النظام السوري وطواحين الكذب
بدرالدين حسن قربي
مع سقوط النظام التونسي والمصري والليبي، انكشفت للناس في كل تلك البلاد حقيقة لايجادل بها إلا من كان من شبيحة هذه الأنظمة وسدنتها، أن كل ماكان يُتداول بين الناس عن حجم فساد هذه الأنظمة واستبدادها وسرقاتها ونهبها لم يكن إلا الجزء اليسير من عظيمٍ مريعٍ كان خافياً ومسكوتاً عنه، إلى حد لايكاد يُصدّق. ويبدو أن النظام السوري رديف هذه الأنظمة فيما هو حاله اليوم وعلى طريقهم ماض ينتظر يومه قدراً مقدوراً، وسيرى الناس بأم أعينهم أن صندوق الطماطم الفاسدة وإن اختلف حجماً وشكلاً، هو نفسه في الفساد والعفونة والروائح الكريهة الفوّاحة من قرطاج إلى أم الدنيا وطرابلس فالشام.
ولئن كان النظام السوري يميّز نفسه عن هذه الأنظمة الراحلة والمتنحية لسببٍ كان يراه ثبت تداعيه مع انتفاضة سلمية شعبية في عموم سورية شعارها الحرية والكرامة، والتي أوشكت أن تُكمل شهرها الأول، فإن مايميّزه حقيقة هو ماكنات فبركةٍ وطواحين كذبٍ تعمل، وشبيحة في الإعلام تُسوّق على مدار الساعة، ولكن ورغم الخبرة المكينة للنظام في هذه المسألة، فإن ضغوط الانتفاضة واتساعها واستمرارها بات يُظهر الضعف والتفكك على البيانات الصادرة والسيناريوهات المؤلفة. ونستدعي للتوضيح ماكان في مدينة بانياس الساحلية وضواحيها خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب استمرار المظاهرات فيها وعدم توقفها، حيث حوصرت بأعدادٍ كبيرة من قوات الأمن والشرطة والجيش بما فيها الدبابات وغيرها ثلاثة أيام سوياً، وتمّ قطع الكهرباء عنها والاتصالات من هاتف وانترنت وجوال، وقام المحاصرِون كل بدوره بما فيهم الشبيحة الذين استباحوا المدينة في الضرب والقتل والسحل والاعتقال، والناس فيها تستصرخ وتستغيث كل على طريقته، ومن رفض من قوات الجيش والشرطة إطلاق النار على أهله ومواطنيه تمّ إطلاق الرصاص عليه فمنهم من قضى فوراً ومنهم من غدا جريحاً مصاباً.
وبإدخال ماكان من قمعٍ وقتلٍ واعتقال مما سبق إلى أجهزه الفبركة والتأليف يصبح الكلام خبراً عن أحداث عنف دامية لضحايا اشتباكاتٍ ومواجهاتٍ مدتها ثلاثة أيام بين قوات أمنٍ وجيشٍ وشرطةٍ بكامل عتادها وعُددها من طرف، ومجموعات مسلحة أثارت الرعب والهلع في نفوس السكان، كانت حصيلتها من الجيش والشرطة عشرة قتلى اثنين برتبة مقدم وخمسة وعشرون مصاباً، ومن المدنيين أربعة قتلى، وتسعة جرحى، ومئة معتقلين. ولئن تساءلنا فيما بين الحقيقة والفبركة، عن المجموعات المسلحة التي اندست في المدينة وأثارت الخوف والفزع في نفوس السكان ماذا فُعِل بها، وأين خسائرها وقد جاءت القوات العتيدة تتعقبها..!!؟ بل أين ذهبت هذه المجموعات المسلحة المندسّة، وانسحبت آمنة مطمئنة ومن دون أية خسائر البتة..!!؟ فلن نسمع جواباً، ولئن سمعنا فكله كاذب على مكذوب، وعاطف على معطوف وحبال دجل قصيرة أمرها معروف. لقد أثار تهافت سيناريوهات الفبركة لعديد من أخبار القتل والقمع أحد كتاب الدراما السوريين المعروفين، فنصح الجهات الإعلامية والأمنية ساخراً أن لو استعانوا بكاتب دراميٍ ما ليحبك لهم الكذبة المكشوفة، فتصبح سالكة ومقبولة.
ماكنات النظام وطواحينه وشبيحة إعلامه مصرّون على الاستخفاف بعقول القراء والمستمعين والمشاهدين على طريقة من أنتم..!!؟ من أنتم..!!؟ ورغم معرفتهم بالحقيقة، فإننا نذكّر بأن الناس والدنيا والعالم كله تغيّر وحتى الحين لاتعرفون من نحن، وبعدين معاكم..! لاعليكم، نعيد: نحن الشعب السوري المسالم الذي خرج من قمقم القمع والقهر يريد إسقاط النظام.