المعارضة السورية القائمة ووهم -الكراسي- في سوريا الجديدة
خلف علي الخلف
يحاول سورويون منخرطون في النشاط العام الذي أصبح مركزه الثورة؛ تحقيق مكاسب سياسية دائمة من خلال أوضاع و أدوات مؤقتة تتمثل في استغلال الوضع السياسي الراهن وعدم قدرة الناس في داخل سوريا على انتاج تمثلاتهم وتمثيلهم السياسي، فيصار الى انتاج تشكيلات هشة ومؤقتة، لا يوجد أي اختبار لقوتها وثقلها؛ في محاولة تثبيت ذلك والإدعاء أن الخارطة السياسية تمثلها التشكيلات القائمة ؛ سواء تلك التي كانت قائمة قبل الثورة واستمرت تلوك فشلها القديم، أو التي وجدت أثنائها.
بالطبع هذا تزييف لواقع المجتمع السوري وقواه الحقيقية، وهو في جزء منه مجرد وراثة للنظام الذي جفف أي إمكانية تأطير لقوى المجتمع السوري. وعندما يصبح النشاط على الارض ممكنا ستكون هناك قوى حقيقية لها ثقل انتخابي، وسيصبح الثقل الانتخابي هو معيار أهمية هذا التكتل أو الحزب أو حتى الشخص، وليس الصوت العالي على سبيل المثال ولاالقدرة على حياكة المؤامرات في وضع مظلم ورطب.
المعيار الانتخابي سيجفف الكثير من الطافين على السطح اليوم، فهناك قوى حقيقية ستنبثق من عمق المجتمع السوري، ولن تترك هذه القوى الهشة مسيطرة على اللعبة السياسية والتي بالكاد تستطيع جميعها ومجتمعة انجاح نائب في دائرة صغيرة.
كما يحاول سوريون آخرون كذلك استغلال الحراك الثوري ونسبته وتجييره لأنفسهم إما من خلال تمويل هذا الحراك بأدوات ووسائل اتصال إضافة للدعم المالي البسيط [لنترك الاغاثة والعسكرة جانبا] ، او من خلال كونهم صلة وصل بين الناشطين والاعلام او بصفتهم متحدثين انتدبوا أنفسهم لهذه المهمة [مشكورين] وصاروا يقررون عن الحراك لمجرد أنهم تحدثوا باسمه دون تخويل من أي قوى فاعلة على الأرض في غالبية الأحيان. على الرغم من كل هذا فان التجارب التاريخية البعيدة والقريبة تقول إن [قوى الحراك الثوري] – وبافتراضها قوى حقيقية وليست مجرد [إعلام]- تفشل في أن تكون قوة سياسية لها ثقل. واقرب مثالين في هذا المجال هما حركة أوتبور الصربية وستة إبريل المصرية.
النقطة الاخيرة التي أود تناولها و التي يعتقد سوريون أنها تدخلهم اللعبة السياسية هي الظهور الاعلامي المتكرر على الفضائيات، ولوكان ذلك صحيحا لنجح اي مذيع او ممثل في اي انتخابات.الظهور الاعلامي قد يحدث فرقا بين فاعلين لديهم قاعدة انتخابية ويساهم ظهورهم في انضمام [أو ابتعاد] “الناخبين” لهم؛ وبشكل خاص من الكتلة التي لم تحسم امرها. لكن الظهور الاعلامي وإن تكرر لا يخلق وزنا لشخص بلا وزن.
كل هؤلاء إضافة لآخرين يسعون لتثبيت مكاسب سياسية ناتجة عن خلل وعدم طبيعية الوضع السوري الحالي، ويسعون لتركيز هذه المكاسب في المرحلة الانتقالية لأنها “تعيين” من سلطة الأمر الواقع المعارض والاستحواذ ما أمكن على “حصص” من الكعكة الانتقالية.
أعتقد جازما أن هؤلاء يعتقدون أن الناس الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل الحرية هم اغبياء وسذج سياسيا وسيسلمون لهم البلاد مقشرة كي يحكموها ويتوازعوا مناصبها… و… هكذا دواليك.