صفحات العالم

الكمين السوري


    احمد عياش

عندما جاء نبأ شبان طرابلس الذين قيل انهم سقطوا في كمين للجيش النظامي السوري في تل كلخ القريبة من حدود لبنان الشمالية داخل سوريا، عادت الى الاذهان أنباء اكدتها الأيام حول المقاتلين الشجعان الذين ارادوا مقاومة الاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان في ثمانينات القرن الماضي لكنهم سقطوا في كمائن الاحتلال قبل ان ينصبوا له كمائنهم. ويذكر مَن رافق تلك الحقبة ان الرسالة الواضحة التي ابلغتها دمشق الى قادة جبهة المقاومة الوطنية ان لا عمليات ضد اسرائيل من دون علمنا. ولتأكيد جدية الرسالة، كان سقوط المقاومين قبل ان يبلغوا غاياتهم ليسقط مع هؤلاء القادة تباعاً لتخلو بعدئذ الساحة لـ”حزب الله” الذي صار الوكيل الحصري للنضال ضد اسرائيل. ولم يتطلب ذلك الواقع كثيرا من الجهد لمعرفة ان الكمائن الاسرائيلية كانت من اعداد النظام السوري وبتسهيل من اعوانه اتباع نظام الملالي في ايران. ثم تواصلت الكمائن لتشمل ايضاً من هم خارج اليسار. فكان الضحايا ايضاً من تيارات قومية واسلامية. وليس صدفة أن مقاومين كباراً من انصار الامام موسى الصدر لاقوا حتفهم فيما كانوا يمتنعون عن قبول عروض رسل طهران ووسطائها بالقتال تحت رايتها. وحتى اليوم، وفي الرواية التي يفرضها “حزب الله” لا وجود لوقائع العملية الاولى التي افتتحت تاريخ العمليات الاستشهادية عبر الآليات المحشوة بالمتفجرات التي اجتاحت مواقع الاحتلال الاسرائيلي. وما لم يقله الحزب يرويه نيكولاس بلانفورد في كتابه “محاربو الله”. وينقل عن بلال شرارة من حركة “فتح” آنذاك ان عماد مغنية سعى الى توفير المتفجرات لأحمد قصير ابن الـ17 عاماً فلم يلق تجاوباً الا من خليل الوزير (ابو جهاد) قائد “فتح” البارز فكانت العملية الاولى من نوعها التي نفذها قصير بنفسه في 11 تشرين الثاني 1982.

انه الكتاب القديم الذي يحاول ابناء النظامين السوري والايراني العودة الى القراءة فيه. ويقول احد النواب من ذوي المعرفة بأحوال الحركات الاصولية لكاتب هذه السطور ان الدخول الى الاراضي السورية عبر الحدود الشمالية يحمل طابع نقل المساعدات الانسانية واهمها الادوية. وترافق كل حملة حراسة لتوفير الحماية لها. وما حصل مع الشبان في آخر مرة ان اختراقا لأعوان النظام السوري اوقعهم في كمينه.

انه النظام نفسه واعوانه الذين اوقعوا مقاومي اسرائيل في كمائنها يوقعون اليوم مقاومي الديكتاتور السوري في كمائنه. واثبتت التجارب ان لا فرق بين اسرائيل وهذا الديكتاتور. وما هو مطلوب اليوم، كان مطلوبا سابقاً اي حصرية الحركة بـ”حزب الله”. حتى ان اللواء وسام الحسن الذي تجرأ على النظام السوري فكشف مخططه الاجرامي عبر المملوك – سماحة يطارد اليوم في ذكرى اربعين استشهاده برصاص اتباع هذا النظام على جبهة باب التبانة بعل محسن.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى