صفحات الرأي

المتغيرات الاجتماعية المحددة للدساتير


على ليـلــة

تمهيد: تعتبر الدساتير واللوائح آليات تحدد حركة التاريخ، وتصنعه أحيانا بحيث يمكن قراءة الحالة التى عليها أوضاع المجتمع فى مرحلة معينة من خلال الوثائق الدستورية التى ظهرت فى فضاء هذه المرحلة. وإذا كان تدفق حركة التاريخ تنظمها وتحدد إتجاهها الوثائق الدستورية.

، فإن ثمة متغيرات كامنة فى بنية المجتمع ونظامه السياسى هى التى تحدد طبيعة التفاعلات الاجتماعية التى تقع فى المجتمع، حيث تكمن هذه المتغيرات فى منطقة ما وراء الدساتير، أى فى السياق الاجتماعى الذى تتفاعل على ساحتة القوى الاجتماعية التى تولت صياغتها وإصدارها، والتى حددت الأهداف المطلوب تحقيقها من وراء الوثيقية الدستورية كذلك، والفواعل التى تتفاعل مع بعضها بعضاً ليخرج الدستور بالنحو الذى خرج عليه.

ومن الواضح أن الحالة التى عليها الوثيقة الدستورية هى ذات الحالة التى عليها أوضاع المجتمع، فحيثما كان المجتمع مستقراً، تتدفق التفاعلات فى مجراه بصورة سلسلة وهادئة ومرنة كلما كانت الوثيقة الدستورية للمجتمع أكثر ثباتا وأكثر قوة. لذلك تختلف المجتمعات عن بعضها بعضاً من حيث درجة الوعى الدستورى الذى توافر لها، وهو الوعى الذى يتحقق بتاريخية الخبرة الدستورية من ناحية، ومستوى التحديث الذى بلغه المجتمع، ومن ثم درجة الأستقرار التى تحققت له من ناحية ثانية. فهناك مجتمعات عديدة تحقق لها استقرار اجتماعى دائم تقريبا، وثبات دستورى ملازم له، فاستقرارها ثابت ودستورها دائم لمئات السنين، فى حين أن هناك مجتمعات تغير وثائقها الدستورية عدة مرات ربما خلال عقد واحد، وهو الأمر الذى يشير إما إلى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعى، أو إلى تأثير متغيرات غير متوقعة، أو إلى وعى محدود وقصير المدى.

وإذا كانت ميزة علم التاريخ أن يسبر غور المفرد الاجتماعى فى محاولة للتعرف على مقدماته وأسبابه والتفاعلات الحادثة والمتتابعة بداخله، ثم النتائج المترتبة على ذلك، والتى تشكل بدورها مقومات وأسباب لمفردات اجتماعية تالية، فإن علم الاجتماع يسعى إلى استكشاف التعميم، أو القانون، الذى يحكم المفردات التى تنتمى إلى جنس واحد. إرتباطا بذلك فإن قراءة المفردات أو الوثائق الدستورية المتتابعة يمكن أن تتحقق من زاويتين: الأولى، أن نستكشف مضامين الوثائق الدستورية لتحديد العلاقة بينهما وبين سياقها الاجتماعى، والثانية أن نحاول استكشاف المتغيرات التى تشكل المضامين الدستورية بالنحو الذى تشكلت به. ومن الواضح أن المتغيرات التى ضبطت إيقاع تشكل هذه المضامين، صدرت عن السياق الاجتماعى وتنتمى إليه، سواء كان سياقه قومىاً أو أقليمىاً أو عالمياً.

استناداً إلى ذلك حاولت هذه الدراسة أن تتأمل الوثائق الدستورية للكشف عن طبيعة المتغيرات التى ضبطت صدور مختلف الوثائق الدستورية، ابتداء من لائحة مجلس شورى النواب عام 1866 وحتى التعديلات التى أجريت على دستور 1971 حتى يصبح جسراً ملائما تعبر عليه قضية التوريث. وعلى هذا النحو حاولت هذه الدراسة تجريد بعض المتغيرات الحاكمة لتطور المضامين الدستورية، من خلال قراءة الوثائق الدستورية التى صدرت فى مختلف مراحل التحول الاجتماعى، ابتداء من مرحلة تشكل الهوية الوطنية للمجتمع المصرى، وحتى التحول الذى أسسته ثورة 25 يناير 2011، والذى انطلق بمصر إلى آفاق مستقبل جديد.

ولاً: الحراك الدستورى من الاهتمام بالسياسة إلى الاهتمام بالمجتمع:

يحكم الوثائق الدستورية فى التاريخ المصرى ميل بإتجاه إلى الامتداد والاتساع، من الاهتمام بالقضايا والمسائل ذات العلاقة بالنظام السياسى إلى الاهتمام بقضايا المجتمع. تأكيدا لذلك اننا إذا تأملنا دستور 1923، هو أول الوثائق الدستورية الأكثر إكتمالاً، فإننا سوف نجده أن إهتمامه قد تركز بالأساس على إستكمال بناء الدولة والنظام السياسى، حيث إهتمت بنوده بإستكمال بناء البيروقراطية الحكومية وأسلوب مراقبة الموظفين، إضافة إلى أنه أرسى أسس المرحلة الليبرالية الأولى، حيث حدد السلطات الأساسية ومبدأ الفصل بين السلطات وتأسيس المؤسسات البرلمانية، إلى جانب وضع الأسس لإستكمال البنية الحزبية، ووضع القواعد الأساسية لإستجواب الوزراء إستناداً إلى ومسئوليتهم السياسية، بحيث يمكن القول بأن دستور 1923 وضع أسس الدولة المدنية.

بالإضافة إلى ذلك، إتجهت غالبية مواد الدستور إلى تأكيد ملامح الحياة السياسية والاقتصادية. فإلى جانب إطلاق أسس بناء الحياة الحزبية، والتعددية البرلمانية، وأطلاق الحريات العامة والفردية، وأسس المشاركة السياسية، والتأكيد على نظام السوق الحر فى المجال الاقتصادى، إلى جانب إرساء بعض المبادئ الليبرالية كالتأكيد على حرية الصحافة، وحرية الرأى، وحرية الاعتقاد فى ظل شعار “الدين لله والوطن للجميع”، والمساواة بين المصريين فى الحقوق والواجبات والحفاظ على حرمة المنازل والممتلكات، بحيث يمكن القول بأن دستور 23 وضع أسس الدولة المدنية والحياة الديموقراطية، حيث عالج المسائل المتعلقة بالنظام السياسى دون التطرق إلى القضايا المتعلقة بالمجتمع.

وإذا كانت الفترة من 1952 وحتى 1970 قد شهدت صدور إعلانات دستورية كالإعلان الدستورى الصادر فى 10 ديسمبر 1952، والإعلان الدستورى الثانى الصادر فى 10 فبراير 1953 والذى يتضمن أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال وبعد ثلاث سنوات فى يناير 1956 صدر الإعلان الدستورى النهائى، وفى مارس 1958 صدر دستور الوحدة عام 1958 إثر إعلان الوحدة فى فبراير 1958، ثم الدستور المؤقت لمصر الصادر فى 25 مارس 1964. ونحن إذا تأملنا الوثائق الدستورية لهذه المرحلة، فسوف نجد أنها تعبر عن الحالة الثورية التى عاشها المجتمع حينئذ، والتى إهتمت بتحديد التوجهات الداخلية والأقليمية للمجتمع، إضافة إلى تحديد طبيعة التوجهات الأيديولوجية التى تضبط توجهات النظام السياسى والمجتمع، كالتحرك من الانتماء القومى العربى إلى الانتماء الأشتراكى، وهو الأمر الذى إستتبع تحديد الفئات الاجتماعية الأولى بالإهتمام كالعمال والفلاحين والرأسمالية الوطنية إضافة إلى تحديد هوية التنظيمات السياسية التى تشكل جسر العبور بين الدولة والمجتمع.

وإذا كانت هذه المرحلة قد تميزت بكثافة الاعلانات الدستورية تعبيراً عن الحالة الثورية والتغيرات المتلاحقة التى شهدتها هذه المرحلة. وفى هذا الإطار، فإننا نستطيع القول بأنه إذا كانت الإعلانات الدستورية فى الفترة من 1923 وحتى 1952 كانت تهتم باستكمال البناء السياسى للدولة حينئذ، فإننا نجد أن العلاقات الدستورية للفترة من 1952 حتى 1964، حاولت الاقتراب نسبيا من المجتمع، وفى العموم، فإن هذه الفترة تميزت بعدم الاستقرار الدستورى الذى يتوازى مع عدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى الذى فرضته استكمال مسيرة الثورة.

على خلاف ذلك نجد دستور 1971 الدائم، الذى صدر فى أعقاب وفاة الرئيس عبد الناصر وتولى الرئيس السادات الذى أصدر هذا الدستور، الذى اقترب كثيراً من تناول أوضاع المجتمع، محاولاً الأرتقاء بها، إلى نطاق تحقيق التماسك الاجتماعى. تأكيدا لذلك نصت المادة السابعة من الدستور على أهمية أن يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى، الذى يستند إلى التأكيد على العدالة الاجتماعية ومنع الاحتكار والاستقلال، وتوزيع الأعباء العامة بصورة عادلة، وأهمية كفالة الدولة لتكافؤ الفرص بين المواطنين. كما تكفل الدولة توفير الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وبوجه خاص فى القرية، كذلك المادة السابعة التى أكدت على أهمية أن تكفل الدولة التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين، وذلك وفقاً للقانون.

كما أكدت المادة التاسعة من الدستور على الأسرة كأساس للمجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية، كما تحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية، وما يتجسد فيها من قيم وتقاليد. كما أكدت المادة العاشرة حماية الأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب، كذلك أكد الدستور على المقومات الدينية والأخلاقية للمجتمع، حيث نجد أن الدستور يتجه إلى تعميق الالتزام الدينى. ويتجلى ذلك من خلال أنه فى حين أكدت المادة الثانية فى الدستور على أن الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع، فإن هذه المادة عدلت فى 1980، أى بعد تسع سنوات بعد الاستفتاء الشعبى، حيث أصبحت العبارة الثانية من المادة الثانية تنص “على مبادئ الشريعة االإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والقوانين التى تصدرها الدولة”.

وذلك يعنى، حسبما تشير المضامين الدستورية، أنه إذا كانت الليبرالية الأولى قد قصرت اللعبة السياسية على النخبة السياسية والثقافية والاقتصادية بالمعنى الواسع، وأستخدمت الجماهير كآلية للضغط الذى تتطلبه ظروف سياسية محددة. فإننا نجد أن المرحلة الاشتراكية نزلت حسبما تذهب المضامين الدستورية إلى الجماهير فى المجتمع، تدعوها إلى المشاركة، خاصة الفئات الأولى بالرعاية من قبل التوجه الاشتراكى كالعمال والفلاحين والطبقة المتوسطة عموما، باعتبار الألتزام الإشتراكى للزعيم عبد الناصر. يضاف إلى ذلك فإننا نجد أن العقد الأول من الليبرالية الثانية شهد إهتماما بتطوير أوضاع المواطنين فى المجتمع، بل والحفاظ على التكوينات التى تشكل مقومات المجتمع. ربما يرجع ذلك إلى أن الرئيس السادات الذى صدر فى عصره دستور 1971، قد استدعى بنزعته الأبوية ميراثه الريفى المؤكد على تقاليد القرية، والأسرة المصرية الصغيرة أو الكبيرة “المجتمع”، التى إعتبر نفسه ربالها. على هذا النحو، نجد أن المضامين الدستورية تحركت فى خلال خمسة عقود مما هو سياسى إلى ما هو اجتماعى وسياسى.

ثانياً: تقنين الدساتير وإضفاء الشرعية على التحولات السياسية والاجتماعية الجديدة

الوثيقة الدستورية ذات طبيعة استراتيجية بالأساس، ومن ثم فهى تعبر عن حالة تحول اجتماعى يمر بها المجتمع، تفرضها ضغوط معينة، فى الغالب ذات طبيعة شعبية، وأحيانا ذات طبيعة فئوية أو طبقية، وفى بعض الأحيان ذات طبيعة عالمية باعتبار أن التحولات التى قد يمر بها المجتمع، هى تحولات تتم بفعل قوى إجتماعية، تضغط حتى يقوم النظام السياسى بقيادة المجتمع فى إتجاه محدد، على أن يتم ذلك فى نطاق بيئة عالمية موافقة للتحول أو حتى مضادة له.

على هذا النحو ،فإننا نجد أن الوثيقة الدستورية فى غالب الأحيان هى تقنين لتحول حدث، وأحيانا تدفع المجتمع بإتجاه تحول ينبغى أن يحدث أو يقع. وفى الغالب فإننا نجد أن النخبة الاجتماعية والسياسية والثقافية تقوم بدورها التنويرى بإتجاه الدفع لوقوع التحول، وكذلك بإتجاه تقنينه بوثيقة دستورية. فى هذا الإطار نستطيع أن نرصد فى التاريخ المصرى عدة تحولات أساسية، ذات علاقة عضوية بالوثائق الدستورية.

فى المرحلة الأولى وهى المرحلة صدرت فى نطاقها مجموعة من الوثائق السياسية والدستورية التى عاصرت وشهدت بلورة هوية الدولة المصرية، وهى الهوية التى بدأ تشكلها من خلال ثورة الشعب المصرى فى عام 1805، والذى صدر بتاثيرها فرمان سلطانى ثبت بمقتضاه محمد على باشا واليا على مصر، بإعتبارها ولاية بدأت تنفصل نسبيا عن الخلافة العثمانية.

وفى المرحلة التى تولى فيها محمد على وأبناؤه من بعده شهدت مصر تحولات ونضالات اجتماعية وشعبية انتهت بقيام الثورة العرابية 1881. التى طالبت بتمصير القيادة المصرية للجيش المصرى، إلى جانب المطالبة بعديد من الاصلاحات الاجتماعية والسياسية، وهى المطالبات التى استجاب لها دستور 1882 الذى أصدره الخديوى توفيق ألغته سلطات الاحتلال البريطانى حينئذ، وانتهى استكمال بناء الهوية المصرية من خلال صدور مجموعة من الوثائق الأساسية ذات الطبيعة الدستورية كالسياستنامة التى صدرت فى عام 1837، ولائحة مجلس شورى النواب فى 1876 والتى رفضها الخديوى توفيق، بحيث لعب هذا الظرف دوراً فى اندلاع الثورة العرابية، التى طالبت بتشكيل مجلس النواب، وأجبر الخديوى توفيق على قبول إعادة الحياة النيابية، وأجريت إنتخابات بمجلس شورى النواب، وفى 7 فبراير1882، أصدر الخديوى توفيق القانون الأساسى، واللائحة الأساسية التى صدرت فى 53 مادة تضمنت أن تكون الوزارة مسئولة أمام مجلس النواب، الذى له سلطة التشريع، ومساءلة الوزراء. ويدرك المتأمل لهذه اللأئحة عن تضمنها لنظام نيابى متقدم، حتى تدخلت أنجلترا وأحتلت مصر عسكريا، وفشلت هذه التجربة الدستورية.

ووفقا للسياستنامة تم تنظيم الحكومة فى سبعة دواوين، كما تبلورت السلطة القضائية للضبط والربط فى القاهرة، وبداية تشكيل الوزارات الأساسية. وبموجب لائحة مجلس النواب فى عام 1866 أنشأ الخديوى إسماعيل مجلس شورى النواب ووضع نظامه فى لائحتين عرفت الأولى باسم اللائحة الأساسية، حيث منح المجلس بموجبها صلاحيات كثيرة، وفى 1878 أنشئ مجلس للنظار، وإرتباطا بذلك تم تقدير المسئولية الوزارية بموجب لائحة يونيو 1979 كذلك الائحة الأساسية فى 1882 والقانون النظامى المصرى الصادر فى مايو 1883 والقانون النظامى الصادر فى 1913 حتى صدور تصريح فبراير 1922 والذى إعترف بالإستقلال القانونى لمصر، وألغى الحماية البريطانية، وتحول اسمها من سلطنة إلى مملكة.

ويمكن القول بأن النخبة السياسية والثقافية قد لعبت دوراً سياسيا فى هذا التحول، إبتداء من الدور الذى لعبته النخبة الدينية، وهو الدور الذى توج بتولية محمد على واليا على مصر. إضافة أيضاً إلى دورها فى الإسهام فى بناء المشروع الاجتماعى والسياسى لمحمد على باشا ومن بعدها الخديوى إسماعيل، إضافة إلى الدور الذى لعبته هذه النخبة فى المرحلة السابقة على الثورة العرابية، حيث تمثل ذلك فى ظهور المعارضة السياسية فى مجلس شورى النواب، كما قام بعض الكتاب بدورهم التنويرى فى الصحف، فى هذه الفترة إتجه دور النخبة حينئذ نحو بلورة وتعزيز المطالب الشعبية بإنشاء مجلس له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع، إضافة إلى المطالبة بالاستقلال وإستنفار الارادة الشعبية حتى قيام ثورة 1919 ، وهى الثورة التى شكلت طاقة ضاغطة لصدور إعلان 28 فبراير 1922، بحيث يمكن القول بأن ضغط النخبة، وقدرتهم على إستنفار الارادة الشعبية لعب دور أساسيا فى تأسيس التحولات المتتابعة التى وقعت على مدى مائة سنة تقريبا، صدرت فيها عديد من الوثائق الدستورية التى بلورت ملامح هذا التحول.

وإذا كانت المرحلة الأولى قد شهدت وقوع تفاعلات وتحولات ساعدت على بلورة هوية الدولة المصرية، فإننا نجد أن التحولات التى بدأت بثورة 1919، كانت تشير إلى بداية وقوع تحول جديد تأثر بالتحولات التى وقعت على الصعيد العالمى، منها إعلان مبادئ الرئيس ويلسون، وقيام الثور البلشفية فى روسيا وتأسيس الاتحاد السوفيتى، والإنقسام الأيديولوجى الذى وقع فى أوروبا. كما ساعدت على تفجر الثورة _ التى شكلت بداية التحول الثانى الذى وقع على ساحة المجتمع المصرى – الأضرار التى سببها الاحتلال البريطانى لمختلف فئات المجتمع المصرى.

من ذلك مثلا رفض بريطانيا تصنيع مصر، إلى جانب معاناة الطبقة العاملة والبرجوازية المصرية من جراء تغلغل الرأسمالية الأجنبية، بحيث دفعت هذه الظروف إلى جانب أداء النخبة لدورها التنويرى، إلى تفجر ثورة 1919، والتى تحول فيها ما هو إجتماعى إلى ما هو سياسى، حيث تبلورت المطالب الشعبية من خلال الثورة لتتجه إلى المطالبة بالاستقلال التام وليس الحكم الذاتى، وهو ما تحقق نسبيا فى تصريح 22 فبراير 1922، وتأكد بصدور دستور 1923، بحيث دفعت هذه الثورة الإنجليز إلى تقديم تسهيلات للبرجوازية المصرية فى محاولة للالتفاف على الثورة الشعبية.

ومن الواضح أن التحول الثانى كانت له طبيعته السياسية بالأساس، حيث تبلورت هوية النظام السياسى باستكمال تأسيس المجالس النيابية، واستقرار بناء الأحزاب السياسية، بحيث أصبحت اللعبة السياسية بين فواعل أربعة حينئذ. الفاعل الأول يتمثل فى الإنجليز الذين بيدهم السلطة الفعلية فى البلاد، بينما يتحدد الفاعل الثانى بالقصر وعلى رأسه الملك فؤاد. وتشكل الأبنية السياسية كالمجالس النيابية والأحزاب الفاعل الثالث على المسرح السياسى المصرى، يضاف إلى ذلك الفاعل الرابع، والذى يتمثل فى مختلف فئات الشعب التى أصبحت لها قوتها الضاغطة حينئذ، خاصة الفئات التى سكنت السياقات الحضرية، أى المدن، والتى لعبت النخبة دوراً أساسيا فى إنضاج وعيها.

وبغض النظر عن حالة عدم الاستقرار السياسى فى هذه الفترة، وهى الفترة التى إمتدت من عام 1919 وحتى ثورة 1952، والتى ألغيت فيها وثائق دستورية عديدة، كما حدث فى ألغاء الدستور فى عام 1930 وعودة العمل به فى عام 1932، وتبادل الأحزاب، وحتى الفواعل الأربعة المواقع فى اللعبة السياسية لهذه المرحلة، فإن الأمر اللافت للنظر، أنه فى أعقاب نتاج التحول السياسى الذى أسسة ثورة 1919، والذى نظمة وحددت طبيعته مواد ومضامين دستور 1923، فإن النخبة الثقافية والاجتماعية والسياسية، إتجهت حينئذ للاتساع بالنضال مما هو سياسى إلى ما هو إجتماعى، حيث بدأ الحديث عن ضرورة تطوير البناء الصناعى للمجتمع المصرى، وهو التطوير الذى جسدت بعض جوانبه البرجوازية الحضرية بقيادة الزعيم الاقتصادى طلعت باشا حرب، إضافة إلى السعى بإتجاه تطوير البناء الزراعى، وهو الجهد الذى نادت به مختلف النخب الأيديولوجية فى هذه الفترة، وقدمت فى إطاره مشروعات عديدة ماركسية وليبرالية لإصلاح البناء الزراعى والطبقى فى المجتمع المصرى، وهى المشروعات التى لعبت دوراً أساسياً فى بناء المشروع الاجتماعى لثورة يوليو 1952، التى شكلت بداية التحول الثالث. وقد تضافر مع هذه الجهود، تأسيس جماعة الإخوان المسلمين فى عام 1928، التى حاولت الدفاع عن الهوية الثقافية المصرية فى مواجهة الاختراق الثقافى، الذى صاحب الاحتلال البريطانى لمصر، حيث إتجهت إلى الإحياء الدينى كمدخل للإحياء الثقافى، باعتبار أن الدين يشكل فى الغالب قاعدة الثقافة. بحيث يمكن القول بأن العقود الثلاثة التى إمتدت من صدور دستور 1923ن وحتى ثورة 1952 شكلت مقدمات مهدت للتحول الثالث الذى بدأ مع ثورة 1952.

ويمكن القول بأن التحول الثالث كان أكثر التحولات درامية فى التاريخ المصرى، حيث قامت الثورة بواسطة نخبة الطبقة المتوسطة والتى كان عليها أن تواجه ضرورة الوفاء باستحقاقات كثيرة أبرزها إستكمال الاستقلال، الذى وضعت بداياته فى الاستقلال القانونى بدستور 1923، باستكمال جلاء الإنجليز، ثم التأكيد على إنتماء مصر العربى والاتجاه القوى الذى تأكد فى الفترة من 1952 حتى قيام الوحدة المصرية السورية فى 1958، وبانهيار الوحدة فى 1961 بفعل ضغوط القوى الليبرالية على الصعيد الداخلى والاقليمى والعالمى، وهو الأمر الذى دفع القيادة السياسية إلى تبنى الأيديولوجيا الاشتراكية إبتداء من عام 1961، بعد أن أدركت أن القوى الليبرالية لا تريد لمصر استقلالا حقيقيا، إلى أن تمكنت القوى الليبرالية من توجية ضربة قاصمة للتجربة المصرية سواء على مستوى التحديث أو على مستوى الاستقلال فى عام 1967، وهو الأمر الذى دفع النخبة السياسية والثقافية حينئذ إلى التصميم تحت وطأة الضغوط الشعبية حينئذ، على المضى قدماً فى إتجاه تأكيد الاستقلال واستكمال عملية التحديث، وهو التحول الذى تحددت نهايته بموت الزعيم الاشتراكى ناصر.

ونظراً لأن التحول كان شاملاً وفى كل الاتجاهات، فقد تميزت هذه المرحلة بكثافة الاعلانات الدستورية التى توازنت مع كثافة الأحداث التى ميزت هذا التحول، حيث محاولة أعادة صياغة المجتمع المصرى وفق رؤية ثورية جديدة. مثال على ذلك أن دستور 1952 إرتبط بالصراع على السلطة، وهو الصراع الذى قدم فى إطاره دستور 1954 بواسطة أحد أجنحة السلطة، وهو الدستور الذى رفضه الرئيس ناصر، وشكل بعد ثلاث سنوات مجموعة صاغت دستور 1956 .وحينما قامت الوحدة مع سوريا صدر دستور 1958 الذى تشكل من إعادة استدعاء دستور 1956، مع إضافة بعض المواد التى تتناسب مع قيام الوحدة. وحينما وقع الانفصال فى 1961 لم تحدث عودة إلى دستور 1956، ولكن صدر دستور 1964 المؤقت، الذى برزت فيه المضامين الاشتراكية كالتأكيد على نسبة 50٪ من العمال والفلاحين فى التنظيمات السياسية، إلى جانب إضافة بعض المواد التى تدفع بالمجتمع على طريق التوجه الاشتراكى، وهو الأمر الذى يشير إلى تحالف الدولة المصرية حينئذ مع المعسكر الاشتراكى، وارتفاع وتيرة معاداة التوجه الليبرالى سواء على الصعيد الداخلى أو الأقليمى أو العالمى.

وقد بدأ التحول الرابع مع وفاة الرئيس ناصر، وتولى الرئيس السادات الذى إستطاع أن يخرج منتصراً من صراع القوى، والذى سعى فى إطاره الرئيس الجديد تقليص ارتباطاته بالمعسكر الاشتراكى وتعميق علاقاته بالتوجه الليبرالى والقوى الليبرالية فى العالم. ويمكن القول بأن الرئيس السادات شرع فى تأسيس تحول كان محكوما بأريعة قوى، حيث تمثلت القوة الأولى فى التيار الدينى، الذى استدعاه الرئيس السادات لمواجهة الماركسية والناصرية المناوئة، بينما تتمثل القوة الثانية فى الشرائح والفئات الشعبية، التى ينتمى غالبها إلى الطبقة الوسطى، التى استفادت من المرحلة القومية والاشتراكية للرئيس عبد الناصر. حيث أدرك الرئيس السادات أنها سوف تكون قوى مناوئة له، إذا حاول المساس بإمتيازاتها. بينما تمثل الطبقة العليا، التى فرض عليها النظام السياسى الناصرى قدراً كبيراً من العنت القوة الثالثة. حيث سعى الرئيس السادات لعودتها إلى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، للاستفادة منها فى بناء عملية التحديث، وكمدخل للحصول على قبول القوى الرأسمالية العالمية _ وهى القوة الرابعة فى هذه المرحلة _ لتأييد نظامه السياسى، خاصة أنه كان نظام ضعيف الشرعية فى بدايته، بحيث يمكن القول بأن دستور 1971 شكل الساحة التى تفاعلت عليها القوى الأربع، ومن ثم فقد صدر بالأسلوب والطبيعة التى كان عليها.

وحتى يقنن الرئيس السادات تحوله من التوجه الاشتراكى إلى التوجه الليبرالى، تشكلت لجنة لصياغة الدستور، جاءت بدستور يؤسس نظام برلمانى على غرار دستور 1954، غير أن السادات رفضه.، ثم شكلت لجنة جديدة لصياغة دستور 1971، الذى كان من أهم سماته أنه يشكل حالة تحول من الاشتراكية إلى الليبرالية، ومن ثم فقد حمل سماتهما معا. يضاف إلى ذلك ، أن القراءة الفاحصة لهذا الدستور، تشير إلى هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات التشريعية والقضائية. حيث تمت هندسة مواد هذا الدستور بحيث تصبح غالبية الصلاحيات تقريبا فى يد رئيس الجمهورية، دون أن تكون فى يد أى مستوى أدنى من ذلك. وفى عام 1980 كانت شرعية الرئيس السادات قد تدعمت بإنتصار أكتوبر 1973، ومن ثم فقد قرر إجراء تعديل فى سنة 1980 فى المادة 77 بدستور 1971، والخاصة بمدة الرئاسة، وجعلها مدداً بدلا من مدة واحدة، إضافة إلى تعديل المادة المتعلقة بالشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع إرضاءً للقوى الدينية حينئذ.

ويشير المتأمل لدستور 1971 إلى تداخل التوجهات الاشتراكية والليبرالية على ساحته، ارضاء للقوى الاشتراكية من ناحية، فى مقابل ارضاء القوى الليبرالية من ناحية ثانية. ذلك إلى جانب التحلل التدريجى وغير المحسوس من الإرث الاشتراكى، حتى لا يتسبب التغيير الجذرى فى إستنفار القوى الاجتماعية غير الموالية ضد نظامة، فى وقت كانت شرعيتة ضعيفة على نحو ما أشرت.

ولذلك نجد أن مضامين مواد الدستور تعكس تبايناً فى التوجهات الأيديولوجية، تأكيد لذلك ما تذهب إليه المادة الأولى حول بناء مجتمع “ديموقراطى على أساس المواطنة” بدلا من الحديث عن “تحالف قوى الشعب العاملة” . كذلك القول بأن الاقتصاد الوطنى يقوم على الحرية الاقتصادية وكفالة كافة أشكال الملكية، وفى نفس الوقت الحديث عن الحفاظ على حقوق الطبقة العاملة”، والقول فى المادة 24 بأن “الدولة ترعى الإنتاج الوطنى، وتعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية” بدلا من سيطرة الشعب على أدوات الإنتاج. وإلغاء أن تكون الملكية العامة سندا لقوة الوطن وأساساً للنظام الاشتراكى، ومصدراً لرفاهية الشعب من المادة 33″. وفى المادة 33 إلغاء عبارة “بما يؤكد تحالفات قوى الشعب العاملة على مستوى القرية”. وفى المادة 59 إلغاء عبارة “حماية المكاسب الاشتراكية وإستبدالها بحماية البيئة”. وفى المادة 73 رفع عبارة “حماية رئيس الدولة للمكاسب الاشتراكية: وفى المادة 180 رفع عبارة “حماية النضال الشعبى والاشتراكية” . حيث نجد أنه وإن شكل دستور 1971 جسر العبور الهادئ من المرحلة الاشتراكية السابقة إلى الليبرالية المستهدفة، فإن تعديلات 1980 أكدت على التحول الليبرالى، وقامت بتنقية الدستور من بقايا الصياغات المرتبطة بالمرحلة الاشتراكية لأن شرعية النظام أصبحت قوية _ حينئذ _ كما أشرت، بحيث مكنته من إجراء هذه التعديلات.

ومع اغتيال الرئيس السادات وتولى الرئيس مبارك السلطة، بانتقال دستورى هادئ، استمر دستور 1971 بتعديلاته التى صدرت فى 1980 يحكم التحول الليبرالى الجديد الذى كشف عن وجهه صراحة. حيث بدأت عديد من المظاهر السلبية تطفو على سطح المجتمع. من هذه المظاهر زيادة تبعية النظام السياسى والدولة والمجتمع للقوى العالمية، والاندماج السياسى والاقتصادى فى النظام العالمى. بشروط القوى العالمية والمؤسسات الدولية. من المظاهر السلبية أيضا توحش القوى الرأسمالية فى المجتمع، بحيث إتجهت إلى التحالف مع السلطة لتأمين أنشطتها، ومن ثم شوهت التحول الليبرالى الثانى، بممارسة الاحتكار والفساد، الذى تشرته على ساحة النظام السياسى ذاته.

إضافة إلى ظهور نخبة فاسدة، ساعدها فى السيطرة امتلاكها لرأسمال اقتصادى وسياسى واضح، أصبحت تسعى بموجبة وبصورة مستميتة لاستمرار النظام السياسى بقيادة الأب الرئيس العاجز، أو من خلال الإبن الذى لديه شبق الشوق إلى السلطة حتى تؤمن مصالحها، بحيث نجد أن التعديلات الدستورية التى صدرت خلال هذه الفترة، والتى تناولت المواد الدستورية 76،77،78 قد إستهدفت تأمين استمرار التحول المتراجع إلى الخلف، وإلى ضمان بقائه من خلال توريث الإبن دفة قيادة المجتمع، والسعى بإتجاه قطع الطريق أمام أية مطالبات أصلاحية أو تغييرية.

ثالثاًً: الحضور العالمى فى صياغة الوثائق الدستورية

من الواضح أن القراءة المتأملة للدساتير المصرية، أو التعديلات التى أجريت عليها تشير إلى أن البعد العالمى كان حاضراً بصورة واضحة، وذلك باعتبار أن العالم الذى نعيش فيه أصبح قرية صغيرة، مجتمعاتها تؤثر فى بعضها بعضاَ. تأكيدا لذلك أننا إذا تأملنا الصياغات الدستورية التى وقعت فى المائة سنة الأخيرة، لوجدنا أن البعد العالمى كان حاضراً، خاصة أن الفترة التاريخية التى بدأ خلالها العالم يتعرف على بعضه بعضاً، من خلال الموجات الاستعمارية التى إنطلقت من أوروبا إلى مختلف أرجاء العالم المتخلف والنامى، أو بسبب الحروب العالمية الأولى والثانية، إضافة إلى الحركات التى تفجرت على أرض المستعمرات، والتى تسعى إلى الإطاحة بقوى الاستعمار.

ويتمثل أول حضور للبعد العالمى من خلال قوى الاستعمار البريطانى التى تدخلت أكثر من مرة فى الاعلانات الدستورية المصرية سواء بإلغائها، كما حدث بالنسبة للأئحة الدستورية فى عام 1882، وقد تواصل النضال الشعبى بسبب ذلك حتى صدور تصريح 28 فبراير عام 1922، والذى اعترف فيه الاحتلال البريطانى باستقلال مصر، وإلغاء الحماية البريطانية على مصر، ثم صدر دستور 1923 الذى نظم حدود وعلاقات السلطات الثلاث. وقد ظلت قوى الاحتلال حاضرة على الساحة منذ 1982 وحتى 1952، حيث كان لوجودها تأثير بارز، سواء على الإعلانات الدستورية، أو على المؤسسات العاملة وفقا لهذه الدساتير.

ومع قيام ثورة 1952 التى دفعت إليها الطبقة المتوسطة، وجلاء الاحتلال البريطانى عن مصر، بدأت حقبة التنمية والتحديث، والتى تشرذمت بسببها الطبقة المتوسطة إلى فريقين: أحدهما يؤكد على الديموقراطية الليبرالية، وهو الفريق الذى دفع بدستور 1954 الذى رفضه الفريق المقابل بقيادة جمال عبد الناصر، والذى أكد على العدل الاجتماعى، بحيث يمكن القول بأن الديموقراطية الليبرالية والتأكيد على ضرورة العدل الاجتماعى كانتا انعكاساً لأيديولوجيات عالمية، وكذلك أيديولوجيات قوى داخلية متصارعة، هى الأيديولوجيا الليبرالية والأيديولوجيا الاشتراكية. وحينما شنت القوى العالمية الليبرالية العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، وأسقطت طموحات الوحدة فى عام 1961، سقط معها العمل بدستور 1956، ودستور 1958 المرتبط بها. واتجه النظام السياسى حينئذ إلى صياغة دستور 1964 الاشتراكى بطبيعتة، والذى يعكس الحضور الكامل للأيديولوجيا الاشتراكية فى فضاء المجتمع، وهو الأمر الذى يعنى أن الوثائق الدستورية للفترة من 1952 _ وحتى 1970 كانت فى صياغتها ومضامينها متأثرة بحضور القوى العالمية.

وفى الفترة من 1971 وحتى 1980، وهى الفترة التى فتح الرئيس السادات أبواب المجتمع ونوافذه أمام الليبرالية والقوى الليبرالية، نستطيع أن تلمس هذا الحضور العالمى للصياغات الدستورية من خلال ثلاثة أبعاد، حيث يشير البعد الأول إلى الإشارات المتكررة فى دستور 1971، إلى أهمية القطاع الخاص فى قيادة عملية التنمية والتحديث، وهو بعد تؤكد عليه وتدعمه القوى الليبرالية فى العالم، خاصة أن القطاع الخاص القومى والأجنبى يحتمى عادة بنفوذ هذه القوى، ويتمثل البعد الثانى فى التعديلات الدستورية التى تؤكد على التعدد الحزبى، وتأكيد التحول الديموقراطى، من ذلك مثلاً ما تذهب إليه المادة 62 فى دستور 1971، والتى تؤكد على تنظيم النظام الانتخابى بما يضمن تمثيل الأحزاب السياسية وتأكيد تمثيل المرأة فى المجلسين، وهى قضايا تؤكد عليها القوى العالمية بشكل عام. فى حين يتصل البعد الثالث بالتأكيد على خيار السلام، باعتبار أن القوى العالمية يهمها خيار السلام، حيث نص دستور 1971 على التصميم على خيار السلام القائم على العدل، باعتبار أن ذلك يجلب دعم القوى العالمية للنظام السياسى.

وقد استمر نفس المنطق فى عصر الرئيس مبارك، حيث انعكس خضوعة للقوى العالمية من خلال مؤشرات عديدة، كالتأكيد على حقوق المرأة، وتوفير الحد الأدنى لمشاركتها الاجتماعية والسياسية. إضافة إلى تطوير التشريعات سواء داخل بنية الدستور أو فى الصياغات القانونية الأدنى، ويدخل فى هذا الإطار إنشاء المؤسسات القومية للمرأة كالمجلس القومى للمرأة على سبيل المثال. أو تطوير بعض المواد الدستورية التى تشير إلى عمق الالتزام بإنجاز التحول الديموقراطى، ودعم المجتمع المدنى، بإعتبار أن ذلك من شأنه أن يجمّل وجه النظام السياسى على الصعيد العالمى، ولو لم يشر إلى تحقيق إنجازات حقيقية على الصعيد القومى.

المراجــــع

1- رحلة الدستور فى جمهورية مصر العربية، موقع أخبار العالم العربى وأخبار الشرق الأوسط، .

2- محمد زكريا توفيق، مصر والديموقراطية، مطبوعة شهرية، تصدر عن المركز الأمريكى للنشر الألكترونى، فى2012/2/12.

3- توفيق المدينى، المجتمع المدنى والدولة السياسية فى الوطن العربى، منشورات إتحاد الكتاب العربى 1997 .

4- أحمد بلال، تاريخ الحركة الطلابية المصرية، الحوار المتمدن، العدد 749 فى 2004/2/19.

5- مركز الأرض لحقوق الإنسان، التعديلات الدستورية حجر فى مياه عكره، 2006.

6- رؤوف عباس، الطريق إلى الثورة، الحركة الوطنية فى مصر 2008 .

7- مركز تاريخ مصر المعاصر، الدساتير المصرية لنصوص ووثائق 1866-2011، تقديم أحمد زكريا الشلق، دار الكتب والوثائق القومية 2012

عن مجلة الديمقراطية – القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى