المؤتمر الوطني الكوردي فشل أم نجح في توحيد صفوف الكورد ؟
زارا مستو
– إن المطالبة بتشكيل إطار يضم الحركة الكوردية بكافة تفرعاتها السياسية والثقافية والاجتماعية والحقوقية والشبابية في سوريا, في خضم هذه الأحداث والمتغيرات التي تعصف بسوريا والمنطقة برمتها, لضرورة وطنية وقومية بالمعايير كلها.
وليس خافيا على أحد أن الحركة الكوردية بتفرعاتها جميعها تفتقر إلى التجربة الديمقراطية والوعي الديمقراطي, وثقافة العمل الجماعي والمؤسساتي, وهذه سمة تتسم بها قوى المعارضة السورية برمتها, ولا تحصر المسألة في الحركة الكوردية وحدها, فإنّ الثقافة السائدة في المنطقة هي الثقافة الشمولية – التي يتحكم بخيوطها الفرد, وهي محكومة بمنظومة فكرية معلبة عصية على التغيير إلى حد ما, إن جاز التعبير.
إن تجارب القوى الكوردية في هذ الصدد, كانت متواضعة, وباءت معظمها بالفشل, إن لم نقل كلها, لا نبالغ إذا قلنا إن إيجاد إطار يضم الجميع في ظل هذا الواقع الراهن المأزوم يعتبر ليس بأمر سهل , فإن انعقاد المؤتمر الوطني الكوردي, والتوافق على مشروع كوردي, – قياسا للظروف الراهنة- يعتبر إنجازا كبيرا, لكن ستبقى الغاية هي الصيغة الأجمع التي يضم الجميع, وواجب أن نعمل من أجلها إلى حين أن ندخل مرحلة جديدة, والتي ستكون صناديق الاقتراع فيها سيد الموقف.
– إن معظم الخلافات القائمة الجلية بين هذه الأطراف تتمحور في نقطتين:
الجانب التنظيمي: و ظهر ت الخلافات منذ بداية فكرة المؤتمر بين المستقلين والحزبيين أنفسهم حول بعض الآليات في كيفية انعقاد المؤتمر, والإشراف عليه, وعلى أثرها انسحب بعض المستقلين, واعلنوا الحرب على هذه الهيكلية ,واستبعد بعض أطراف حزبية وغير حزبية, نتيجة خلافات حزبية حزبية, مما أدى إلى ظهور تشكيل شريحة خارج المؤتمر كان بإمكان هذه الأحزاب والقوى التفاهم معا وتلافي المعوقات, وخاصة تلك الخلافات التي كانت تنحصر في الآليات التنظيمية, وهذا مأخذ كبير يسجل على تلك الأحزاب التي قادت المؤتمر.
الجانب السياسي:
ولم يقتنع البعض من المثقفين و الشباب و الأحزاب أصلا بتلك الأحزاب, ورؤيتها حيال الأوضاع في سوريا, ولم تشارك, واتّخذت مواقف مسبقة دون أن تنتظر النتائج.
فإن الذين اتّخذوا- سياسيا- المواقف المسبقة, هم يتحملون جزءاً من مسؤولية ما جرى, وقلّما نجد مواقف موضوعية تقيم المؤتمر موضوعياً, تذكر الإيجابيات والسلبيات, حتى وصل بالبعض أن يخون ويشطب – مسبقا – المؤتمر من الخارطة السياسية نهائيا, لاعتبارات شخصية لا أكثر, فإن هذه الاتهامات المجانية لا تنسجم مع طبيعة هذه المرحلة وخصوصيتها, فالمطلوب هو ذلك النقد الذي يبني, لا الذي يهدم.
– الشعب الكوردي مكوّن بارز وأساسي من مكونات الشعب السوري, لا يمكن استغناء عنه فتمثيله يعطي الشرعية لسوريا الجديدة, أما المؤتمر الوطني الكوردي فإنه يمثل شريحة واسعة من الشعب الكوردي فسيكون دوره مهما, فهو لا يمثل الكورد كلهم, لكنّه يمثل فئات واسعة, أما أن نقول إن المؤتمر فشل في توحيد صفوف الكورد, فهو قول غير دقيق, لأن معايير الشرعية لن تكون كلية شاملة, بل هي تنحصر في صيغة الأغلبية, وحتى إنْ انضمّت بقية الأطراف فسنجد معارضة أخرى تعارض هذا المؤتمر, وبالتالي من المستحيل أن نجد إطارا يضم الجميع سواء لدى الكورد أم لدى أية معارضة أخرى في العالم.
– من الأخطاء الشائعة في السياسة, أن يتّخذ السياسي مواقف سياسية مسبقة حيال الأوضاع التي تعنيه, فإنّ سوريا مقبلة على الاحتمالات كلّها, وعلى السياسي أن يستعد للخيارات جميعها, وهذه الأحزاب نفسها رفضت الحوار في ظل هذه الأوضاع مع النظام, وهي جزء من القوى الموجودة في الساحة, ولا شك أن ما جاء بصدد الحوار”ضرورة عدم القيام بإجراء أي حوار مع السلطة بشكل منفرد”, فهو قبل كل شيء موقف سياسي نابع من مصلحة الشعب السوري عامة والكوردي خاصة, وله دلالات ومعان عدة.
– طرح المؤتمر خطابا سياسيا جديدا وموحدا, كان بمثابة مفاجأة للكثيرين, وإن كان عليه بعض الملاحظات, فإن الجانب السياسي لن يكون عائقا كبيرا بقدر الجانب التنظيمي, في الحوارات مستقبلا, ولذلك يجب أن يتم تشكيل لجنة لمباشرة الحوار مع القوى الموجودة خارج المؤتمر , وهناك نسبة كبيرة من المستقلين ممثلين في المؤتمر, قادرين على لعب الدور الوسيط كون أغلب الخلافات كانت مع الحزبيين, وعندها ستكون هناك نتائج إيجابية بدون شك, وأيضاً تستطيع مواقع النت أن تلعب دورا آخر مهما وعلى رأسهم موقع ولا ت مه وكميا كوردا وغيرهم حيث كانت لهم دور بارز في طرح فكرة هذا المؤتمر, وأن يكونوا مرة أخرى وسيلة ضغط لتوحيد كافة الجهود- مشكورين جهودهم, والمرحلة المقبلة كفيلة بمزيد من الإجابات.