المجتمع الدولي أيد المبادرة العربية بسوريا لأنها تقود للتنحّي
ثريا شاهين
لماذا إندفع المجتمع الدولي للقبول بالمبادرة العربية لايجاد حل في سوريا، في وقت لا تزال فيه الولايات المتحدة الأميركية تطالب الرئيس بشار الأسد بالتنحي على الرغم من طرح المبادرة وقبوله بتنفيذها؟
تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان المبادرة العربية تحظى فعلاً بدعم دولي نظراً لأسباب لعل أهمها:
ـ لم يسجل بالنسبة الى الموضوع السوري أي مبادرة أخرى، أو حل آخر، مطروح من أي جهة. فعلى الصعيد اليمني، كانت هناك المبادرة الخليجية التي سعت الى توفير حل. لكن حول سوريا لم تطرح أي مبادرة، والوضع وصل دولياً الى فرض عقوبات ولو لم تكن عبر مجلس الأمن، انما عقوبات متعددة الطرق أميركية وأوروبية وتركية.
ـ الخيار العسكري حيال سوريا ليس وارداً حتى الآن بسبب عوامل عديدة، ذات الصلة بوضع سوريا الداخلي، وبمسار الثورة السورية التي لا تزال سلمية، وحيث لم تسجل انقسامات بالغة في الجيش، انما انقسامات أو انشقاقات بسيطة، وبالتالي لم يحصل انقسام في الجيش على غرار ليبيا حيث بات نصف الجيش أو أكثر، جزءاً من الثوار. كما ان الجامعة لم تطلب من مجلس الأمن التدخل عسكرياً في سوريا على غرار ليبيا، ولا المعارضة طلبت تدخلاً دولياً. لذا جاءت مبادرة الجامعة المبادرة الوحيدة في هذا الظرف لتوفير دور للمرجعية العربية لحل الأزمة ومحاولة إيجاد غطاء عربي لهذا الحل.
ـ هناك توافق دولي ـ عربي على إبراز حل عربي أولاً، يكون بمثابة الخطوة الأخيرة قبل اللجوء الدولي الى تدويل الأزمة في سوريا.
إذاً ثمة انتظار دولي لما ستسفر عنه نتائج المبادرة، وهناك فرصة حقيقية معطاة لها، وللرئيس السوري بشار الأسد، على حد سواء. وهذه الفرصة تمتد مبدئياً لأسبوعين الموعد المعطى من اللجنة العربية لانعقاد الحوار الداخلي السوري. من الآن وحتى الخميس المقبل هناك عطلة عيد الأضحى المبارك، وبعد ذلك ستعاود التحركات لتبيان مسار الأمور، مع ان الاتصالات العربية مع أركان النظام ومع المعارضة قائمة ولن تتوقف.
وهناك متابعة حثيثة للوضع الذي تعتبره المصادر خطيراً جداً، لا سيما وان المعارضة لن توقف نشاطاتها على الأرض، كما انه في حال انسحب الجيش من الشوارع، ستحل محله القوى النظامية أي ما يسمى المخابرات بثياب غير عسكرية.
وفي حال نجحت المبادرة العربية سيكون دور مجلس الأمن بعيداً في الموضوع. انما في حال فشلت المبادرة، هناك عودة أكيدة الى المجلس، في ظل توقع المصادر تغييراً كبيراً في موقف كل من روسيا والصين اللذان مارستا ضغوطاً كبيرة على الأسد للقبول بالمبادرة العربية، وضرورة إحراز أي تقدم في موقفه. وإلا لا يمكن للدولتين الاستمرار في دعمه. كما أبلغاه انه في حال عدم قبوله المبادرة، سيحرجهما، في ضوء زيادة عدد القتلى يومياً، وفي ضوء ان أي فشل للمبادرة سينقل الأزمة من التعريب الى التدويل. إذ لا يمكن للبلدين ان يستمرا في الوقوف في وجه صدور قرار عن المجلس، وطالما ان المجال أعطي للعرب لحل الأزمة، من الواجب تطوير الموقف وتقديم الإيجابية.
ووفقاً للمصادر، هناك احتمالين لسبب قبول السوري بالمبادرة. الأول، ان هناك نية فعلية لتنفيذها، وان القيادة تنظر اليها كباب للخلاص. وعندما تتمكن من الانطلاق لترميم علاقاتها الدولية والإقليمية مجدداً. والثاني، محاولة شراء الوقت لأن هناك أمل دائم بوقف التظاهر، وهناك تنسيق دائم قطري مع كل من الولايات المتحدة والأوروبيين. وإذا ما فشلت المبادرة سيكون التنسيق أوسع وأقوى.
وتشير المصادر الى ان المطالبة الأميركية بتنحي الأسد، تعود الى اعتبار واشنطن انه مهما حصل الآن وبعيد صدور المبادرة، فإن الشرعية قد سقطت عنه لذلك تطلب منه واشنطن التنحي، الذي سيحصل في النهاية إذا نفذت المبادرة العربية وأجريت انتخابات وإصلاحات.
ولدى الأميركيين والأوروبيين شكوكاً بالغة في إمكان نجاح المبادرة العربية، لكنهم في الوقت نفسه يعطونها وقتها الكافي لمعرفة مصيرها. كما ان واشنطن تعتبر ان النظام سيتأثر جداً بالعقوبات المفروضة والتي ستزداد عليه، لا سيما في الناحية المالية. ومع اعتباره انه فاقد الشرعية، فإن لا عودة للحديث معه، وكل يوم تقع خلاله الضحايا، تترسخ القناعة أكثر بعزلته وإفقاده الشرعية والتأثير عليه مالياً.
إذاً الفرصة لا تزال معطاة على الرغم من سقوط القتلى يومياً. والأسبوعين المقبلين حاسمين في مسار الأزمة السورية، وحيث القبول من الحكم السوري بالمبادرة، قد يكون في سياق الرغبة في إعطاء إشارات الى ان المعارضة هي التي أفشلتها، في حال فشلت.
المستقبل