هوشنك أوسي
نصّ إعلان هوليرعلى ان تكون نقاط الحماية والتفتيش العسكريّة، مشتركة، بين المجلس الوطني ومجلس غربي كردستان. ولكن، من أين لقيادة المجلس الوطني بتلك الطاقة والقوّة والقدرة العسكريّة التي يمكنها ان تعتمد عليها، كي تناصف حزب الاتحاد الديمقراطي، وذراعه العسكريّة التي تطلق على نفسها “لجان الحماية الشعبيّة”؟!. وإذا كانت اللجنة التنفيديّة للمجلس الوطني رفضت تبنّي الجنود الكرد السوريين المنشقّين، المتواجدين في معسكرات دهوك، فهل سيستورد المجلس الوطني كوادر عسكريّة، حتّى يخلق توازن قوى مع “ب ي د”، ويساهم المجلس بقسطته، في لجان الحماية الشعبيّة؟!. والأنكى من ذلك، أولئك الجنود المنشقّون، أليسوا كرداً سوريين، جاهزين للدفاع عن غرب كردستان والمدن الكرديّة، بنفس الروح والقدرة التي يتمتّع بها الشباب والصبايا الآتين من كرمنشاه وساقز ومريوان وأورمية وآمد وأوروفا وديرسم وهولير والسليمانيّة ودهوك…، الآتين من قنديل، للدفاع عن غرب كردستان؟!. لماذا مسموح لهؤلاء المجيء وحمل السلاح، وحرام على ابناء قامشلو وديريك وكوباني وعفرين…، من الجنود المنشقّين، حمل السلاح للدفاع عن المدن الكرديّة السوريّة!؟. الحقّ انه منطق معوّج وسقيم ومكروه ومشبوه، الذي يقف وراء قرار المجلس الوطني الكردي في عدم تبنّي شبابنا الوطنيين الذين انشقّوا عن جيش الاسد، ويريدون الدفاع عن شعبهم ومدنهم ووطنهم!؟.
قرار المجلس الوطني الكردي، يمكن قراءته على أكثر من مستوى، ومن زوايا مختلفة، منها:
هذا القرار، يصادق على وصف هؤلاء الشباب الكرد السوريين، بأنهم عملاء تركيا والناتو. وحاشى لله ان يكونوا ذلك.
هكذا قرار، غالب الظنّ أنه تمّ اتخاذه بضغط من الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي لا زال على علاقة مع نظام الأسد. ومن المؤسف القول: إن غالبيّة الدول العربيّة والأجنبيّة قد سحبت سفراءها من سورية، ما عدا حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. ومن جهة أخرى، فأن الاتحاد الوطني الكردستاني يرى في وجود قوة كرديّة مسلّحة، مقرّبة من الديمقراطي الكردستاني، ستخرج جلال طالباني من المعادلات الداخليّة الكرديّة السوريّة، وسيبقى التوازن قائماً، ولو بشكل ضئيل، بين الديمقراطي الكردستاني والعمال الكردستاني!. لذا، فإن الاحزاب الكرديّة السوريّة التي كانت مع عدم تبنّي الجنود الكرد المنشقّين، أرادت اطلاق يد الاتحاد الديمقراطي في المناطق الكرديّة. ما يعني، ان بوصلة القرار السياسي الكردي، من الآن فصاعداً، سيكون سلاح ب ك ك – ب ي د، وكفى الكرد السوريين شرّ النقد والسؤال، والقتال!. وبذا، يكون المجلس الوطني الكردي، هو من انتهك اعلان هولير، بعد ان انتهكه الشريك الآخر. بدليل كل المعطيات الجارية على الساحة الكرديّة السوريّة.
على ضوء ما سلف، ليس من المبالغة القول: إن المجلس الوطني الكردي، صار في ذمّة سلاح الاتحاد الديمقراطي. ولا يوجد، برأيي، أيّ تفسير آخر لهذا القرار. على المقلب الآخر، إذا كان ممنوع على الجيش الحرّ، دخول المناطق الكرديّة، بحجّة انه سيجلس الدمار والأوار للمناطق الكرديّة، فلماذا رفض مجيء الجنود الكرد المنشقين لحماية مناطقهم بالتنسيق مع قوات ب ي د؟!. إن كيل التهم للجنود المنشقين، واتهامهم بأنهم عملاء الاتراك والناتو، هي المقدّمة للدخول في حرب معهم. وها هو المجلس الوطني الكردي، يرفع الغطاء عنهم، ويتركهم بظهر مكشوف امام من يريد النيل منهم، مع شديد الأسف!.
ان الهجوم العنيف والوحشي لجيش الاسد، على قرية “خراب باجار”، بحجّة وجود الجيش الحرّ، هو رسالة للمناطق الكرديّة، بضرورة منع دخول الجيش الحرّ للمناطق الكرديّة. ومن جهة، هو بروفة، او مصادقة، او ربما يكون عمل مسرحي، ليؤكد على كلام بعض الجهات الكرديّة التي تحذّر من دخول الجيش الحر لغرب كردستان، وتبعاته الوخيمة. وحتّى لو كان مقاتلو الجيش الحرّ متواجدين في تلك القرية، السؤال: من الذي وشى بهم، ودعا الجيش الاسدي لسحقهم!؟. وحشيّة جيش الاسد في تعامله مع سلاح الجيش الحر في مناطق غرب كردستان، يشير الى ان سلاح ب ي د، مرضي عنه، ولا يشكّل أيّ قلق للنظام. وإلاّ، لتعامل النظام مع هذا السلاح، بمثل ما تعامل مع قرية “خراب باجار”؟!. في مطلق الاحوال، اين كانت قوات الحماية الشعبيّة، حين كانت “خراب باجار” تتعرّض للقصف الوحشي؟!. ام ان هذه القرية ليست من غرب كردستان، وسكّانها ليسوا مواطنين، يستوجب حمايتهم من قبل لجان الحماية الشعبيّة؟!.
بتقديري، لا يوجد حلّ آخر أمام الجنود الكرد المنشقّين، سوى ان يشكلّوا مجلسهم العسكري، وقيادتهم، ويدخلوا على الساحة، ويفرضوا أنفسهم على المجتمع، والمعادلة السياسيّة، كما فعلت بعض الجهات، بقوّة السلاح. ويجب على كل الاحزاب والمثقفين والتنسيقيات دعم هذه القوّة العسكريّة الكرديّة السوريّة الصرفة، بكل الوسائل. وكاتب هذه الأسطر، هو أوّل من سيدعمهم. ذلك انه في الساحة السوريّة، نجد كل يوم ظهور مجموعة، هنا وهنالك، تحمل السلاح، وتعلن عن نفسها، وتفرض على الساحة السياسيّة، فلماذا لا يحقّ لما يزيد عن 600 جندي وضابط وضابط صف كردي سوري، الاعلان عن انفسهم كتنظيم مسلّح، قد يكون اسمه الجيش الكردي الحرّ. ذلك ان كل القوى السياسيّة في المعارضة السوريّة، تستعين بأذرع عسكريّة. فالمجلس الوطني السوري، له جيشه الحر، والقوى الاسلاميّة لها ميليشاتها، وب ي د، له ظهيره وذراعه العسكري، فلماذا يرتجف المجلس الوطني الكردي من ان يكون له ذراع عسكري، يلجأ اليه حين اللزوم؟!.
الحقّ انه لو كان الشهيد الراحل مشعل التمو أو الشهيد الشيخ محمد معشوق خزنوي حيين، لما خذلا شبابنا الكرد، (الجنود المنشقين) ولدعماهما بكل الوسائل.
هذا الرأي، ليس تشجيعاً على السلاح، ودعوة لعسكرة الثورة، بل رفضاً لمنطق السلاح، بالسلاح. هذا الرأي، هو وجهة نظر لخلق نوع من التوازن في المعادلة السياسيّة الداخليّة الكرديّة، ولئلا يبقى المجلس الوطني الكردي رهيناً أو أسيراً أو في ذمّة سلاح جهة كرديّة سوريّة!.
