المطلوب الخلاص من الأسد
حسين شبكشي
أصوات كثيرة ومختلفة خرج كل منها بطريقته يحاول منح نظام بشار الأسد الوقت الإضافي ليواصل مجازره المروعة وقتله المستمر بحق شعبه، لعله ينجح في القضاء على الصورة العارمة التي انطلقت منذ أحد عشر شهرا ضد نظام حكمه، وهذه الأصوات شريكة في الجرم، وتتحمل مسؤولية تمديد الظلم الحاصل.
ولعل الخطاب الأخير للزعيم اللبناني حسن نصر الله، الذي قال فيه إنه لا شيء يحدث في مدينة حمص بسوريا، وإن كل ما حصل ما هو إلا فبركة إعلامية.. وطبعا ينفي ذلك الكم الهائل من المجازر والمذابح التي ترتكبها قوات بشار الأسد بحق سكان أحياء مدينة حمص التي تئن تحت وطأة القصف والصواريخ وأرتال الجثث والضحايا، التي بات من الصعب عدها أو إحصاؤها، وها هو موقف الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، ليضيف لسجله المتذبذب موقفا غريبا جدا؛ فهو الآن يقترح أن يكون وزير الخارجية الأردني الأسبق عبد الإله الخطيب مراقبا ومندوبا من جامعة الدول العربية على سوريا.
لا أعرف تحديدا ما هو المطلوب أن يفعله الخطيب بعد أحد عشر شهرا من القتل البارد المستمر بحق الشعب السوري الذي بات يعلم القاصي والداني أن النظام لم يصدق في وعود الإصلاح ولا في وعود وقف القتل، وأنه ليس لديه سوى الحل الأمني الدموي. وخرج مؤخرا المثقف السوري المثير للجدل، أدونيس، يعترض على الربيع العربي ويوجه سهام انتقاداته الحادة إلى المعارضة السورية، وأبى إلا أن يكون طائفيا وطاغية ويميل في صف طائفته وفي صف الطغيان والديكتاتوريين على حساب الحق والكرامة والحرية؛ لأنه، بعد أن بلغ من الكبر عتيا، كان لديه الفرصة أن يقف موقفا أبيا وشجاعا وأصيلا ومطابقا لأطروحاته التي اتضح الآن أنها لم تكن سوى لمجاراة طلبات السوق «اليسارية» و«الليبرالية»، لكن ساعة الجد وعندما كان وقت الاختبار لشعاراته وأطروحاته تخلى عن ذلك كله ليميل للطائفة وللطغيان.
حتمية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري وبالجيش الحر باتت ضرورة ملحة لا تتحمل التأخير، ومطلب تأمين ممرات حيوية لأجل العمل الإغاثي وإنقاذ المتضررين من الشعب البريء أصبح غاية حيوية، وكذلك الأمر بالنسبة لإصدار قرار شجاع وفوري لحظر الطيران الجوي.
لو تحقق للنظام السوري حلمه ومبتغاه ونجح في تأجيج مشاعر الطوائف وقامت الحرب الأهلية، فستكون الطائفية في لبنان والعراق نزهة بريئة بالمقارنة بها في سوريا؛ لأن هناك طوائف وخليطا إثنيا شديد التعقيد في سوريا، وكل لديه حساب طويل جدا مع الطبقة الحاكمة ومطالب ملحة وضرورية، وسيكون هناك، على ما يبدو، رغبة ملحة في الانتقام وتصفية الحساب مما حدث سابقا منهم في حق الكثيرين. ومن السهل جدا توقع أن يكون هناك أثر جانبي لذلك وانتقاله إلى لبنان والعراق بشكل رئيسي، ومن الممكن أن تتأثر كذلك تركيا بشكل ما.
الجيش السوري الذي تتحرك منه بشكل أساسي بعض الألوية والفرق وخرج العتاد والدبابات والصواريخ بدلا من أن تحرر الجولان، خرجت لتدك الشعب والبلاد، لكن هناك انشقاقا في الثقة داخل هذه المؤسسة العسكرية؛ لأن عدد الذين انشقوا منها من الأفراد بلغ أربعين ألفا، وبات النظام خائفا جدا من إمكانية حدوث انقلاب عسكري؛ لذلك هو يسعى الآن لأن تكون المواجهة المقبلة هي مواجهة طائفية بين الطوائف وليست عسكرية فقط؛ لأنه مع ازدياد الانشقاقات المتواصل ستكون الغلبة لصالح المنشقين المنضمين للثورة؛ نظرا للمساندة العالمية المتزايدة لهم وإيمانهم بحقهم في الحرية والكرامة والعدالة.
لكن المجتمع العربي تحديدا، والعالمي عموما، لا يزال مطالبا بأن ينتقل من مرحلة الشعارات والتباكي على ما يحدث إلى القيام بما هو مطلوب عمليا دون تأخير، والكل بات يعلم ما هو مطلوب: الخلاص من نظام الأسد.
الشرق الأوسط