المعارضة السورية وخذلان شعبها
عبد الرحمن الراشد
كما حدث في مصر وليبيا، وقبلهما في تونس، فإنه منذ أن ثارت سوريا لم يكن للمعارضة، الفردية والجماعية، تلك التي في الداخل والتي في المنافي، أي دور في إطلاقها أو رعايتها. مع هذا تبقى المعارضة مفتاح إنجاح أو إفشال الثورة السورية. وفي نظري المعارضة تتحمل مسؤولية أزمة الثورة التي تعيشها حتى الآن. عشرات الآلاف يخرجون كل يوم ويخاطرون بأنفسهم وأولادهم لكن بدون نتيجة. ويمكن تلخيص أزمة الثورة السورية في أن عاما انقضى دون نتيجة سياسية. كل الدول المتعاطفة معها تعلق نقل الشرعية من نظام الأسد إلى الشعب السوري لأنه لا يوجد ممثل متفق عليه.
نحن الآن أمام مشهد غريب، الشعب يجاهد لإسقاط النظام لكن لا يوجد وريث. وتشرذم المعارضة هو الذي أفسد على الشعب السوري فرص بناء دولة في الخارج، وأتاح للنظام اللعب على كل الدول وتخويفها، بما فيها الحكومات التي تتمنى زوال نظام دمشق. غياب معارضة موحدة مكن النظام من تفكيك النسيج الاجتماعي للشعب إلى فئات بعضها يشك في البعض الآخر، ويتهيأ ضده لما بعد سقوط النظام.
فشل المعارضة تسبب في استفراد النظام بالشعب الثائر، وارتفاع البطش، وزيادة الضحايا، وخذلان الجامعة العربية، وطبعا تفويت الفرصة لنقل الشرعية ومحاصرة النظام. روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة، كلهم قالوا نرفض الاعتراف بالمعارضة لأننا لا ندري بأي معارضة نعترف، ولا نريد أن نكون طرفا في مشكلة جديدة ونحن نحاول أن نحل مشكلة قائمة. اجتماعات الوزراء في القاهرة تحت سقف الجامعة العربية فشلت في تمرير الاعتراف بالمعارضة لأنه لم يكن هناك اسم وعنوان لهذه المعارضة.
أما آن لرموز سورية تاريخية وقيادات جديدة إدراك حجم الضرر الذي ألحقوه ببلدهم وشعبهم، والانتباه إلى أنهم يفوتون فرصة تاريخية لتغيير النظام قد لا تتاح لهم بعد ذلك؟
المعارضة السورية تعكس بشكل طبيعي فسيفساء المجتمع واتجاهاته، وليست مطالبة بأن تلغي اختلاف توجهاتها ورؤاها، إنما المتوقع منها أن تلتقي في إطار ديمقراطي يرتضي آلية عمل مشتركة ويقبل بالحد الأدنى من الاجتماع على أهداف مشتركة.
لقد تحدى الروس الجانب العربي المتعاطف مع الشعب السوري بأن يقدم بديلا يتفق عليه السوريون في المعارضة. ورفضت الدول العربية طرد النظام من الجامعة بسبب غياب البديل المتفق عليه. وفشلت دعوات منظمات وجماعات وقيادات عالمية، مثل السيناتور ماكين، بتسليح المعارضة، ولم تنجح دعوات افتتاحيات الصحف العالمية أيضا لتسليح المعارضة. أيضا، دول الخليج التي خاطرت بمواجهة نظام دمشق الشرس، وخطر مواجهة حليفته طهران، أعلنت أنها تريد دعم المعارضة، وحثت الجامعة العربية على السماح بتقديم جميع أنواع الدعم، بما فيه الدعم العسكري، لكنها لا تعرف أي معارضة تدعم، معارضة الدوحة، أو أنقرة، أو باريس، أو ماذا؟
المعارضة تفشل الثورة، وليس النظام السوري، بعجزها عن الاجتماع تحت تنظيم يؤكد صوتها. ولو مرت الأسابيع المقبلة باستمرار الفشل، فإن المعارضة تكون هي من ذبح الثورة وخانت ملايين السوريين الذين يتطلعون إلى يوم بدون هذا النظام الشرير.
الشرق الأوسط