الفٍكْر كَضَحٍيّةِ للمزاج العام
طلال المَيْهَني()
مصطلح “البُرْج العاجي” (باللاتينية: turris eburnea) ليس بمصطلحٍ مُسْتَجِدٍّ، فقد وَرَدَ ذِكْرُهُ في سفر نشيد الأنشاد في العهد القديم: “عُنُقُكِ كبُرْجٍ من العاج”. وقد خضع معنى هذا المصطلح، المُرْتَبِط لاهوتياً ورَمْزِيّاً بالطُّهْر وبالسّيدة مريم، إلى تَبَدُّلٍ ملحوظٍ مع بدايات العصر الحديث، ليأخذ منحىً سلبياً، ويغدو مرتبطاً بـ “النخب الأكاديمية” المنعزلة، وغير العملية، والمُنْفَصِلَةِ عن الواقع وعن الحَدَثِ اليومي. وقد تَرَسَّخَ هذا التبدل في معنى المصطلح مع تَجَسُّدِه، على الأقل على مستوى الرأي العام الإنكليزي في القرن التاسع عشر، في “أبراج هاوكسمور Hawksmoor” البيضاء. حيث تُزَيِّنَ هذه الأبراج مبنى “كُلِّيَّةُ كُلِّ الأرواح All Souls College” التي تُعْتَبَرُ الأكثر نُخْبَوِيّةً على المستوى الأكاديمي بين الكليات الجامعية في أوكسفورد وكامبريدج، أو ما يسمى بـ “الأوكسبريدج Oxbridge”.
يشتمل هذا التبدُّل الذي أصاب المعنى إلى نظرةٍ سلبيةٍ ليس فقط تجاه النخب الأكاديمية، بل تجاه عُمُومِ النخب الفكرية Intelligentsia التي تَضُمُّ مجموع المثقفين من كُتّابٍ، وأكاديميين، وفلاسفة، ومُفَكِّرِين، أو من حَازَ على قَدْرٍ لا بأس به من المعرفة تُمَكِّنُه من الإنتاج الفكري. وتُعْتَبَرُ هذه النظرة السلبية تجاه “النخب الفكرية” جزءاً من تَوَجُّهٍ مُضادٍ للفكر Anti-Intellectualism. ويَتراوَحُ هذا التوَجُّه بين مواقف السخرية والاستهزاء بالفكر، إلى الذَّم والعداء الجزئي، إلى حالةٍ مُتَطَرِّفَةٍ من العداء الكامل، أو حتى إلى تحويل العداء الكامل للفكر إلى فضيلةٍ يُحَضُّ على ممارستها.
يمكن تتبع مواقف الاستهزاء بالفكر على مستوى التعامل اليومي في الثقافات السائدة. ومع أن لهذه المواقف حضوراً عالمياً إلا أن درجة وطبيعة الاستهزاء تختلف من مجتمعٍ إلى آخر. ففي مجتمعات الدول النامية والتقليدية التي خضعتْ لنير الاستبداد لفتراتٍ طويلةٍ يَنْدُرُ العثور أصلاً على مثيلٍ للمثقف الحقيقي ذي الآراء العَلَنِيَّة؛ إمّا لأنه غير شائع، أو لأنه مُكَبّلٌ وغير حرٍّ في تَوَاصُلِهِ مع الناس. ولهذا ففي هذه المجتمعات يبرز الاستهزاء بالفكر، في صورةٍ بريئةٍ، كنظرةٍ سلبيةٍ، مُوَجَّهٍ ضد أصحاب المِهَن والمهارات التقنية: الطبيب الجشع، أو المحامي اللص، أو المهندس الفاسد، أو الصحافي الذي يمكن شراء ولائه، أو أستاذ الجامعة الذي يبيع أسئلة الامتحان إلخ. بالتأكيد تُعَبِّرُ مواقف الاستهزاء، وما تَحْمِلُهُ من نظرةٍ سلبيةٍ، عن رفضٍ لممارساتٍ خاطئةٍ يراها ويشعر بها الناس في تعاملاتهم اليومية مع هؤلاء “المثقفين”. لكن النَّفاذ إلى ما وراء هذه المواقف الاستهزائية، وإخضاعها إلى التحليل الهادئ، يُظْهِرُ أنها انعكاسٌ وتكريسٌ لحالة انفصالٍ يُوضَعُ فيها “عامة الناس” في جهة و”المثقفون” في جهةٍ أخرى، بعد أن يتم توظيفُ مُقَارَبَتَيْن مُتَنَاقِضَتَيْن. تنطلق المقاربة الأولى من “تقديرٍ خفيٍّ” للفكر الذي يتم إسقاطه في صورةٍ مفرطةٍ في المثالية على “المثقف”. وعليه تَفْتَرِضُ الذهنية الجمعية في اللاوعي بأن “الفكر” قيمةٌ تتلازمُ ضِمْناً مع حسٍّ أخلاقيٍّ عال، وعلى هؤلاء “المثقفين” أن يكونوا أناساً أفضل وأقْوَم خُلُقاً (سواء بالمعنى العام، و/أو بالمعنى التقليدي الديني والالتزامي بطقوس العبادة إلخ). ويلعب هذا الدَّمج بين الفكر والأخلاق دوراً هامّاً في المجتمعات المحافظة والمُتَدَيِّنَة، حيث من النادر أن يُقَيَّمَ “المثقف” بناءً على قوله أو على مهارته المهنية والاحترافية، بل غالباً ما يلعب شَخْصُ “المثقف” ومواقفه من التقاليد الشائعة، ومدى التزامه بها وتماهيه معها، دوراً في هذا التقويم. يخلق هذا الوضع، وفي شكلٍ تلقائيٍّ، مسافةً بين العقلية السائدة و”المثقف”؛ خصوصاً “المثقف” الذي يسعى إلى تغييرٍ حقيقي في مجتمعه، وإلى الانعتاق من قيود العادات البالية. هنا يتحول “المثقف”، والفكر الذي يُرَوِّجُ له هذا “المثقف”، في نظر الثقافة السائدة، إلى موضوعٍ مشروعٍ للاستهزاء والسخرية بحجة مخالفته للعادات والتقاليد، أو افتراقه عن الأخلاق التي ترسمها هذه العادات والتقاليد.
وبعيداً عن جَدَلِيّةِ الأخلاق والفكر، وعلى عكس المقاربة الأولى (لكن بالتوازي معها)، تَعْمَدُ المقاربة الثانية إلى تقييم الفكر مادياً في إطارٍ منفعيٍّ بَحْتٍ، بعد إحداث قطيعةٍ كاملةٍ مع الأخلاق. يظهر الفكر هنا وكأنه مُجَرَّدُ سلعةٍ مُعَدَّةٍ للاستهلاك وخاضعةٍ لمنطق السوق. إلا أن تقييم “الفكر” من منظورٍ ماديٍّ نفعيٍ هو، بِحَدِّ ذاته، توجهٌ مضادٌ “للفكر”، حيث لا يجد أصحاب هذه المقاربة ضَيْراً في الاحتفاء بالجهل على سبيل المثال، طالما أن مردوده المادي أكبر من المردود المادي الآتي من خلال الفكر. يُضَافُ إلى ذلك أن هذه المقاربة تحمل ضمنيّاً إهانةً للفكر بعد تَجْرِيدِهِ من جوهره كفضيلةٍ قائمةٍ بِحَدِّ ذاتها، وتَعْرِيَتِهِ من بُعْدِهِ الإنساني.
وهكذا تنبعُ مواقف الاستهزاء بالفكر، على مستوى الثقافات السائدة في المجتمعات النامية والتقليدية، من هاتين المقاربتين: جدلية التلازم بين الفكر والأخلاق (التي تعطي الفكر صيغةً مثاليةً وطوباويةً من حيث تطابقه مع الثقافة السائدة حتى لو كانتْ هذه الثقافة مشبعةً بالعادات البالية)، والمقاربة الاستهلاكية المنفعية للفكر كسلعة (التي تعطي الفكر صيغةً ماديةً تجعل منه وسيلةً للكسب تتساوى في قيمتها الجوهرية مع كل الوسائل الأخرى).
أما المجتمعات التي تعيش في ظلِّ ما يُسَمَّى بالديموقراطية الغربية، فغالباً ما تكون مواقف الاستهزاء بالفكر موجهةً تجاه “المثقفين” المشتغلين في حقل السياسة والشأن العام (خاصةً في المجتمع الأميركي)، كما تبرز في شكلٍ بارزٍ المقاربة الاستهلاكية المنفعية للفكر. وقد تم إعطاء هذه المقاربة صيغةً رسميةً في قوانين الملكية الفكرية (هنا يَعْمَدُ القانون إلى “شَرْعَنَةِ” تَحَوُّلِ النتاج الفكري إلى سلعة، وترسيخ النظر إلى الفكر على هذا الأساس).
وفي عصر العَوْلَمَة، الذي حَوَّلَ الأرض إلى ما يشبه القرية الصغيرة، تميلُ المجتمعات إلى اتباع سُلُوكِيَّاتٍ متشابهةٍ بخاصةً على مستوى الجيل الصاعد. إذ غالباً ما يَعْمَدُ اليافعون والمراهقون إلى السعي وراء صورةٍ نمطيةٍ للشباب العصري و”الكول cool” الذي يمتاز بالأناقة والجمال واتِّبَاعِ الموضة والانغماس في طقوس الاستهلاك السطحي، مع تركيزٍ شبه معدومٍ على الناحية الفكرية واستهزاءٍ شبه مُطْلَقٍ بها. فقد اعتاد الطلبة في كل المجتمعات على إطلاق أوصاف “geek” أو “nerd” على المهووس بالكمبيوتر وكمُرادِفٍ لكلمة “دَرّيس”؛ أي الطالبِ المُجِدِّ الذي يُمْضي وقته في الدراسة والتحصيل. كما انتشرت في العقود القليلة الماضية ظاهرة الاستهزاء بالمعلمين والأساتذة في المدارس. وكمثالٍ آخر نذكر المحتوى السلبي الذي تحمله الثقافات السائدة في المجتمعات تجاه كلمة “فلسفة” المكافئة للفذلكة أو التغريد خارج السرب، ولا يخلو هذا التوصيف من لَمْزٍ، مُبَطَّنٍ أو ظاهرٍ، بالتحريم والتجريم الذي بدأ يتسع نطاقه حتى باتتْ كلمة “مثقف” شبه شتيمةٍ في بعض الأوساط.
وقد سَقَطَتْ فنون الرواية والسينما والرسوم المتحركة والدراما في فَخِّ الاستهزاء بالفكر، وساهمتْ في صورةٍ تبادليةٍ، بتعزيز هذا الاستهزاء. يبدو ذاك جَلِيّاً من خلال العَرْضِ التَّهَكُّمِيِّ والمتكررِ للمثقف (المفكر/العَالِم/الأكاديمي/الفيلسوف/إلخ) ذي الشَّعْرِ غير المُصَفَّف، والنظارات السميكة، والبلادة والانفصال عن الواقع، وغياب روح الدعابة، وغيرها من الصفات التي يتم إظهارها في حِلّةٍ سلبيةٍ، وحَشْرِها في صورةٍ نمطيةٍ، وتحويلها إلى موضوعةٍ متواترةٍ.
ففي الولايات المتحدة، وبين عامي 2005 و2008، بَثَّتْ قناة CW برنامج (من نوع برامج الواقع) بعنوان “الجميلة والدرّيس Beauty and the Geek”، مع إصداراتٍ بلغاتٍ مختلفةٍ في حوالي 15 دولة حول العالم (لا يوجد إصدارٌ عربيٌّ أو شرق أوسطي باستثناء تركيا). وتقوم فكرة البرنامج على متابعة تطور العلاقة الرومانسية بين “درّيس” (دائماً ذكر!) وبين إحدى الجميلات من المشاهير (دائماً أنثى)، مع تقديم نصائح للـ “دَرّيس” كي يغدو “إنساناً طبيعياً”. ومع أن البرنامج يُجْري لقاءاتٍ جانبيةً مع الفتيات، اللواتي يُعَبِّرْنَ أحياناً عن إعجابهن بـ “الدَرّيس”، إلا أن فحوى الرسالة التي يُوَجِّهُهَا البرنامج تُرَسِّخُ الانفصال النَّمَطِيَّ والسطحي بين عَالَمَيْن: يَضُمُّ الأول “الدَرّيس/الذكر” كنوعٍ قائمٍ بحدِّ ذاته ومنفصلٍ ومختلفٍ جذرياً عَمّا يَضُمُّهُ العالم الثاني، أي عن “الجميلة/الأنثى”.
وكمثالٍ آخر يمكنُ ذِكْرُ شخصية “روس Ross” (لعب الدور الممثل ديفيد شويمرDavid Schwimmer) في السلسلة الفكاهية “فريندز Friends” التي عُرِضَتْ نسختها الأصلية بين عامي 1994 و2004 على قناة NBC. ومؤخراً أخَذَتْ هذه الصورة النمطية دور البطولة الكاملة مع عرضِ سلسلةٍ جديدةٍ بعنوان “نظرية الانفجار العظيم The Big Bang Theory” على شاشة CBS. ويأخذ موقع البطولة في السلسلة الأخيرة، وفي قالبٍ فكاهيٍّ، عددٌ من الممثلين الذين يلعبون دور باحثين شباب في مجال الفيزياء والفلك والبيولوجيا، مع هَوَسٍ بألعاب الفيديو، والبرمجة، ومتابعة أفلام الخيال العلمي مثل Star Trek. وتدور الأحداث حول ما يواجهونه من مواقف مُحْرِجَةٍ للتأقلم مع المجتمع المحيط، ومن مصاعب وعقبات في حياتهم العاطفية.
وعلى مستوى العالم الناطق بالعربية تُقَدِّمُ مسرحية “مدرسة المشاغبين” من بطولة الراحل عادل إمام مثالاً صارخاً للسخرية من الفكر في قالبٍ كوميديٍّ وجذّاب. وبالتوازي نقع في الدراما السورية الكلاسيكية، في “صح النوم” أو “حمّام الهنا”، على ذلك التنافس الخَفِيّ بين غوار الطوشة الماكر (دريد لحام)، وحسني البورظان “المثقف” وضعيف الحيلة (الراحل نهاد قلعي).
ويظهر المَيْلُ ذاته في الرسوم المتحركة. ففي “السنافر Smurfs”، وهو فيلمٌ كرتونيٌّ بلجيكيٌّ للأطفال عُرِضَ بين عامي 1981 و1989، تمكن المقارنة بين “سنفور مفكر” و”سنفور شاطر” و”سنفور قوي”. ففي حين يمتاز الأول بعدم قدرته على اجتراح أي حلولٍ عمليةٍ، يبدع الثاني في العمل اليدوي والتقني، في حين تكون الغلبة عادةً للثالث. يؤسس هذا الاختلاف لحاجزٍ يفصل، وفي شكل تعسفيٍّ، بين النظرية والاشتغال الفكري في جهة، وبين التطبيق العملي والعنف في جهةٍ أخرى. ويقف هذا التوجه، الذي يُظْهِرُ الفكر كنشاطٍ بشريٍّ خاملٍ وغير فاعل، في وضعٍ مناقضٍ لحدٍّ ما لما يطرحه أدب الخيال العلمي الذي يربط النتاج الفكري (والنتاج العلمي على وجه التحديد) بالشر والعنف: نهاية العالم بسبب حربٍ نوويةٍ، أو غزوٍ فضائيٍّ، أو استنساخٍ لحيواناتٍ مفترسةٍ أو حشراتٍ عملاقةٍ إلخ.
ويمكن وضع هذه الأدوار الشريرة، التي يَتَسَبَّبُ بها الفكر ويُمارِسُها المثقف، كامتدادٍ لأدب العصر الرومنطيقي والحداثي. وكأمثلةٍ على ذلك يُمْكِنُ ذِكْرُ رواية “الحالة الغريبة للدكتور جيكل ومستر هايد Strange Case of Dr. Jekyll and Mr. Hyde” لـ “روبرت ستيفنسون Robert Stevenson”، أو رواية “فرانكشتاين Frankenstein” لـ “ماري شيللي Mary Shelley”. وفي حالاتٍ أقل شيوعاً قد تأخذ الصورة النمطية “للمثقف” في السياق الأدبي الفني دوراً إيجابياً، إلا أنها على الأرجح، لن تكون في موقع البطولة؛ فالمثقف (العالم/المفكر/الحكيم/إلخ) يجلس على الهامش بعيداً عن الحَدَثِ، وهو حُكْماً ليس “البطل” وذلك على خلاف سوبرمان، أو الرجل الوطواط، أو “الدوق فليد” في السلسلة اليابانية غريندايزر إلخ (وعادةً ما يكون “البطل” مُقَنَّعاً أو مُرْتَدِياً لزيٍّ يُمَيِّزُهُ عن الجميع).
تبقى هذه المواقف الاستهزائية الفكاهية/الدرامية/التراجيدية مَحْصُورةً في نطاق الثقافات السائدة، وفي صيغةٍ فنيةٍ/إعلاميةٍ، لتتجلّى في صورةٍ غير عنفيةٍ بعيداً عن الإيذاء الجسدي المباشر للمُتَلَقّي. إلا أن هذه المواقف الاستهزائية، المُنْدَرِجَةِ في سياق التوجه المضاد للفكر، تطرح أسئلةً عن أسباب شيوع وانتشار وصعود مثل هذا التوجه أصلاً. فمع الاعتراف بأن لمثل هذه التوجه جذوراً قديمةً، إلا أن حضوره في الماضي لم يكن طَاغِياً كما هي الحال الآن، كما أن الكثير من ظواهره لم تكن موجودةً حتى في بدايات القرن الماضي (الاستهزاء بالمعلمين في المدارس من قِبَلِ التلاميذ على سبيل المثال).
ولهذا فلا بُدَّ من تشريح التبدلات الجذرية التي رافقتْ رياح النهضة والتنوير منذ نهاية العصور الوسطى، وما خَلَّفَتْهُ تلك التبدلات من آثارٍ عميقةٍ على المجتمعات وعلى المزاج العام، وعلى أدوات صناعة هذا المزاج العام (وخاصةً الإعلام). يَجْدُرُ التنويه أخيراً إلى أن التوجه المضاد للفكر ظاهرةٌ معقدةٌ لها ملامحها الخارجية السطحية، وجذورها البعيدة والمتشابكة. ولهذا يبقى أيُّ تحليلٍ هذه الظاهرة قَاصِراً دون الخَوْضِ، في دراسةٍ منفصلةٍ، في التبدلات المُوازية التي طَرَأَتْ على مواقف “النخب التقليدية”، وعلى احتكارها للمعرفة والفكر وغيرها من “علاقات القوة والهَيْمَنَة” مع انطلاق عصر النهضة والتنوير.
() كاتب سوري
المستقبل