المذبحة في سوريا هي الإساءة الحقيقية للإسلام
كيلي ماكبارالاند
الجمعية العامة للأمم المتحدة هي مجرد سوق للكلام, حيث تحل الدعوة إلى القيام بعمل ما مكان القيام به حقيقة, و لكن الحديث يصبح مبهما في بعض الأحيان بحيث أن التوصل إلى مغزى الحديث و معانيه يصبح تحديا بحد ذاته.
مثل هذه الحالة حدثت هذا الأسبوع في نيويورك حيث التقى زعماء العالم في هذه المناسبة السنوية من أجل إلقاء محاضرات على بعضهم البعض. الرئيس السوري بشار الأسد لم يكن هناك, لأنه باق داخل بلاده يدير المذبحة ضد أبناء شعبه. و لكن روحه كانت حاضرة, حيث أعلنت منظمة بريطانية أن 305 شخص قتلوا في يوم واحد من القتال, و هو من أكثر الأيام دموية لحد الآن, و قد حذرت المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن ما يقرب من 700000 لاجئ سوري قد يفروا من البلاد مع نهاية العام.
لقد قال المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عدد القتلى الذين يتم إحصاؤهم يوميا يتضمنون الضحايا الذين يتم توثيق أسماءهم فقط. يقول رامي عبد الفتاح بحسب رويترز :”إذا أخذنا بعين النظر الجثث مجهولة الهوية فإن العدد سوف يكون أكبر بكثير”. و يقول المرصد بأن 199 من القتلى كانوا من المدنيين.
حسب بعض التقديرات, فإن عدد ضحايا المجزرة الجارية في سوريا يفوق أعلى المعدلات التي وصل لها عدد القتلى خلال حرب العراق. ليس هناك أي جهد دولي مماثل لما حصل في العراق لإسقاط الأسد, و قد يعود هذا الأمر إلى أن الولايات المتحدة هي من قام بهذا الأمر و هي لا تريد الدخول مرة أخرى في عش الدبابير. لقد وعد الرئيس أوباما بإخراج القوات الأمريكية من العراق و أفغانستان, و عدم الدخول في أي مغامرة خارجية أخرى. كما أنه و على الرغم من كل الحديث عن تلاشي قوة الولايات المتحدة فإنها لا زالت القوة الوحيدة القادرة على تنظيم مثل هذه الأمور.
و هذا الأمر يجعل الدبلوماسيين يطالبون بعمل ما, دون توضيح ما يعني هذا الأمر. لقد أخبر بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المجتمعين بأن الثورة السورية هي “كارثة إقليمية لها تداعيات عالمية”.
و أضاف بان :”أن هذا الأمر يشكل تهديدا حقيقيا و متناميا للسلم و الأمن الدوليين وهو الأمر الذي يتطلب عملا ما من مجلس الأمن. إن على المجتمع الدولي أن لا يدير ظهره إلى الجانب الآخر بينما تخرج دوامة العنف عن السيطرة”.
كما طالب بتحميل مرتكبي الفظائع في سوريا المسئولية عن أعمالهم, و أشار إلى عدم وجود تقادم لمثل هذا النوع من العنف المفرط, و قد حمل معظم اللوم لنظام الأسد.
و أضاف أيضا :”إن انتهاكات حقوق الإنسان الوحشية مستمرة , خصوصا من قبل الحكومة, كما أن المجموعات المعارضة تقوم ببعض من هذه الانتهاكات. مثل هذه الجرائم يجب أن لا تمر دون عقاب. إن من واجب جيلنا أن يقوم بوضع نهاية للجرائم الدولية في سوريا وفي أماكن أخرى. كما أن من واجبنا أن نعطي معنى ملموسا لمبدأ مسئولية الحماية”.
في عالم الدبلوماسية, هذه الكلمات حادة بصورة غير اعتيادية. و لكن ما الذي يريده بان تحديدا؟ في الحقيقة فإنه لم يقل ما يريده. لقد قال “المجتمع الدولي – و خصوصا أعضاء مجلس الأمن و دول المنطقة – يجب أن يدعموا وبشكل قوي جهود المبعوث الدولي الخاص الذي يريد التوصل إلى نهاية للعنف. إن علينا أن نوقف العنف و تدفق السلاح إلى كلا الطرفين و أن يتم التوصل إلى عملية انتقال للسلطة بشكل سلس بالسرعة الممكنة”.
حسنا وجيد, ولكن هذه الجهود لا تحرز أي تقدم و هي تسير دون أي اتجاه. سلف السيد بان, كوفي عنان, تخلى عن عمله كمبعوث خاص, و أعلن أنها مهمة ميؤس منها. إن الأخضر الإبراهيمي يفتقر إلى مكانة كوفي عنان و لم يحرز أي تقدم ملموس. وهو يقول بأنه يعمل على خطة جديدة, و لكنه لن يصرح متى سوف تكون جاهزة.
رئيس مصر الجديد, محمد مرسي, قال بأن الصراع يعتبر بمثابة “مأساة العصر” و يجب أن يتم وضع حد له. كيف ؟ مرة أخرى, لم يقل كيف, عدا عن أن على الغرب أن لا يحشر أنفه في هذه الأمور وأن يترك الأمر إلى القوى الإقليمية مثل مصر و إيران والسعودية وتركيا.
و قد قال مرسي :”إنني ضد التدخل الخارجي بالقوة لما يحدث في سوريا, و لا يمكن التغاضي عن هذا الأمر و أعتقد أنه سوف يكون خطأ كبيرا إذا حدث” و أضاف من خلال المترجم ” إن مصر لا تتفق مع هذا “.
لقد منع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي جهد يمكن أن تبذله الأمم المتحدة و هو يعتقد أن على الغرب أن يهتم بشأنه الخاص”.
وقد قال :”إننا لا نفرض – وخصوصا من خلال القوة – ما نؤمن به, و لكننا نريد تحفيز تطور داخلي, لقد حذرنا بأن علينا أن نتصرف بحذر, دون فرض أي شيء بالقوة من أجل أن لا نتسبب بالفوضى. و ما الذي نراه اليوم ؟ أننا نرى حالة من الفوضى”.
و هكذا فإن الجميع يريدون القيام بعمل ما, و لكن ليس من خلال القوى الغربية التي لديها عضلات عسكرية لفرض الحل المطلوب. إن القوى الإقليمية التي تطالب بالعدالة لم تقم بفعل أي شيء لوقف هذه المشكلة المتصاعدة. إنهم يريدون وضع حد لهذا الأمر, و لكنهم إما ليسوا قادرين أو ليسوا راغبين في إنهائها بأنفسهم و لا يريدون لأي طرف آخر التدخل لمحاولة فرض الحل. على الرغم من الانتقادات المحلية, فإنه يبدو أن الرئيس أوباما غير راغب في تحديها و لديه جثة السفير المغتال في ليبيا كدليل على أن النوايا الطيبة غالبا ما تخرج عن مسارها ما أن يتم فرض الحل العسكري.
إن الحقيقة تبدو بأنه و على الرغم من أن السيد بان و السيد مرسي يجب أن يقولا بأن التدخل في سوريا لا يناسب أي غرض أي جهة من الجهات الآن. فإنهم لا يريدون المخاطرة بأنفسهم أو برجالهم بأي حال من الأحوال. إذا كان الأتراك و المصريين و السعوديين يريدون الحل, فإنه لا يوجد أي جهة سوف تمنعهم من التوصل إلى هذا الحل. لجميع الغضب الذي انتشر بسبب الإساءة الموجهة إلى الإسلام من خلال الفيلم الذي أنتج عن النبي محمد, فإن جثث المسلمين هي التي تتراكم فوق بعضها البعض في سوريا, و اللاجئون المسلمون هم الذين يهربون إلى الحدود, و الدول المسلمة هي التي تقف موقف المشاهد. إذا شعر السيد بان بشكل متزايد بالإحباط من هذا الأمر, فلندعه يتحدث مع السيد مرسي.
ناشيونال بوست
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي