صفحات العالم

اللاجئون السوريون في العراق


رأي القدس

موقف الحكومة العراقية من اللاجئين السوريين الفارين بارواحهم من الموت يثير الاحباط والقلق في الوقت نفسه، ويكشف عن قسوة لا مبرر لها على الاطلاق، خاصة ان رئيس هذه الحكومة السيد نوري المالكي كان لاجئا في دمشق عندما كان معارضا لنظام الرئيس العراقي صدام حسين.

الحكومة العراقية اغلقت ابوابها في وجه اللاجئين السوريين، ثم تراجعت عن هذا الموقف المخجل بفضل الضغوط المحلية والدولية، ولكن هذا التراجع المفروض كان ظاهريا، لان المعاملة الرسمية لهؤلاء اللاجئين اتسمت بالقسوة والشكوك في الوقت نفسه.

السوريون، شعبا وحكومة، فتحوا ابواب بيوتهم وقلوبهم لاكثر من مليون ونصف المليون عراقي لجأوا الى بلادهم هربا من السيارات المفخخة واعمال القتل الطائفي عندما بلغت ذروتها في عامي 2006 و2007 واقتسموا معهم لقمة العيش، ولذلك فان موقف الحكومة العراقية من اللاجئين السوريين وهم بالآلاف فقط يعكس نكران الجميل، وتقديم الاعتبارات السياسية والمذهبية على الاعتبارات الانسانية.

بعض الصحافيين الذين زاروا العراق واطلعوا على احوال اللاجئين السوريين قدموا صورة مخيبة للآمال، فمراسل صحيفة ‘النيويورك تايمز’ الامريكية قال ان هؤلاء يوضعون في معسكرات وسط اجراءات امنية مشددة، حتى ان احدى الاسر تعرضت للمنع من العودة الى سورية فضلت مواجهة الموت على تحمل المعاملة القاسية بمعسكرات الاعتقال التي وضعت فيها.

العشائر العراقية في الانبار التي تعتبر اللاجئين السوريين المقيمين في مناطق محاذية للحدود العراقية مثل دير الزور امتدادا لها، تظاهرت وسط درجات حرارة مرتفعة في صيف قائظ احتجاجا على المعاملة السيئة التي يلقاها اللاجئون. فقد فوجئ شيوخ هذه العشائر لمنعهم من زيارة هؤلاء اللاجئين والترحيب بهم في بيوتهم.

صحيح ان الحكومة العراقية تخشى من وجود جماعات او عناصر متطرفة في اوساط اللاجئين، يمكن ان تنفذ اعمال عنف وتفجيرات، ولكن هذا لا يعني تحميل الغالبية الساحقة من هؤلاء مسؤولية هذا الانطباع المسبق الذي لا توجد له اي دلائل عملية مثبتة على ارض الواقع.

ثمانية آلاف سوري وصلوا الى العراق هربا من المعارك الغالبية الساحقة منهم عائلات باطفالها، وهذا رقم صغير بالمقارنة مع اربعين الفا لجأوا الى تركيا، واكثر من ضعف هذا الرقم الى كل من الاردن ولبنان.

اللاجئون السوريون يتساءلون بحرقة حول اسباب هذه المعاملة السيئة، والقيود التي تفرض عليهم وتحول دون مغادرتهم مراكز اقامتهم الا في حالات استثنائية نادرة بينما كان نظراؤهم العراقيون وهم بمئات الآلاف يتحركون بحرية دون اي قيود في سورية، بالاضافة الى استخدام المرافق العامة والخدمات التعليمية والصحية مثلهم مثل المواطنين السوريين دون اي تفرقة رغم موارد سورية المحدودة للغاية.

نستغرب بشدة هذا الموقف من الحكومة العراقية التي تحكم بلدا كان مصدرا للاجئين الى مختلف انحاء العالم، ودول الجوار والاردن وسورية على وجه التحديد، فمعظم اعضاء الحكومة العراقية الحالية، ومعظم النواب وقادة المعارضة كانوا في الاساس من اللاجئين، فهل نسي هؤلاء المعاملة الطيبة التي قوبلوا بها في المنافي، وما زال يقابل بها اكثر من اربعة ملايين عراقي مصنفين في خانة اللاجئين؟

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى