النظام السوري، انتهى اللعب Game Over
بدرالدين حسن قربي
ماقاله الرئيس أوباما الخميس الماضي في خطابه للنظام السوري من بليغ الكلام ووجيزه إما الإصلاح وإما الرحيل، كان بياناً واضحاً بمثابة صافرة الحكم أن الوقت المتاح نفد، وأن اللعبة انتهت (Game over)، وماعلى النظام سوى الرحيل. ومن ثمّ فقد قيل الكثير في كلام الرئيس الأمريكي من المحللين والمعلقين من شرق وغرب، ومن الإسلاميين والعروبيين من جماعة النظام نفسه أنصاراً وحلفاء وإعلاميين. ومع تعدد الرؤى فيما قاله أوباما إيجاباً وسلباً من قبل السياسيين عموماً، فإن النظام وشبيحته خصوصاً لم يروا فيه إلا تدخلاً فيما لاعلاقة للأمريكيين به ولا لغيرهم أيضاً، مما يعتبرونه شأناً سورياً سيادياً بل وداخلياً ليس من حق أحد التدخل فيه إلا دعماً وعوناً، وذلك فقط لمن كان حليفاً ونصيراً. وفي هذه ا لمناسبة لم ينس النظام وجوقته رشّ التهم على المعارضة والمعارضين ارتباطاً وتآمراً، وذراً للرماد في ملايين عيونٍ ترى كل يوم مجازر واعتقالات، ودجل إعلام وفبركات لاأضل منها ولا أكذب.
وعليه، فإن شبيحة النظام إعلاميين وصحافيين ومشايخ وكتاباً وغيرهم وجدوا في تصريحات الرئيس الأمريكي فرصة لإسماعنا معزوفاتهم عن أمريكا وممارساتها، والنيل من المعارضة السورية وطرقنا بما يناسب من شعاراتهم ووطنياتهم الفارغة الكاذبة، في نفس الوقت الذي يتعامون فيه عن القامعين واللصوص، ويتغافلون عن أن مسؤولا أمنياً وسياسياً سورياً رفيع المستوى استقبل السفيرين الفرنسي والأميركي في دمشق اريك شوفالييه وروبرت فورد معاً، وسلّمهما الأفكار الرئيسة لخطة الإصلاح مؤكداً التزام دمشق إياها كما هو مكتوب في الوثائق، وذلك حسب ماذكره مراسل صحيفة النهار اللبنانية في دمشق نقلاً عن مصادر غربية في عددها يوم الجمعة 20 أيار/مايو الجاري.
صحيح أن السوريين في ثورتهم السلمية ومطالبتهم بالحرية والكرامة بحاجة إلى كل موقف داعم لمطالبهم المشروعة في مواجهتهم مع النظام الذي لم يجد طريقة للتعامل معها منذ ساعاتها الأولى غير الإرهاب قتلاً وإراقةً للدماء، واعتقالاً وتعذيباً وقلعاً لأظافر أطفال في مدرسة ابتدائية، ولكننا نذكّر الجميع أن السوريين وقبل شهرين من كلام أوباما كانوا قد طالبوا النظام بالرحيل ومازالوا، فلا أحد يتصيد ويبيعنا وطنيات ويتهمنا بما قاله أوباما بعد الذي رآه من القمع والقتل. لقد قال أحرار وحرائر سورية كلمتهم برحيل النظام وبكل الوسائل المتاحة: الشعب يريد إسقاط النظام، كما نقلت الفضائيات العربية والعالمية أيضاً تكسيرهم لنصب وجداريات وتمزيق صور عملاقة لرجالات النظام الأموات منهم والأحياء وضربها بالنعال والأحذية، وتظاهراتهم مستمرة منذ أكثر من شهرين، وفي كل يوم يقتل النظام العشرات منهم ويعتقل المئات، بل ومئات دباباته تتحرك في ملاحقة المطالبين بالتغيير الذين طفح كيلهم بعد أن وضعهم النظام في طريق مسدودة ومليئة بوعودٍ بالإصلاح كثيرة ومتكررة وحالية خلال أكثر من أربعين عاماً من الحكم مابين الأب والابن لم يتحقق منها شيء بعد، بل وانتهت إلى إعلان الحرب على الشعب.
نظام يرفض الإصلاح تحت الضغوط الشعبية وهي عنده قاعدة ذهبية، ويرفض أيضاً الإصلاح من دون ضغوط وهي عنده قاعدة ماسيّة. ورغم أنه قد أخذ حقّه ومستحقه من عمر الناس في الإصلاح، وأن الوطن طفح كيله إصلاحاً وتصليحاً، ولاسيما بعدما انتهى بإعلان الحرب على الشعب وإشاعة المذابح والمجازر، ومن ثم فمابقي عليه غير الراحة والرحيل، وهو كلام فصل ليس بالهزل قاله السورييون. وأما إذا كان شبيحة النظام من مستشارين وقتلة وإعلاميين يوهمونه أنه بقتل بضع آلاف من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ من أحرار سوريا وحرائرها، واعتقال الآلاف أيضاً، وبنشر مئات الدبابات في المدن والأرياف، وبتقديم أوراق اعتماد خطة إصلاحية للسفيرين الأمريكي والفرنسي أنه يمكن له أن يستمر، فهذا أمر فيما نعتقد بات ضرباً من الوهم، وحسابهم عليه عسير، فالشعب السوري مابينذل، والشعب كله بدو حرية، مسلمين ومسيحية، سنة وعلوية، عرب وكرد ودروز وأشورية، وإلا كيف يمكن تفهيم المعاندين أن الوقت انتهى وال Game Over