المثقف العربي ومتلازمة ميدان تيانانمِن
أراد الباحثان عمرو عثمان ومروة فكري اختبار فرضية معاناة المثقف العربي ما يُعرف بـ “متلازمة تيانانمِن” التي تُحدّد علاقة المثقف بالديمقراطية، في كتابهما “المثقف العربي ومتلازمة ميدان تيانانمِن”، الصادر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (144 صفحةً من القطع الصغير)، والبحث في حزمة التصورات التي تتعلق بنظرة المثقف إلى نفسه وإلى وضعه المجتمعي، وموقفه من جماهير الشعب والسلطة السياسية، فطرحَا أسئلةً من قبيل: ما نظرة المثقفين العرب إلى أنفسهم في مقابل باقي أفراد المجتمع؟ ما فَهْم المثقفين العرب للديمقراطية الإجرائية وعلاقتها بالحريات؟ ما مكانة الديمقراطية في ترتيب أولويات هؤلاء المثقفين؟ كيف يُعرِّف هؤلاء المثقفون أهلية المشاركة في العملية الديمقراطية؟ لماذا يمكن أن يتعاون بعض المثقفين العرب المدافعين عن الحرية مع الأنظمة السلطوية المستبدة؟ هل ثمة علاقة بين موقف المثقفين العرب من الديمقراطية وتوجهاتهم الأيديولوجية؟
هذا الكتاب مؤلف من فصلين. يناقش المؤلفان في الفصل الأول “المثقف وهويته الفردية والمجتمعية”، مجموعة تعريفات للمثقف بوصفه كيانًا مستقلًا وعضوًا في المجتمع في آنٍ واحد، مع تأكيدهما أنّ أيّ تعريف للمثقف يتضمن إشكاليةً لا خلاص منها. فالمعرَّف نفسه هو من يُقدّم التعريف، ومن ثمّ يجب إخضاع المعرِّف للتحليل نفسه الذي أجراه لتعريف المثقف. ومعنى ذلك، كما يقولان، صعوبة القيام بأيّ تعريف عن المثقف والفصل الواضح بين الذات والموضوع، وهو أمرٌ “أدّى ببعض الدارسين إلى النظر إلى إشكالية تعريف المثقف على أنها مشكلة بعد حداثية بامتياز”.
في الفصل الثاني “المثقف العربي والديمقراطية”، يسأل المؤلفان: هل المثقف العربي مُصاب بمتلازمة تيانانمِن؟ وفي مجال إجابتهما عن هذا السؤال، يقدّمان عرضًا تاريخيًا لعلاقة المثقف العربي بالديمقراطية، ويذهبان إلى الزعم أنّ حديث أغلبية المثقفين العرب عن الحرية، لا الديمقراطية “يمكن أن يكون محاولةً من بعضهم للمراوغة والالتفاف حول دور الديمقراطية في تحقيق أهداف النهضة، ومنها الحرية”.
ضفة ثالثة