صفحات الثقافة

المكتبة تحترق/ رينيه شار

 

 

 

إلى جورج براك

من فوهة هذا المدفع يتساقط الثلج. كان الجحيم في رؤوسنا. في الوقت ذاته إنه الربيع في متناول الأيدي.إنها الجمهرة المتاحة من جديد، الأرض في حالة حب، الأعشاب المندفعة.

الروح أيضا انتفضت، كباقي الأشياء.

يتواجد النسر في المستقبل.

كل فعل يشرك الروح حتى لو بقيت على جهلها، يكون مآله ندما أو حسرة. ينبغي قبول ذلك.

كيف أتتني الكتابة؟ مثل زغب الطيور على زجاج نافذتي في الشتاء. في الحال تأججت في الموقد معركة جمرات، لا تزال مستمرة، حتى هذه اللحظة.

يا مدن الكشف اليومي الحريرية، الذائبة في مدن أخرى، بشوارعها التي لا يشقها سوانا، في كنف البروق التي تستجيب لإستنفاراتنا.

كل شيء فينا ينبغي ألا يكون سوى عيد للفرح، عندما الذي لم نكن نتوقعه، لا نستشفه، و الذي سيفاتح قلوبنا بإمكاناته الخاصة؛ – يتم إنجازه.

فلنواصل ضربات مسبارنا، الكلام بصوت متكافئ، بكلمات محتشدة، سنكمم أفواه كل تلك الكلاب في النهاية، التي ستتوغل في العشب، بعيونها الغاضبة المترصدة، فيما ستمحو الريح ظهورها.

البرق يدوم لي.

ليس إلا شبيهي، الرفيق أو الرفيقة، من بإمكانه أن يوقظني من سباتي، أن يقدح شعري،

إلقائي على تخوم هذه الصحراء القديمة حتى أتغلب عليها. لا شيء آخر. لا السماوات،

لا الأرض الأثيرة، ولا الأشياء التي تثيرنا.

شعلة، لا أرقص الفالس إلا برفقته.

لا يمكننا بداية قصيدة دون حصة من الخطأ في تقدير الذات و العالم، دون قشة من البراءة في الكلمات الأولى.

في القصيدة، ينبغي استعمال كل كلمة أو تقريبا بمعناها الأصلي. بعضها حين ينفصل، يصير متعدد المعاني، كما توجد من هي فاقدة للذاكرة. كوكبة نجوم الناسك ممهدة.

الشعر سيسرقني موتي.

لماذا قصيدة مسحوقة؟ لأنه في نهاية رحلتها إلى موطنها، بعد عماء ما قبل الولادة و الصلابة الدنيوية؛ محدودية القصيدة إضاءة، إضافة الكينونة للحياة.

لا يحتفظ الشاعر بما يكتشفه، بمجرد تدوينه، سرعان ما يتخلى عنه. هنا تكمن حداتثه. لانهائيته و مجازفته.

مهنتي هي مهنة الريادة.

نولد مع البشر، نموت بلا عزاء بين الآلهة.

الأرض التي تتلقى البذرة كئيبة، مسرورة البذرة التي ستجازف كثيرا.

توجد لعنة لا مثيل لها. تترنح فيما يشبه الكسل، تمتلك طبيعة جذابة، ترسم لها ملامح تبعث على الثقة. أية طاقة سحرية، حالما تتخطى مناورتها، أي سباق مباشر نحو الهدف. لأن العتمة حيث تتكاثر مراوغة، تلك المنطقة الغامضة تماما، ستفلت من كل تسمية، ستفر دائما في الموعد المحدد، سترسم على صفحة سماء بعض المتبصرين رموزا مخيفة للغاية.

كُتب بلا حركة. إلا أنها كتبا تخترق بمرونة أيامنا، تنفث فيها وجعها، تفتح مراقصا.

كيف أعبر عن حريتي، عن دهشتي، في نهاية المتاهة. ما من قرار، ما من سقف.

أحيانا شبح حصان يافع، أو طفل بعيد، يتقدم مضيئا نحو جبيني و يتخطى شريط قلقي. حينذاك تحت الأشجار تستأنف النافورة ثرثرتها.

نتوق أن نبقى غرباء على فضول حبيباتنا.نحن نحبهن.

للنور عمر. الليل لا عمر له. لكن ماذا كانت لحظة ذلك الانبجاس كله؟

لا تمتلك عدة إعدامات شنقا، كأنما مغطاة بالثلج، ليكن لك واحدا، من الرمل النقي، وبلا قيامة.

دعونا نتوقف قرب الكائنات التي يسعها الاستغناء عن مواردها، حتى لو لم يتبق لها سوى القليل أو ولا طية، يحفر الانتظار لهم أرقا عالي الدوار، يضع الجمال لهم قبعة من الزهور.

أيتها العصافير التي تعهد نحولها، نومها المحفوف بالمخاطر إلى نثار القصب، مثلك نحن، عندما يجيء الشتاء.

تدهشني الأيدي التي تملأ، وللمضاعفة، للإضافة، الأصبع التي ترفض النرد.

يتراءى لي أحيانا أن تيار وجودنا  يصعب السيطرة عليه، خصوصا أننا لا نعاني فقط من تقلب جريانه، بل من سهولة تنقل الأذرع والسيقان التي ستأخذنا إلى حيث سنكون سعداء بتواجدنا هناك، على شاطئ نشتهيه، للقاءات الحب التي ستزيد من ثرائنا، هذه الحركة ستظل غير مكتملة، بسرعة تتراجع إلى صورة، مثل هالة من العطر حول تفكيرنا.

أيتها الرغبة، أيتها الرغبة التي تعرف، لن نستفيد من عتماتنا إلا ابتدءا من بعض سياداتنا الكاملة التي ترافقها شعلات غير مرئية، سلاسل خفية، حالما تتكشف، خطوة خطوة؛ تجعلنا نتألق.

يرتب الجمال سريره الرفيع بيديه، يبني بغرابة سمعته بين البشر، على مقربة لكن على الحياد.

لنزرع القصب ونغرس الكرم على حافة جراح روحنا، أيتها الأصابع القاسية، أيتها الأيدي الحذرة، مؤاتٍ هذا المكان الطريف .

من يخترع على عكس من يكتشف، لا يضيف للأشياء، لا يمنح للكائنات سوى أقنعة، برازخ، صدأ الحديد.

أخيرا الحياة كلها، عندما أنتزع عذوبة حقيقتك العاشقة من عميقك.

ابقوا قرب السحابة. اسهروا قرب الآلة. كل بذرة ممقوتة.

يا رأفة البشر في بعض الصباحات الساطعة، في تكاثر الهواء الهاذي أصعد، مغلقا على نفسي؛ حشرة يغص بها حلقوم، طريدة ومطاردة.

بمقابل تلك المياه من الأشكال الصلبة، حيث تعبر كل زهور الجبل الأخضر باقات مندلعة، تقترن المواقيت بآلهة.

أيتها الشمس الباردة التي أنا نباتاتها المتعرشة.

المترجم: ميشرافي عبد الودود

ضفة ثالثة

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى