صفحات الناس

المحروقات في سوريا.. كتلة لهب/ سلام السعدي

 

بعد أيام فقط من إقدام الحكومة السورية على رفع سعر مادة البنزين بنحو 20 في المئة، نقلت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام عن مصادر في “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، أنباءً عن وجود دراسة حكومية جديدة لرفع سعر لتر المازوت وأسطوانة الغاز بما يقارب 30-40 في المئة.

وتبدو تلك الأنباء محتملة جداً بالنظر إلى سجل الحكومة السورية في التعامل مع ملف أسعار المحروقات في العامين الماضيين. إذ واصلت رفع أسعار المازوت والبنزين والغاز باستمرار كل بضعة أشهر، الأمر الذي كان يتسبب دوماً بارتفاع أسعار مختلف أنواع السلع والخدمات، ويزيد من معاناة السوريين.

وتأتي الزيادة الأخيرة في سعر ليتر البنزين الأولى في العام 2014، بعد ثلاث زيادات في العام الماضي. ففي شهر آذار من العام 2013 رفعت الحكومة سعر ليتر البنزين من 55 إلى 65 ليرة، لتعود بعد شهرين فقط وترفع السعر إلى 80 ليرة، ثم إلى 100 ليرة بعد أربعة أشهر في تشرين الأول من العام نفسه، وصولاً إلى الزيادة الأخيرة ليسجل سعر ليتر البنزين 120 ليرة، ليسجل ارتفاعاً قياسياً خلال ثلاث سنوات بنحو 300 في المئة.

أما مادة المازوت فقد ارتفع سعرها منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم ست مرات، من 15 إلى 65 ليرة، وبنسبة إجمالية بلغت 335 في المئة.

وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس، حاول التخفيف من أثر الزيادة الأخيرة في سعر البنزين باعتبارها “لن تؤثر على الشريحة الواسعة من المواطنين، وإنما على الشريحة المتوسطة وما فوق”. كما أكد الوزير بكل ثقة أن “من يملك سيارة باستطاعته تحمل هذا العبء”. غير أن مواطناً سورياً ينتمي إلى الغالبية المفقرة أو المتوسطة الحال بمقدوره الهزء من كلام الوزير باعتباره “تبريراً لواقع مرير تعرفه الحكومة جيداً وتتعمد تجاهله، فالآثار السلبية لرفع سعر البنزين لا تطال أصحاب السيارات فقط، إذ ترتفع أسعار السلع والخدمات وأسعار النقل العام على جميع السوريين”. فالعبء بنظر الأكثرية الساحقة من السوريين بات ثقيلاً على أصحاب السيارات أيضاً، خصوصاً متوسطي الدخل منهم، حيث باع الكثيرون منهم سياراتهم الخاصة بعد رفع سعر البنزين إلى 100 ليرة، وهو يباع في الحقيقة بالسوق السوداء بسعر 120 ليرة.

الوزير بيّن أيضاً أن البنزين لا يزال مدعوماً من قبل الدولة بنحو 4 ليرات سورية لليتر الواحد، لافتاً الإنتباه إلى أن خزينة الدولة لا تزال تدعم المحروقات، فـ “المازوت يدعم اليوم بنحو 85 ليرة سورية لليتر الواحد، وذلك وفق سعر الصرف الرسمي، وكذلك الأمر بالنسبة لأسطوانة الغاز التي تباع بـ 1000 ليرة، في حين تصل تكلفتها على الخزينة إلى أكثر من 1900 ليرة”.

وقد اشتدت أزمة المحروقات بعد ثلاثة سنوات من الحرب في سوريا، حيث فقد النظام السوري السيطرة على معظم الحقول النفطية في شمال البلاد، وبات يسد معظم حاجاته من المشتقات النفطية من خلال الاستيراد. الأمر الذي يقر به الوزير بقوله أن “كامل كميات النفط المستخدمة في سورية مستوردة حالياً عبر الخط الائتماني الإيراني، علماً أن إنتاجنا المحلي لا يتجاوز 12 ألف برميل يومياً، وذلك بعد أن وصل قبل الأزمة إلى نحو 380 ألف برميل يومياً، وهي نسبة لا تشكل أكثر من 3% من نسبة الإنتاج قبل الأزمة”.

وتصل التقديرات حول المبالغ التي تخصصها الحكومة السورية من أجل استيراد المشتقات النفطية إلى أكثر من 500 مليون دولار شهرياً، وهي تخصص الجزء الأكبر منها للعمليات العسكرية.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى