صفحات الناس

النصرة” تقاتل حزب الله.. وتستلهم فيديوهاته/ نذير رضا

 

 

 

تثبت مقاطع الفيديو التي تبثها “جبهة النصرة”، أن التغطية الدعائية لـ”إنجازات” التنظيم، ليست عفوية. تخطت “النصرة” ما درج الناشطون الإعلاميون السوريون على تقديمه. وتحاول، عبر ذراعها البصري “المنارة البيضاء” مقاربة أدوات خصومها الدعائية. حزب الله والنظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بـ”داعش”، بمزيج من تجارب ثلاث في الوقت نفسه، ما يسهل الجزم بأن “النصرة” تدشن إعلامها الحربي.

والتطور البصري الذي طرأ على التجارب الأخيرة، مردّه الى وظيفتين يكمّل بعضهما بعضاً في المعركة السورية. الإندفاع نحو السيطرة الميدانية أولهما، وتليه المساعي للإستحواذ على رأي عام داعم لكسب عقول وقلوب المقاتلين المترددين عن تأييدها، بالحجة والعطف. تسير في الوظيفة الأولى في شمال سوريا ووسطها، بعدما طردت من الشرق إثر معارك مع “داعش”. وتواكبها في العمل الدعائي المحصور في هذا النطاق الجغرافي. فإبعاد الإخفاقات، أول الطريق لحصد مردود للدعاية، تتركز على “الإنجازات” لكسب مزيد من التأييد.

وبثت “النصرة” مقطعي فيديو، أرادت فيهما تحويل النظر عن هزائمها في الشرق، والإعلان بأن نطاق عملها بات في الوسط والجنوب وقرب الحدود اللبنانية. الفيديو الأول صور في القلمون، ويظهر عملية إقتحام لموقع قالت إنه لحزب الله اللبناني، ويظهر فرار مقاتلين منه إثر المعركة. أما الفيديو الثاني، فصُوّر في حماه، إثر اقتحام بلدة الرهجان، وهي مسقط رأس وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج. وهي، إذ تحاول فرض نفسها ميدانياً كقوة موازية لـ”داعش” في مساحتين جغرافيتين منفصلتين، كي تبتلع من تبقى من مقاتلين معتدلين لم يذوبوا في أحد التنظيمين المتشددين.. فإنها استلهمت من خصومها العمل الإعلامي ومأسسته تحت لواء “شبكة المنارة البيضاء”.

في الفيديو الأول، تقارب الصورة إعلام حزب الله الحربي في الثمانينيات. صورة بعيدة، تتحرك باستمرار، لكنها ترصد وقائع العملية، ويتخللها بعض التقطيع المشهدي الذي يأتي في سياق الدعاية الدينية، كتصوير مقاتلين يصلون قبل الإنطلاق لتنفيذ العملية. وبعدها، يركز المصور بعدسة واحدة على مقاتليه الذين يقتحمون. بدت الأدوات حاضرة، عسكرياً وإعلامياً، لحصار الهدف. ويختتم الفيديو بعد أربع دقائق ونصف الدقيقة، بالتكرار بأن مقاتلي حزب الله فروا من الهجوم. ربما، قصر المعركة حدّ من التقطيع المشهدي في الشريط. لكن الفارق مع إعلام حزب الله الحربي، حتى في بداياته، أن الصوت غالباً ما يكون لصدى الميدان. بينما، تختلط الأصوات في مقاطع “النصرة” بين صوت الميدان وصوت المعلق، إستلهاماً من الناشطين الإعلاميين السوريين، وصوت نشيد إسلامي في الخلفية، إستلهاماً من فيديوهات “داعش”.

وفي الفيديو الثاني، (مشاهد من غزوة قرية الرهجان – حماة)، صورت العملية على دفعات، متخذة شكل فيلم وثائقي حيّ. تولت الجهة الإنتاجية تقطيع المشاهد وجمعها، بدءاً من القصف المدفعي، وصولاً الى السيطرة على المواقع، وتصوير خسائر العدو، والغنائم من المواقع. يكتمل الفيلم بتصريحات توضيحية من مسؤول ميداني، قبل تصوير كامل القرية، للتأكيد بأنها باتت واقعة تحت سيطرة النصرة. وفي كل مشهد، شريط في أسفل الشاشة يوضح مراحل العمليات الزمنية وطبيعتها.

يزاوج هذا الفيلم بين إعلام الناشطين السوريين الذين درجنا على مشاهدتهم في مقاطع ميدانية، وبين العمل الإعلامي المحترف الذي أطلقه تنظيم “داعش” لجهة التقطيع المشهدي واختيار الصور القادرة على بث الدعاية. علماً أن الأفلام الوثائقية والتقارير الطويلة، أدخلتها “النصرة”، منذ تعزيز حضور شبكة “المنارة البيضاء”. وفي سائر أفلامها، تستخدم تعابير مذهبية، ومصطلحات إسلامية غير مفهومة، تحشد فيها مقاتليها بالدين لقتال الخصوم باسم الدين، وبينهم “داعش” الذي تصفه النصرة بأنه تنظيم “الخوارج”.

ويمكن القول بأن إطلاق “المنارة البيضاء”، ساهم في تعزيز حضور النصرة إعلامياً، بطريقة مختلفة عن المشاهد الإعلامية السورية غير المحترفة في معظمها. بوجودها، دشنت “النصرة” إعلامها الحربي. فقد أشرفت شبكة “المنارة البيضاء”، على تصوير فيلم الإعترافات في القلمون، ومقاطع صغيرة في محافظات عديدة قبل إصدار الشريطين الأخيرين. وتتوزع شبكة مراسلي “المنارة البيضاء”، في حلب وإدلب وحماه وحمص القلمون ودرعا ودير الزور، وهي محافظات تحظى فيها “النصرة” بحضور كبير، فيما تغيب عن الرقة الخاضعة لسيطرة “داعش”، كذلك عن الغوطة الشرقية الخاضعة في معظمها لسيطرة “جيش الإسلام”.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى