صفحات سورية

الكورد السوريون بين عبثية البعض وعقلانية الآخر


إبراهيم إبراهيم

إذاً و يمضي التاريخ و تمضي معه البشرية في محاولة مستمرة للسيطرة على جزئيات ميكانيكيتها و تحويل مسار حركته لصالحها بما يناسب مصالحها حيث لكل جماعة سياسية و اجتماعية مواصفات و مميزات تحدد نوعية المصالح التي تؤمن لها البقاء كعضو في مؤسسة البشرية الكبرى.

و يتحدد طبيعة العضو الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية في المجتمع البشري أو العالمي طبقا لدرجة ثقافته و التقدم التقني و التطور التكنولوجي السائد، و بالقفز على كردستان الجغرافية و السياسة ذات المساحة الكبيرة و الخطيرة في آن و التي لا أستطيع التحكم بقراءتها و تحديد اتجاهاتها و مفاهيمها رغبت بالاستقرار في بقعة من تلك المساحة التي قد تكون صغيرة تناسب أدواتي التحليلية و النقدية لوجودها الجيوسياسي التي استطيع و بكل تواضع تشخيص الحالة العامة لهذه البقعة التي تمثلها جغرافياً ثلاثة مناطق موزعة على امتداد الخط الفاصل بين الدولة التركية و السورية ” الجزيرة، عفرين، كوباني ” و أثنياً بين 2،5 إلى 3 مليون كردياً ويمثلها سياسياً مجموعة من حركة سياسية مؤلفة من العديد من الاحزاب و التيارات و المجموعات الشبابية التي اقرزتها الحراك الشعبي السوري الاخير.

إن الدارس للطبيعة الثقافية و المكونات التاريخية للوجود الاجتماعي الكردستاني عامة و الكردي السوري خاصة والتي تحدد الوعي الاجتماعي المؤسس للإطار المدني و السياسي له يرى بأن معظم هذه المكونات و التي مازالت تحدد ملامح الكردي السوري هي غير صحية بالمعنى الحديث و العلمي لمكونات الثقافة و نتاجها من الوعي الاجتماعي و السياسي، فطبيعة العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع الكردي و دون أدخل في تفاصيل تحليلية كانت ذات تأثير سلبي في عملية مواكبة حركة التاريخ السريعة مما أثر على درجة الثقافة لدى الكردي السوري لينحصر بين الرغبة في تطوير شخصيته و الاشتراطات الاجتماعية المقيدة لإنطلاقته نحو المساحة الاوسع في الفكر و المعرفة مما أدخله في حالة من التخبط الفكري و العبث السياسي و لعل ما يحدث اليوم على الساحة الكردية السورية من تناحرات لا مبرر لها هي نتاج ذاك الموروث الثقافي الذي تحدثنا عنه و قطبي هذا التناحر هو الاول مجموعة شبابية و بعض التيارات السياسية و بعض الشخصيات من جهة و حزب الاتحاد الديمقراطي و المؤسسات التابعة له و يجاوره في الكثير من الجوانب بعض التيارات في المجلس الوطني الكردي المؤسَسْ حديثاً و هو القطب الثاني و الاكثر شعبية و يقوده حزب الاتحاد الديمقراطي الاكثر شعبية و قوة و تنظيماً و بالتالي عقلانية والمستهدف الأساسي من القطب الاول لأسباب كثيرة سنأتي إلى ذكرها لاحقاً و يعتبر من أقوى الاحزاب الكردية و السورية جماهيرية و تنظيماً ” التقرير السنوي لحلف الناتو التي نشرت في الشهر الرابع من 2012 ” و بدرجة أقل منه يأتي المجلس الوطني الكردي، فالمجموعة الاولى هي أيضاً مقسمة و مختلفة على الاقل ثقافياً فيما بينها و هذا ما يحدد أساليب تعاملها غير الواقعي مع الجهة الاخرى الـ ” ب ي د ” التي بدورها تملك ثقافة قريبة من الراديكالية اليسارية لتأخذ مفاهيم خاصة و نظريات مختلفة للفكر القومي و السياسي الكردي السائد أسسها المفكر و القائد السياسي الكردي عبدالله أوجلان و الذي يعتبر من القادة الكرد الاوائل في تاريخ حركة الشعب الكردي و تكونت هذه النظريات و المفاهيم طبقاً لطبيعة ظروف النضالية و التاريخية التي مر بها حزب العمال الكردستاني و قائده و هو يعتبر الاب الروحي و السياسي و الفلسفي لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري القطب الاكثر تأثيراً في الحراك السوري الدائر و الذي تشير معطياته العملية و النظرية بانه الحزب المغاير فكرياً و سياسياً لسياسة القطب الاول من أقطاب التناحر الكردي السوري، فالمجموعة الاولى “بعض الشباب و التيارات و الشخصيات المعارضة للقطب الثاني ” بالنسبة للشباب هم بمجلمهم تتراوح أعمارهم بين 15 – 30 عاماً و هذه الفترة المكونة لشخصيتهم السياسية و الثقافية غيرقادرة و برأي المتواضع على قيادة مرحلة تعتبر من أخطر و اعقد المراحل التاريخية التي يمر بها الشعب السوري عامة و الكردي خاصة لإشتراك أكثر العناصر السياسية و الاقتصادية و العسكرية العالمية قوة و خبرة و خطورة و أكثر من ذلك هو درايتها الكاملة بتفاصيل اللعبة السياسية التي تُلعب لما تملك من عقول و مؤسسات مختصة فضلاً على أن معظم الشباب هم نتاج الحركة السياسية الكردية السورية ذات الطابع الكلاسيكي و النظري في عمله السياسي على عكس الاتحاد الديمقراطي الديناميكي و الذي يربط دائماً القول بالفعل، إن السرعة الفائقة التي قادت الاحداث أو الثورة السورية التي أذهلت و أدخلت ليس فقط الشباب الكورد في حالة تخبط سياسي بل مجموع القوى الكردية و السورية مما أنتج ضعفاً واضحاً في مواكبة الاحداث كما تقتضي الواقعية السياسية و لعل تأخر الحركة السياسية الكردية و تخبطها جراء عنصر المفاجئة في سرعة الاحداث و تطورها لم تكن قادرة على استيعاب هذه الطاقة الشبابية و توظيفها في الاتجاه الصحيح و توظيفها في خدمة القضية الوطنية و القومية للشعب الكردي في سوريا و كسب الظرف الجديد لصالحها و هذا ما فتح الطريق أمام بعض قوى المعارضة السورية إلى استغلال حماسهم و توقهم للحرية و الديمقراطية و توظيف هذا الحماس لمآربهم الايديولوجية الخاصة و هذا الوضع الشبابي الجديد و الاهمية التي أولتها اياهم تلك القوى المعارضة ضاحبة الفكر الانغلاقي و القومي العربي و الديني و بعض ممن معها من الشخصيات الكردية التي توافقت معها حيث نشوة الظهور و الاحساس بالأنا على حساب الـ نحن تسيطر عليهم دون مهملة العمق السياسي و أهدافه لما يجري و ما الغاية و ما هي المصالح و المراكز الكبرى و التاريخ و ما الدور الكردي و ماهيته…؟؟؟ أما بالنسبة لبعض الشخصيات و التيارات السياسية المعارضة لـحزب الـ ب ي د فهي بالاصل أقل ما يمكن أن نقول عنهم معارضين غير واقعيين في معارضتهم فهذه هي الطبقة التي لعبت الدور السلبي في حركة الفكر السياسي الكردي السوري عبر الامراض السياسية و الاجتماعية و حتى النفسية التي تعتبر من الامراض العضال و هي في معظمها ذات ثقافة و عقلية إقصائية و أنانية سلطوية و هي مازالت تؤمن بالمدارس السياسية و الفكرية من اليسار و اليمين و الواقعية الاشتراكية و قضية الابيض و الاسود في العلاقات الانسانية عامة و السياسية خاصة القضايا و المدارس التي اندثرت مع العولمة و أنتهاء الحرب الباردة و أنهيار الاتحاد السوفيتي و ظهور مفاهيم سياسية و اقتصادية و اجتماعية جديدة تعبر عن العالم الجديد، إن ظهور الـ ب ي د بهذه القوة غير المتوقعة و المفاجئة لهم جعلتهم أيضاً في حالة فقدانهم لاتجاهاتهم المغناطيسية و كان تحويل الزخم الجماهيري من محيطهم إلى محيط الحزب ( ب ي د ) أثراً في انكسار خطهم الفكري و الاجتماعي بين الناس مما شكل لهم حالة من الهيستيريا السياسية و الاجتماعية و إعلان الحرب على الحزب الجديد الذي بات يملك أكثر من نصف الشارع الكردي دون تخطيط و دراسة و اتبع الاساليب الذي يؤمن بها و التي لم تعد صالحة كمحاولة تنشيط العقلية المؤامراتية و التخوينية في بعض المساحة الضيقة من محيطه لإثارة بعض التساؤلات و إنشغال الشعب بها لكن و رغم وجود بعض المُنَغِصات يتبين أن حركة التاريخ أسرع منهم و أن المفاهيم الضحلة تمحى مع رياح القوة الشعبية ذات الفكر المغاير لكلاسسكيتهم الفكرية و السياسية، فالاحداث الاخيرة التي ظهرت في المناطق الاخيرة هي نتيجة لذاك التخبط السياسي للمدارس السياسية التي باتت على وشك الفناء لعدم إمكانياتها في تقبل الآخر الجديد و المغاير لذلك هي تبحث أية و سيلة و في شتى الاتجاهات لمخالفات أخلاقية و السياسية كي لا تنسى و تتذكرها الناس.

إن هذا التضخيم و الاثارة من قبل البعض لممارسات الـ ب ي د غير مبررة بالمطلق و هي تدخل في نطاق الاحساس بالنقص و البحث عن موقع تحت الضوء طالما أطفئت عناصر اللحظة أضواءها، إن الـ ب ي د حزب سياسي كردي سوري و سياسته و فكره الايديولوجي لا تسيئ و لا تلغي أحداً هو بالاصل غير موجود عملياً و وجوده نظري وكتابي فقط في الأوراق التي تشبه البيانات السياسية و لنكن واضحين و واقعيين و لو لمرة واحدة الكثير يطالب بإشراك الفصائل الكردية الاخرى بالنشاطات و الاعمال و القرارات و بشكل خاص في عفرين ما هي الفصائل الكوردية الموجودة على الساحة السياسية في عفرين من غير الـ ب ي د…؟؟؟

الاقوى وجوداً بعد الـ ب ي د هو حزب الوحدة الديمقراطي الكردي ” يكيتي ” و هذا الحزب عندما تبنى الواقعية السياسية و نسق في الكثير من الامور مع الـ ب ي د للحفاظ على الامن و السلم في المناطق الكردية و كان على مسافة قريبة من الـ ب ي د اتهمه البعض العبثي بالعمالة لـ الـ ب ك ك و هناك إلى اليوم من يحاول عكر الصفو في هذه العلاقة.

حزب آزادي لا يتجاوز أعضائه و كحد أعلى في كل من حلب و عفرين 50 – 60 عضوأ

حزب البارتي عبدالحكيم بشار لا يتجاوز عددهم من 30 – 40 عضواً طبعاً هناك مؤيدين للخط البرزاني لكن هذا لا يعني أنهم مؤيدين للبارتي.

البارتي نصرالدين 5 – 10 عضواً

الحزب الكردي الديمقراطي السوري 5 – 10 عضواً

اليكيتي الكردي 20 -30 عضواً

تنسيقية التآخي الشبابية ولعدم وجود إطار تنظيمي لها فلم نستطع حصرها في عدد تقريبي إلى أن أحد مؤيديها صرح بأن عددهم تجاوز 300 مؤيداً أما الاحزاب الاخرى فهي غير موجودة بالمطلق في عفرين. في الوقت الذي تؤكد مصادري الخاصة أن عدد الحواجز الامنية في منطقة عفرين تجاوز الـ 350 حاجز أذا فكيف يمكن لحزب مثل حزبي نصرالدين و الكردي الديمقراطي السوري أو حتى اليكيتي أو آزادي تغطية هذا العدد من الحواجز و التنسيق مع الـ الـ ب ي د المنتشر و بأعداد كبيرة في جميع القرى و المدن في منطقة عفرين هذا إذا تجاوزنا أن السؤال عن مكان إقامة أعضاء الاحزاب، هل مقيمين في حلب أم في عفرين أم في راجو أو جنديريس أو معبطلي.

إذا الامر ليس محصوراً في استبداد و استحواذ الـ ب ي د على القرار أو على الوضع العام كما تبدي لنا الحقائق إنما في الامر الكثير من إشارات الاستفهام هذا السؤال ملقى في ملعب مثيري الحجج و المتاعب ليس فقط للـ ب ي د بل لمعظم الاكراد و إدعائهم بالخلاف و الاختلاف الفكري بينهم و بين الـ ب ي د على أساس أنهم ديمقراطيون و لبيراليون و أن الـ ب ي د إقصائيين و ديكتاتوريين لم تعد مقنعة أما عن علاقة الـ ب ي د بالنظام السوري فلم يعد لها أية حجج أو براهين نظرية أو مادية.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى