المجلس الوطني والشفافية
في نهاية إحدى صلوات الجمعة اجتمع بعض الأصدقاء يتبادلون السلام فيما بينهم وكان بينهم أحد الموظفين المسؤولين عن دائرة حكومية وكان نزيهاً ونقل من مكانه كما نقل غيره لنزاهته في نفس الوقت الذي كان الإعلام الرسمي يتحدث عن النزاهة والشفافية فسأله أحدهم منذ زمن لم نرك فأجاب هذا بسبب الشفافية فكيف ستروني إذن !!!
ويبدو أنه بسبب هذه الشفافية لانرى المعارضة السورية ممثلة بالمجلس الوطني وكأنها مغيبة ولانسمع منها نحن كسوريين إلا ماتريد وسائل الإعلام أن نسمعه عنها فهل انتقلت عدوى الشفافية إليه.
حتى أصبح يقول السوريون هل فعلاً لدينا معارضة حقيقية وهل تستطيع هذه المعارضة أن تحكم البلد أو على الأقل تستطيع نقل سوريا عبر مرحلة انتقالية إلى سوريا الحرة التي يريدها السوريون بل يتمناها كل من على الأرض؟
أنا أتفهم أن المعارضة في سوريا خلقت فعلياً مع الثورة فلم تكن المعارضة بمفهومها السياسي موجودة أصلاً لأن النظام حول كل معارض له أو لسياساته إما إلى الآخرة مقتولاً أو إلى المعتقل أو مغيب أو مهجر فلم توجد أحزاب معارضة كالتي نراها في الدول الأخرى سواء شرقية أم غربية ولا حتى بأدنى حالاتها وعلى علاتها كالموجودة في مصر مثلاً ولهذا أصبح كل معارض مهجر في الخارج معارض على الأرجح لأنه اضطهد داخل سوريا ومع ذلك فلم يترك النظام لهم المجال بل استمر في مراقبتهم وجند البعض من حيث يدري أو لايدري ( حتى لا أتهم بالتخوين ) وزرع في النفوس أن كل معارض في الخارج هو عميل لدولة أجنبية.
ومع بداية الثورة واستمرارها وامتدادها وبعد أشهر طويلة خرج المجلس الوطني بقدرة قادر وبترتيب عبر تركيا وبعض الدول من ورائها وذلك لجمع المعارضة في كيان يمكن له في المستقبل أن يقود سياسياً عملية الانتقال ويكون جهة يمكن التفاهم والتفاوض معها عن الشعب السوري ويمكن أن تضم إليها من يرغب بالانضمام -كما يفترض – وهذا الأمر رحب به السوريون رغم الضبابية التي أحاطت طريقة التشكيل ورأى فيها خطوة على الطريق الصحيح.
أليس من حق السوريين كل السوريين أن يعرفوا أعضاء هذا المجلس من هم وماهو تاريخهم وماهي توجهاتهم أم على من يريد المعرفة البحث عنهم في الفضائيات والانترنيت كم من السوريين يعرفون عن هذا المجلس عدد أعضاءه إلى أي التيارات أو الأحزاب ينتمون.
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يخرج عليه ببيان يوضح سبب انسحاب عضو فيه أو انضمام عضو جديد فيه ؟
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يكون له نظاماً أساسياً يُعرض على الشعب السوري وعلى كافة وسائل الإعلام ؟
وبعد أن أقر الثوار على الأرض بهذا المجلس وموافقتهم على اعتباره ممثلاً عنهم وعن ثورتهم صدموا كما صدم معهم الكثير في طريقة أدائهم حتى يكاد العرب والعجم الشرق والغرب السوريون وغير السوريين يقولون أنتم لاتستحقون أن يعترف العالم بكم.
في مقالتي السابقة بعنوان بابا عمرو لم ولن تسقط تحدثت عن صديقي الذي اتصل بي يومها وأثار فيَّ الكثير من الشجون وذلك لأن سقوط المدنيين في بابا عمرو ذهب بدون طائل -كما يعتقد هو – وهنا أختلف كثيراً معه لأن الجيش الحر يقاتل في أصعب الظروف وفي أسوأ الأجواء ومع أقل الإمدادات فسوريا الثورة بشقيها مدنييها وجيشها الحر وحيدة ليس لها إلا الله فهؤلاء الأحرار يقاتلون أبشع وأشنع جيش عرفه التاريخ تدعمه دولتان من الدول العظمى روسيا والصين وإيران وتسكت عنه بقية الدول لغايات ومصالح باتت معروفة.
ألم يسمع مجلسنا الوطني ماقاله السفير المصري في الأمم المتحدة خرج ليقول إن بلاده ليست مع تسليح المعارضة وبالتأكيد فهي فعلياً تؤيد النظام وهذا مابدا مؤكدا من خلال السماح للسفن الحربية الإيرانية بالمرور عبر قناة السويس والتوجه إلى الشواطئ السورية محملة بمايحتاجه النظام من أسلحة وذخائر ومعدات للقضاء على هذه الثورة
وهنا أقول فليعلم المصريون أن مجلسهم العسكري الذي هو امتداد لنظام مبارك هوشريك في قتل السوريين وأن السوريين لن ينسوا هذا أبداً كما لن ننسَ أن مجلسنا الوطني الذي تغاضى عن هذه الأمور وتركها تمر مرور الكرام دون أن ندري ماهو السبب.
وإلى من يقول وماذا يستطيع فعله المجلس الوطني وعليه من الضغوط ماعليه أقول نعم يستطيع فعل الكثير فمن يموله فعلاً هو دماء السوريين التي تهراق كل يوم في سبيل الحرية.
أليس من حق السوريين على المجلس الوطني أن يأخذوا مواقف شديدة وواضحة يقبل بها السوريون حتى ولم يرض عنها الشرق والغرب على حد سواء فإذا أيقن السوريون أنهم ليسوا في مواجهة نظام وحلفاء فحسب بل معهم كل الدول الأخرى التي تريد مصالحها أولاً ولاتريد أن تساهم من جيبها في مساعدة الشعب السوري على نيل حريته وإذا كان الشعب قدم كل هذه الدماء ومازال وهي أغلى شيء ممكن أن تقدمه الشعوب في سبيل حريتها أليس من حقه على من ارتضاه ممثلاً أن يكون له موقفاً حازماً , هذا الموقف الذي سيحترمه فيه العدو قبل الصديق .
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يخرج عليه على الأقل كل أسبوع مرة ليوجه له كلمة أو بيان وتصريح رسمي عوضاً عن أن يكونوا كمحللين سياسيين أو كنجوم للثورة على الفضائيات ليقول المجلس للشعب هذه انجازاتي وهذه إخفاقاتي وهذه صعوباتي وهذا مايريده الغرب وهذا مايريده الشرق ؟ .
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يخرج له دستور في مقابل الدستور الذي خرج علينا النظام به ( وليعترض عليه من شاء ) لكن على الأقل يعرف السوريون أي دولة يسعى إليها هذا المجلس؟
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يعرفوا الموقف الصحيح وبوضوح من الجيش الحر وسبب الخلاف المستمر معه ولماذا تم تشكيل مكتب عسكري دون التنسيق معه ؟
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يعرف عن تشكيل أي هيئة من داخل المجلس مباشرة قبل أن يتم الحديث عن انشقاق داخل المجلس كالحديث عن انشقاق هيثم المالح ومعه عشرون آخرين ثم يخرج هو بنفسه بعد يومين لينفي ذلك وليقول إنها إشاعة هدفها النيل من وحدة المجلس .
أليس من حق السوريين على هذا المجلس أن يعرف ماذا بشأن بسمة قضماني وإلامَ انتهى موضوع الفيديو الخاص بها وحقيقة تصريحاتها ؟
فإذا لم يكن لنا الحق في كل هذا فهلا أفدتمونا بحقوقنا عليكم ؟
رحم الله امرؤاً جب عن نفسه المغيبة فما بالك أيها المجلس الوطني.
أيها المجلس الوطني يامن ارتضاك الثوار ممثلاً عنه وأعطوك الشرعية نقول لك:
نحن لانريد منكم أن تكونوا معارضين ولامحللين سياسيين ولانجوم فضائيات يمتعضون ويشجبون ويتحدثون عن بشاعة ومجازر النظام فهناك الكثيرون من خارج المجلس يستطيعون نقل هذه الصورة للرأي العام الدولي.
نحن نريد أصحاب رأي ورؤيا نريد أصحاب فكر قيادي بناء منفتح قادر على حمل المسؤولية الكبيرة والعظيمة ترتقي إلى المستوى المقابل للتضحيات المبذولة على الأرض.
فبالله عليكم قولوا لنا كيف ستخرجون الصامتين عن صمتهم وهم لم يروا بعد أنكم أهل لهذا ؟!!!
حتى موقعكم الرسمي على الشبكة العنكبوتية لم يكتمل وأخباره لاترق لمستوى الأحداث ومتأخرة ولم تستطيعوا حتى الآن أن تكون لكم فضائية خاصة بكم ولو قلنا آه منكم وزفرنا جميعاً زفرة واحدة لأحرقت نيران صدورنا العالم أجمع ولمن لايعرف هذا هو موقعهم على الانترنت http://www.syriannc.org/
يا رئيس المجلس الوطني برهان غليون أقول نحن في مرحلة لانحتاج فيها لفيلسوف بل نحتاج إلى قائد مرحلي فاترك فلسفتك جانباً وكن قائداً أو دع عنك هذا لمن لديه القدرة عليها.
فإن كانت مشيئة الله في سقوط النظام آتية لاريب فيها فاعلموا أن مشيئة الشعب لن ترحم من قصر أو تهاون أو تخاذل فحذار حذار.
عاشت سوريا حرة أبية وماالنصر إلا من عند الله
بقلم السيف الدمشقي