المشبّك” حلوى تحت القصف في دير الزور السورية
دير الزور ـ من علاء وليد: “أحاول الحفاظ على ما تبقى من مظاهر الحياة في المدينة، ومن ذلك أصر على عمل “المشبّك” حتى أثناء اشتداد القصف وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر”.
هذا ما قاله محمد السالم الذي التقاه مراسل “الأناضول” في دير الزور شرق سورية، حيث كان يضع بسطته (طاولته)على أحد أرصفة شوارع المدينة، ويقوم بجانبها بقلي حلوى “المشبك” وصفّها في طبق كبير بشكل منمّق وبيعها للزبائن، فيما كانت أصوات القذائف والاشتباكات تعلو في المكان.
و”المشبّك” نوع من الحلويات الشعبية المنتشرة في بلدان العالم العربي وتركيا، ويتشابه شكل هذه الحلوى في جميع تلك البلدان وطريقة تحضيرها، إلا أنه يوجد أحياناً اختلاف في بعض المكونات، وخلال جولة مراسل “الأناضول” على الأحياء التي تسيطر عليها قوات المعارضة في مدينة دير الزور لم يلحظ غير السالم يقوم بصناعة وبيع هذا النوع من الحلويات.
وأضاف السالم “نحاول ألا يشعر الأهالي وخاصة الأطفال الصغار أننا نعيش في حالة حرب، وأن الحياة متوقفة في الأحياء المحاصرة التي تشن عليها قوات النظام السوري حملة عسكرية ضخمة منذ نحو 18 شهراً، وإنما نصر على أن يشعر هؤلاء أن هنالك نافذة للأمل”.
ويسيطر الجيش الحر على كامل مساحة الريف الشرقي لمحافظة دير الزور الممتد من أطراف مدينة دير الزور إلى الحدود العراقية شرقا، أي على امتداد مساحة تبلغ حوالي 130 كم، كما يسيطر على معظم أحياء المدينة التي لا ينقطع القصف والحصار المفروض عليها من قبل قوات النظام في محاولة لاستعادة تلك المناطق.
وأضاف “حتى إن لم يشتر جميع أهالي المدينة منّي “المشبّك”، فإن مشهد تحضير الحلوى الشعبية المحببة لديهم وبيعها أمامهم في الشارع يدعوهم إلى التفاؤل”، على حد قوله.
وحول مستوى الإقبال على “المشبّك”، رأى الحلواني أن “المشبّك” يزود الجسم بالطاقة، كونه يحتوي على كمية كبيرة من السكريات التي تبعث في جسم الإنسان الدفء، خاصة في فصل الشتاء الذي دخل هذا العام مبكراً وشعر الأهالي في الأحياء المحاصرة ببرده القارس في ظل الانقطاع المستمر للكهرباء وعدم توفر وسائل للتدفئة، وهذا قد يكون “تفسيراً منطقياً لإقبال بعض الأشخاص على شرائه وتناوله”، على حد قوله.
وأشار إلى أن الميزة الأخرى لهذا النوع من الحلوى هي سعرها الرخيص مقارنة بباقي أنواع الحلويات وذلك لبساطة مكوناتها وتوفرها إلى حد ما، كما أنه لا يتم تزيينها بالمكسرات أو غيرها وهي التي تزيد عادة من تكلفة وسعر الأنواع الأخرى من الحلويات.
وحول سعر الكيلو غرام من “المشبّك”، أوضح الحلواني أن سعر كيلو غرام المشبّك تضاعف مؤخراً؛ بسبب غلاء أسعار معظم المواد الأولية الداخلة في صناعته، حيث وصل إلى نحو 250 ليرة سورية (حوالي دولارين بحسب أسعار السوق الرائجة في سورية)، في حين أن ثمنه كان قبل اندلاع الثورة في آذار (مارس) 2011 لم يكن يتجاوز 100 ليرة فقط.
ونوّه السالم إلى أنه يعاني يومياً في نقل اسطوانة الغاز، والبوتوجاز ، وباقي المعدات اللازمة إلا أنه مع ذلك يُصر على أن يداوم يومياً في نفس المكان، وذلك بعد أن ترك محلّه في السوق الرئيس في المدينة بعد استهداف المبنى الذي يقع فيه منذ نحو عام بصاروخ أرض أرض أطلقته قوات النظام ما أدى إلى دماره بالكامل.
كما شرح معاناته في الحصول على المواد الداخلة في صناعة الحلوى من غاز وسكر وزيت وسميد (قمح مطحون بشكل متوسط) وغيرها، في ظل ظروف الحصار إضافة إلى ارتفاع أسعار تلك المواد لعدة أضعاف.
وعن أصل الحلوى وسبب تسميتها بـ “المشبّك”، قال السالم “أعتقد أن المشبّك يعود أصل صناعته إلى تركيا، أما اسمه فيرجع لكون شكله مشبوكا مع بعضه البعض ضمن دوائر منتظمة”.
وحول طريقة تحضير “المشبك” التي وصفها بالسهلة والبسيطة والتي مكنته من صناعتها على الرصيف، بيّن أن طريقة تحضير عجينة المشبّك تقوم على تسخين كمية من الماء ووضع السميد فوقه ثم يضاف إليها الخميرة، قبل عجن المكونات لمدة ثلاث دقائق تقريباً، وتترك بعدها العجينة لمدة نصف ساعة كي تختمر بشكل جيد.
وأضاف أنه بعد تخمّر العجينة توضع في قالب مخصص يكون مصنوعاً عادة من “النحاس″ أو “الألومنيوم”، ويتم الضغط على ذراع خشبي داخل القالب لتخرج العجينة إلى الزيت الساخن ويتفنن الحلواني في صنع قرص المشبك من خلال تشكيل دوائر متتالية صغيرة أو كبيرة بحسب الطلب.
ويتم انتظار المشبّك لمدة 4 أو 5 دقائق حتى ينضج ويرفع فور احمرار الأقراص المقلية وبعد تصفيتها من الزيت توضع في القطر البارد وتصفّى بعده منه وتوضع على الصواني الخاصة بالعرض والبيع.(الاناضول)