المعلم السوري في البيت القطري!
طارق الحميد
كم هو عجيب أن يعاتب وزير الخارجية السوري «الأشقاء» العرب، وفي منزل السفير القطري في دمشق، على عدم وقوف العرب مع سوريا، بحسب قول وليد المعلم، الذي يعتب أن العرب لم يدينوا العقوبات الغربية على النظام السوري ورموزه!
وعندما نقول: عجيب، فلأن العكس هو الصحيح، فالسوريون هم العاتبون اليوم على العرب، جميعا، لأنهم لم يقولوا كلمة إدانة واحدة بحق ما يفعله بهم نظامهم من قمع وحشي وقتل واعتقالات، فعدد المعتقلين وصل إلى الآلاف، ناهيك عن المفقودين من السوريين، وعدد القتلى تجاوز الألف قتيل، ومنهم أطفال مثل الطفل حمزة الذي تدمي قصته القلوب، بل ما هو الفرق بين الطفل المغدور حمزة والطفل الفلسطيني محمد الدرة؟
كما أن المفروض أن يكون السفراء العرب قد عاتبوا المعلم، بل احتجوا عليه، حول ما يقوله المحسوبون على النظام السوري في حق العرب، ومحاولة إلصاق التهم بالدول العربية زوراً على أنهم هم الذين يتآمرون على سوريا، فما دام رأس النظام يقر بأن مطالب المحتجين مشروعة، وأن أخطاء أمنية قد وقعت، فلماذا يقول الإعلام السوري تارة إن الأردن هو من يقف خلف انتفاضة سوريا، ومرة أخرى يقال الأمير بندر بن سلطان، ثم يقال إنه سعد الحريري، ثم يخرج التلفزيون السوري شيخا مغلوبا على أمره، ورجلا مكلوما، ليدين أهله وناسه في تمثيلية مكشوفة، ليقول إنه تلقى اتصالا من الرياض، وهذا الرجل هو الشيخ أحمد الصياصنة إمام المسجد العمري بدرعا، وقصته وحدها تروي كل الحكاية، وأكثر.
فهل يعقل أن الشيخ الصياصنة، الذي قتل الأمن السوري أحد أبنائه لأنه لم يدل على مكان والده، يخرج بطوعه ليعترف بخطئه.. ما هذا الظلم، والقهر؟! وهذا ليس كل شيء، فها هي مذيعة سورية في قناة «الجزيرة» القطرية رفضت أن تستقيل استجابة لضغوط النظام، فيخرج أهلها في سوريا ليتبرأوا منها ويعلنوا وقوفهم مع «القائد»، فهل نحن أمام مشهد من مشاهد البعث العراقي، لكن بنسخة البعث السوري؛ ففي فترة صدام حسين كانت العشيرة تجبر على قتل ابنها، ليخرج نظام صدام قائلا إن العشيرة قد قررت أن تغسل شرفها بالدم، لأنه «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يراق على جوانبه الدم» كما قال الشاعر العربي، في لحظة غابرة من لحظات تاريخنا؟
ولذا، فكان يفترض أن يعترض السفراء العرب، ومنهم القطري والسعودي والأردني واللبناني، على المعلم ويطالبوه بأن يكف النظام السوري عن تلك الأفعال المسيئة، بدلا من أن يعاتب المعلم «الأشقاء» العرب، وكان يجب أن يذكّر السفراء العرب المعلم بأن مستشارة رئيسه هي التي قالت ذات يوم إن المصريين قالوا كلمتهم عندما أسقطوا نظام مبارك، فلماذا عندما قال السوريون كلمتهم أصبحوا عملاء، ومندسين، خصوصا أن جمعة «حماة الديار» قد أجمعت على شعار واحد، وإن تباينت التعابير، وهو المطالبة بإسقاط النظام؟
وعليه، فإن السؤال اليوم للعرب، وهو مكرر ومستحق، خصوصا بعد «جمعة حماة الديار»: إلى متى سيستمر صمتكم؟
الشرق الأوسط