة”!

ذلك أن القرار الذي كان معروضاً على مجلس الأمن لم يكن يطلب تنحي بشار الأسد بل تفويض نائبه “التعاون” مع حكومة وحدة وطنية يكون للأسد فيها نصيب الأسد، ولكن “الفيتو” الروسي والصيني احدث صدمة عارمة أسفرت عن تطورات قطعت الطريق على موسكو تحديداً ووضعتها في موقع القادر على دعم الحسم العسكري وسفك المزيد من الدم، لكن العاجز عن تقديم حل سياسي ينهي الأزمة.

وهكذا انهارت مهمة سيرغي لافروف ورفيقه ميخائيل فرادكوف قبل أن يصلا الى دمشق، وجرف تسونامي الغضب الدولي كل مفاعيل الزيارة. وفي هذا السياق يجب التوقف أمام سلسلة من المواقف التي جعلت من “الفيتو” مجرد “رخصة جديدة للقتل” كما قال المعارضون، ومجرد مدخل الى تطورات تحاصر الأسد أكثر مما تخدمه:

اولاً: سحب دول مجلس التعاون الخليجي سفراءها من دمشق، وقد شكل هذا رسالة قوية الى الداخل السوري والى المجتمع الدولي الذي استهجن استعمال الفيتو والى الجامعة العربية التي تردد في اليوم التالي انها قررت سحب المراقبين وإنهاء عملهم، في حين كان لافروف يتحدث عن تفعيل عمل هذه البعثة!

ثانياً: يتوقع أن يتخذ وزراء الخارجية العرب الذين سيجتمعون نهاية الأسبوع قرارات لتذكير روسيا والصين بأن لهما مصالح في العالمين العربي والإسلامي، إضافة الى وضع دول العالم أمام مسؤولياتها حيال التصعيد العسكري الذي يقوم به النظام.

ثالثاً: تمثل “مجموعة أصدقاء الشعب السوري” التي بدأ تشكيلها تحت مظلة الأمم المتحدة إجماعاً دولياً غير مسبوق تقريباً ينم عن عزلة الأسد ويحرج روسيا والدول التي تدعمه.

رابعاً: ستسارع المجموعة الى تقديم المساعدات الى الشعب السوري، والحديث الأميركي عن مساعدات إنسانية قد يجر في النهاية الى مساعدات عسكرية تدعم المعارضة، في ظل التصعيد الهائل الذي قيل انه وصل الى إدخال الطيران الى جانب الدبابات لدك المدن.

خامساً: دخول تركيا على الخط والدعوة الى عقد منتدى دولي هدفه إيجاد “خريطة طريق جديدة لسوريا”. ولهذا الغرض اتصل رجب طيب اردوغان بدميتري ميدفيديف وأوفد احمد داود اوغلو الى واشنطن.

أمام كل هذا ما معنى دعوة لافروف للعودة الى “المبادرة العربية” الأولى التي فشلت فشلاً ذريعاً؟ وما معنى الحديث عن “الحسم والإصلاح”؟ ومن ترى سيبقى بعد الحسم ليعاين هذا الإصلاح؟ وهل كثير إذا قلنا إن الفيتو خدم المعارضة ولم يخدم موسكو ولا الأسد؟!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى