صفحات العالم

المخابرات العالمية والأزمة السورية


  موفق محادين

خلال وبعد حرب تموز 2006 بين حزب الله والعدوان الصهيوني وتحالفاته الدولية والإقليمية، قيل الكثير عن (حرب المخابرات العالمية) وتطوير أدواتها، فضلا عن تعديل استراتيجيات الاشتباك وهيكلة الجيوش نفسها وتخصيص قسم منها إلى وحدات صغيرة مزودة بأحدث الأسلحة.. الخ.

بيد أن دور المخابرات العالمية وتعدد أساليبها والتطور التكنولوجي لعملها، برز كثيرا كما لم يبرز سابقا، خلال الأزمة السورية:

1- النشاط الكثيف والموسع لعشرات الأجهزة والمحطات والمخابرات العالمية ، فبالإضافة إلى النشاط المتوقع للمخابرات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية والموساد الصهيوني، من جهة، وللمخابرات الروسية والصينية والإيرانية من جهة ثانية برزت أدوار اخرى لمخابرات دولية لم تكن معروفة سابقا، خاصة المخابرات الألمانية ومخابرات بعض الدول العربية غير الشرق أوسطية

2- الجديد والغريب هنا في عالم المخابرات، هو العمل شبه العلني لها، فقد اعترفت المخابرات الفرنسية بدورها في تجنيد وتهريب مسؤولين سوريين، وألمحت القناة العاشرة الإسرائيلية إلى دور للموساد في تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق وفي الهجوم على كتيبة صواريخ سورية في درعا، رغم تبني الجيش الحر ولواء التوحيد الإسلامي لهذه العمليات.

وألمحت صحيفة بريطانية الى دور M.I.6 (ام اي سكس)البريطاني في تنفيذ مهمات داخل سورية تشبه مهما سابقة لها في العراق قبل العدوان عليه.

أما عن دور المخابرات الأمريكية فحدث ولا حرج عبر مئات التحقيقات وفق المواقع الإلكترونية ومنها دور للقنصل الأمريكي الذي قتل في حادثة بنغازي، إضافة لدور السفارة الأمريكية في بيروت وانقرة.. الخ.

3- واللافت للانتباه أيضا دور المخابرات الألمانية (B N D) الذي يعد من (ارقى) المخابرات في حرب الاتصالات الإلكترونية ومصدر الخبرة والتسويق لها.. وقد جاء الاهتمام بدور هذه المخابرات بعد حادثة سفينة التجسس على سورية (تعمل أساسا ضمن عقد مع الموساد الإسرائيلي)

4- ومن تنوع المخابرات العالمية ونشاطها في سورية، إلى تنوع الأهداف والأساليب والأدوات التي تستخدمها ومنها:

أولا: التدخل المباشر وغير المباشر عبر تسهيل تسلل الجماعات الإرهابية وتسليحها وتزويدها بتقنيات اتصال حديثة.

ثانيا: خلق مناخات لتفكيك الدولة السورية وتحويلها إلى (دولة فاشلة) بيئة لحرب أهلية مقدمة لتدخل عسكري شامل ضمن الفصل السابع.

ثالثا: أما ابرز الأدوات المستخدمة بالإضافة للجماعات الإرهابية التكفيرية والقوى الاخرى المعروفة، فهي جماعات التمويل الأجنبي التي تنشط باسم مراكز الدراسات الخاصة وحقوق الإنسان والنساء والتي سبق وان لعبت دورا كبيرا في الثورات البرتقالية شرق أوروبا.

وتحتل الأوساط الإعلامية (الراغبة) مساحة مهمة على هذا الصعيد (إذاعات، صحف، فضائيات و مواقع إلكترونية) وكذلك ما بات يعرف بالمنشقين الثقافيين على غرار (المنشقين عن روسيا وكوبا الاشتراكية قبل عقود)

وحسب تقرير لمجلة الأهرام العربي والدولي فان ما ورد حول شراء المثقفين في كتاب (من يدفع للزمار) للبريطانية سوندرز لا يقارن مع موسم الدولارات والمثقفين خلال أحداث مصر وتونس والأزمة السورية.

رابعا: وكما تلاحظون ، فان تنوع المخابرات العالمية انعكس على تنوع التيارات والقوى والجماعات المحلية على ما بينها من تناقض : علمانيون وتكفيريون، متأسلمون وليبراليون، جهلة ومثقفون… وهكذا..

العرب اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى