المراقبون العرب والجيش السوري الحر
غسان المفلح
منذ أن انطلقت الثورة السورية في حوران، والموقف العربي لايزال عمليا يدعم نظام الاجرام في سورية، ماخلا مواقف بعض الدول التي تحاول جاهدة استصدار موقف عربي أكثر قوة وحزما، لكنها تواجه بتعنت بعض الدول العربية الأخرى، وبطريقة مشبوهة مثل العراق المالكي ولبنان حزب الله والجزائر عسكر الفساد واليمن علي عبد الله صالح بطبيعة الحال إضافة للسودان..التي أرسلت رجلا عسكريا لرئاسة لجنة المراقبين العرب، وهو ليس لديه أية خبرة حقوقية انسانية سوى كرجل أمن في السودان..
وبعد مرور ستة أشهر من القتل والمذابح تقدمت الجامعة العربية بمبادرة، سميت المبادرة العربية، والتي تبقي على بشار الأسد في السلطة لعام 2014 تاريخ انتهاء ولايته اللاشرعية..منذ البداية ونحن نقول أن الوضع العربي أعجز من أن يوقف الذبح، ولرؤيتنا لعدم جاهزية المجتمع الدولي للتدخل بقوة لأسباب أقواها إسرائيلي- روسي كما هو معروف للجميع، بالمقابل حاولنا أن ننبه قوى المعارضة السورية وخاصة المجلس الوطني الذي أخذ شرعيته من الشارع الثائر، وبعد طول معاناة، لكنه لم يرتقي بأدائه بعد لمستوى الشارع نفسه، نبهنا في أكثر من مكان واكثر من اجتماع، إلى خطورة ما يطبخ عربيا وعدم الركون لوضعية الدول التي تدعم الثورة ومطالب الشعب السوري لأنها هي الاضعف نسبيا في ميزان القوى داخل الجامعة العربية..لهذا رغم ترحيب المجلس الوطني بالمبادرة العربية، إلا أن هنالك كثر من اعضاء المجلس وأنا واحد منهم رفضنا التعاطي مع هذه المبادرة انطلاقا من كونها، تمثل فضاء لحل سياسي.. وكما هو معروف كان الباحث عزمي بشارة من اهم المتحمسين للمبادرة العربية، واستطاع أن يلعب دورا ليس قليلا في تبني قوى المعارضة لهذه المبادرة من اجل رفض تدويل الملف، ومن يتذكر موقف هيئة التنسيق مثلا قبل دخول عزمي بشارة على الخط كانت لاتتحدث عن حل عربي وماشابه، والتي تشكلت قبل تشكل المجلس الوطني الحالي، منذ ذلك التاريخ وعمليا على الأرض لايوجد خلاف جوهري في التعامل مع المبادرة العربية بين المجلس الوطني وهيئة التنسيق، وحدث التفارق بعد التقرير المخزي الذي قدمه المراقبين العرب لاجتماع اللجنة العربية الخاصة بسورية برئاسة قطر، عندها قدم المجلس تقريرا حقيقيا يكشف حجم التواطؤ بالتقرير العربي.. والسبب أن بعض أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس شعروا، أنه من غير المعقول بعد ترحيب قادة هيئة التنسيق بالتقرير رغم ما فيه من تجني على الثورة، أن يوافقوا عليه!!! وللتفاصيل الأخرى سياق لاحق..لا نريد فتحها الآن..
على هذه الخلفية من التطورات تجاه المبادرة العربية، تعاطت قوى المعارضة بما فيها المجلس الوطني مع لجنة المراقبين العرب، بطريقة ساعدت النظام وليس العكس، نعم نرحب بالمبادرة، ولكن الترحيب لايعني التبني هذا أولا، وثانيا وصول المراقبين العرب نصر للثورة وليس نصرا للمعارضة والثورة هي من فرضت قبول هذا النظام بوجود مراقبين، ولكن كان من الطبيعي أن ننتبه لمابعد موافقة النظام على ذلك؟ لهذا نجد ان من فرض الفعالية الحقيقية لهؤلاء المراقبين هم اصحاب الدفعة الأولى وهم عموما من انصار الفريق الدابي والدول التي تقف خلفه..وجاء التقرير الأول محابيا للنظام، ويتحدث عن عنف متبادل، وهنا بيت القصيد كنا أشرنا له في مقال سابق..
ولهذا نعيد قراءة المسالة انطلاقا من توضيب عربي نفذه نبيل العربي والذي لم يعد خافيا على أحد وقوفه المخزي مع النظام..كان المطلوب دوليا روسيا إسرائيليا إيرانيا، وعربيا من قبل العراق ولبنان والجزائر والسودان واليمن هو الحديث عن فريقين مسلحين، وكانت حجتهم وجود الجيش السوري الحر، وبهذا الشكل تم إرسال جنرالات ليحققوا بالوضع السوري!!
فنحن لم نعد أمام سبب ونتيجة، ولم نعد أمام ثورة على نظام فاسد وقاتل ولا أخلاقي وفاقد لأية شرعية، نظام هتك المجتمع السوري وفتته، وقتل فيه أية حالة انتماء لدى كتلته الشعبية لسورية كدولة بل ارتبط وجود سورية بالنسبة لهم بوجود آل الأسد..هكذا تعاملت الجامعة العربية مع الوضع السوري، لذلك يطل علينا نبيل العربي بين الفينة والأخرى ليحذر من حرب أهلية!! دون ان يذكرنا ولو مرة واحدة من يتحمل المسؤولية الجرمية والحقوقية والأخلاقية عن هذه التخوفات؟ وصار النظام الآن طرف يمارس العنف صحيح ولكن يقابله طرفا آخر يمارس العنف أيضا هو الجيش السوري الحر..لم تعد توجد ثورة عمليا في وثائق المراقبين العرب وتقريرهم الأولى..أعادو الشرعية لنظام بشار الأسد التي فقدها من اوسع أبواب الثورة السلمية منذ بداية درعا وحتى أدلب مرورا بحمص، أعادوها له من نافذة مصالحهم الحقيرة، وانحطاطهم المهني والأخلاقي..أعادوها بأن حولوه لفريق مسلح ضد فريق آخر..الآن تجري الأمور على منوال ماذا فعل الجيش الحر وماذا فعلت قوات النظام وشبيحته…ها نحن امام مساندة علنية لنظام قاتل تسبب لسورية بكل هذا الدم والخراب..والنتيجة المرجوة من هذه العودة في النهاية هي” إجبار الجميع على الجلوس على طاولة الحوار بإشراف نبيل العربي ومراد مدليسي ونوري المالكي وبمشاركة إيرانية تركية وحضور إسرائيلي تحت الطاولة…
وبهذا الأمر بات للجميع أن يبدأ بتحميل الجيش السوري الحر الذي كان أعضاءه وأبطاله من أنبل وأشرف من أنجبتهم سورية في الواقع.. من يرفض أمر اطلاق النار على المدنيين إنها قمة النبالة والشجاعة ولا يقارنوا بشبيحة غايتهم القتل والمال..ويريدون في الجامعة العربية ومراقبيها وأمينها العام إلى تحويلهم لفريق مسلح..وللأسف كانت هذه مواقف هيئة التنسيق وبعض أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني حتى فترة قريبة..قبل أن يتغير موقف المجلس تحت ضغط غالبية أعضائه.
الجيش الحر لم يعد ولم يكن أساسا فريقا مسلحا…هذا أمر يجب على المجلس الوطني أن يقف بحزم في القاهرة تجاه هذا الموضوع…لايمكن اعتبار الجيش السوري الحر فريقا مسلحا بمواجهة مجرم وشبيحته إنه لعار على البشرية أن يتساوى القاتل والمجرم مع النبيل والضحية..وأنا أكتب هذا المقال قرأت “قال الناشط السوري المعارض ميشيل كيلو في تصريحات نشرت اليوم الأربعاء إن الجيش السوري الحر الذي يتكون من جنود منشقين يجازف بجر سوريا الى “فوضى لا نهاية لها”.هذ التصريح لباحثنا ليس جديدا في سياق فهمه العام للثورة السورية، والذي لانريد التعرض له الآن، لكن يحضرني سؤال في الواقع لميشيل كيلو: ماذا يفعل هؤلاء هل يسلمون أنفسهم للنظام لكي يتم اعدامهم؟ أم ماذا تريدهم ان يفعلوا؟ لا أعرف كيف يفكر بعض الناس في معارضتنا؟ لم اكن اتوقع هذا الموقف من الأستاذ ميشيل أبدا!!! لكن وجدت الاجابة في قول للناشطة الشابة هديل كوكي على صفحتها على الفيسبوك تقول فيه” لماذا يتحسس أصحاب الخطايا الكبرى..على أخطاء شباب الثورة الصغيرة..؟!
هل كنتم تنتظروا منّـــا ثورة أفلاطونية ؟!
كنّا نتمنى أن تثوروا قبلنا و تورثونا المدينة الفاضلة… ولكن لـمّا صمتم كثيراً!!! اضطررنا أن نقدم كل هذه التضحيات و نرتكب كل هذه الهفوات…..”
يجب رفض أية مبادرة يكون النظام طرفا سياسيا فيها…إلا عندما يعلن استعداده الكامل للمغادرة… والتفاوض على نقل السلطة وبإشراف دولي لاعربي..ما عدا ذلك هو مساهمة في الجريمة بحق شعبنا..
المجلس الوطني الآن على المحك…دون ان ننسى الشكر لكل دولة وشعب وقف مع شعبنا..
ايلاف