صفحات الثقافة

المرثيّة الناقصة (حيثُ لا أحد)


عماد الدين موسى

– هنا..

كلّ الأشياء فقدت أقدامها

وحدهُ الدم يجري

بأقدام كثيرة.

…….

أيتها الكائنات الكفيفة

أيتها القلوبُ الشقيّة

ما الذي تقولهُ الأشجارُ لوحشة الطريق؟

ما الذي تقولهُ الريحُ على القارعة؟

وحده الدمُ..

وحدهُ.

– الأشجارُ دونَ أوراقٍ

في هذهِ الغابةِ،

الأشجارُ لم تتساقط أوراقها

بسببِ ضربةِ شمسٍ

أو معولِ خريفٍ غادر،

الأشجارُ العارية تماماً

حتى من البراعم،

الأشجارُ الهرمة

وهي في عزّ ربيعها،

الأشجارُ

الأشجارُ…

وحدهُ الحطابُ الثملُ

كخفاش أعرج

في ليلِ هذا العالم

– لم تعد العصافير تصدحُ

ثمة موسيقى صامتة

يحاول الجميع أن يتقنها،

في الفجر ينتحرُ أول عصفورٍ

وهكذا

هكذا..

ريثما تكتمل السيمفونية الأخيرة،

ريثما ينتهي الرصاصُ

من عدّ أصابع هذا العالم،

ريثما ننتهي

كآخر عصفور صامت.

– لمن هذه الكلابُ؟

لمن هذا العواءُ الجارحُ؟

لمن هذه العظامُ؟

والقطةُ التي تموءُ وحيدة في بردِ شباطها القارس

لمن؟

لمن؟

– بسببٍ أو بلا سببٍ

سيفقدُ أحدنا الآخر،

بسببٍ أو بلا سببٍ

وبالكلمات ذاتها

سيرثي أحدنا الآخر،

بسببٍ أو بلا سببٍ

لن يصغي أحدنا إلى الآخر،

بسببٍ أو بلا سببٍ

سيذهب أحدنا ليبحث عن الآخر،

بسببٍ أو بلا سببٍ

سيتذكر أحدنا الآخر

ولأجل هذا “الآخر” سيذرف “أحدنا” الكثير من الدم،

لذلك

وبسببٍ

أو

بلا سبب

سيكتفي أحدنا بوحدته

ريثما تكتمل المرثية الناقصة..

المرثية

التي

لن تكتمل أبداً.

(عامودا ـ سوريا)

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى