صفحات الناس

المنطقة الجنوبية من دمشق … وأحصنة طروادة/ محمود سرحان

انهارت في شكل سريع جبهات كانت تسيطر عليها قوات المعارضة السورية في ريف دمشق الجنوبي، وخلال أيام قليلة استعاد النظام السيطرة على العديد من المناطق: السبينة – الحسينية –  الذيابية -البويضة – حجيرة، بينما ما زالت بقية المناطق صامدة في وجه حملته الحالية، ويمكن تفسير هذا الانهيار ضمن جملة من الأسباب قد تبدأ بفقدان كافة أشكال الدعم الخارجي على مدى سنة كاملة مترافقاً مع حصار صارم واستمرار القصف العنيف والمعارك الشرسة، ولكن من أبرز أسباب تقدم قوات النظام انهيار الجبهة الداخلية لكتائب الجيش الحر بفعل عملاء النظام قبل أن تستعيد توازنها بعد خسارتها لتلك المناطق، وتكشف عن العملاء الذي كانوا مرتبطين بأحد قادة الكتائب في المنطقة الجنوبية.

أبو عمر

شق هذا الشاب طريقه بسرعة كبيرة حتى أصبح أحد أقوى القادة في المنطقة الجنوبية، كما شارك في العديد من المعارك ضد قوات النظام، وهو من سكان الحجر الأسود واسمه (ب م) أو أبو عمر كما يطلق على نفسه، خريج المعهد الطبي وكان يعمل موظفاً في وزارة الصحة، تم سجنه على خلفية تورطه بأدوية فاسدة وقضية اختلاس لأموال الدولة، خرج من السجن في شهر آب (أغسطس) 2011، درس الحقوق خلال مدة سجنه التي قدرت بعامين، وبحسب خالد (اسم مستعار) وهو من العاملين في المنطقة الجنوبية، وبعد انطلاق الثورة السورية حاول عدة مرات الدخول إلى صفوفها ولكنه لم يلق قبولاً من قادة الكتائب، وما لبث أن غاب بعض الوقت ليعود ويبدأ بتجميع «أصحاب السوابق واللصوص والزعران» ويسلحهم مشكلاً كتيبة «جند الله»، ومع سيطرة المعارضة المسلحة على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، استولى على الأسلحة التي كانت موجودة في مقرات الجبهة الشعبية- القيادة العامة، وأخذ يقوم بسرقة البيوت والاعتداء على المدنيين في المخيم لافتعال فتنة بينه وبين الحجر الأسود، تم درء خطرها بجهود «الرابطة الإسلامية»، وفي ظل التنافس على السيطرة وزيادة نفوذه في المنطقة الجنوبية، شارك في تشكيل «لواء الحجر» من اندماج عدة كتائب، ثم انتقل لاحقاً إلى تشكيل (الفرقة الرابعة – حرس دمشق)، وبذلك زادت قوته وأيضاً جرائمه من قتل وسرقة وتشبيح على المدنيين وعناصر «الحر» على حد سواء، وبهدف التصدي لهذه الجرائم التي يقوم بها «أبو عمر» وغيره باسم الثورة، اجتمع عدد من الكتائب وشكلوا «الرابطة الإسلامية» في المنطقة الجنوبية، وقاموا باعتقال كل من «أبو هارون وشخص آخر» وهم من القادة التابعين له، فرا لاحقاً من السجن إلى جهة مجهولة، بعدها أصبح «أبو عمر» مطلوباً للهيئة الثورية الجديدة؛ فهرب من منطقة الحجر الأسود وتحصن في منطقة السبينة ثم توجه لاحقاً إلى منطقة درعا مع بعض من قادة (الفرقة الرابعة – حرس دمشق) لإحضار أسلحة وذخائر، اختفى منذ ذلك الوقت ليعود مشاركاً في القتال إلى جانب قوات النظام في حملته الحالية على المنطقة الجنوبية كأحد قادته في عملية الاقتحام، والتي كانت ضربة موجعة لقوات المعارضة، فهو يعرف مسبقاً جميع الخطط الدفاعية وتشكيلات الحر المرابطة هناك، وكان لهذا الأمر وقعاً سلبياً أدى إلى انهيار كبير في المعنويات بين صفوف المعارضة، رافقتها حرب نفسية شنها إعلام النظام عن استسلام العديد من عناصر الحر، ما كان سبباً أضافياً في سرعة انهيار قوات المعارضة المدافعة عن تلك المحاور الهامة، ولم يقتصر دور أبوعمر بلعب دور «حصان طروادة» المزروع بين صفوف قوات المعارضة لصالح النظام من أجل تفتيت بنيتها الداخلية، بل عمل مع عدد من ضعاف النفوس في أعمال شوهت سمعة الثورة السورية وأسهمت في قلب الحاضنة الشعبية ضدها.

شركاؤه في سرقة الثورة

هنالك العديد من الأسماء التي رافقت مسيرة هذا «القائد»، مثل «أبو هارون وأبو فهد» والاسم الأبرز بينهم هو أبو النور د قائد لواء أسود التوحيد وأحد ألوية الفرقة الرابعة – حرس دمشق، وهو من حي القدم في دمشق، وسجين سابق في اليمن بقضية تجارة مخدرات ومحكوم مؤبد هناك، دفعت له مبالغ طائلة كي يتم ترحيله إلى سورية حيث سجن فيها مدة سنة واحدة، ثم خرج قبل الثورة وعاد إلى عمله السابق في تجارة المخدرات، وبحسب المصدر؛ كان من أوائل من قام بسرقة أحد المعامل الخاصة وبيع معداته لشراء أسلحة وذخائر لمجموعته، ومع مرور الوقت سطا على عشرات المعامل الخاصة والعامة في المنطقة الجنوبية، وقام ببيع معداتها أو تهريبها إلى خارج المنطقة عبر حواجز قوات النظام في منطقة السبينة، وهو ما يعطي الدلالة على أنه كان يتعامل مع عناصر النظام وربما مخابراته أيضاً، فيقوم بسرقة البيوت والمحلات والمعامل والاعتداء على المدنيين إلى جانب زملائه؛ بيان وأبو هارون وأبو فهد، ثم يقومون بتصريف مسروقاتهم بالتعاون مع عناصر الحواجز التابعة للنظام، تجدر الإشارة هنا بأنه ليس هناك دليل واضح أن «أبو النور» مزروع بشكل مسبق للقيام بهذه المهمة، ولكن ممارساته كانت تتم بمساعدة ورضى النظام لقلب الرأي العام الداعم للمعارضة، حيث يضيف المصدر «أن الضرر الاقتصادي الذي سببه أبو النور سوف يمتد لسنين طويلة»، وكان كل ذلك يتم بالتعاون مع بيان مزعل وتاجر خردة يدعى «محمد»، ونشرت صفحات المعارضة القريبة منه خبر مقتله بثلاث رصاصات «غادرة «، لكن الأغرب في قصة أبو النور أن هناك إشاعات تدور بأن موته مجرد «تمثيلية لأنه احترق» وهو حي ومتوار عن الأنظار في مكان ما خارج المنطقة الجنوبية.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى