النظام السوري يدّعي على خصومه اللبنانيين
تزامناً مع نزع شرعيته دولياً
روزانا بومنصف
بدت مفارقة لافتة ان يتوجه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الى وزارة الخارجية كي يعلن من منبرها رفع دعوى ضد سياسيين لبنانيين يتهمهم النظام السوري بمساعدة معارضيه بالتزامن مع انعقاد مؤتمر اصدقاء سوريا في المغرب الذي اعترف بالائتلاف السوري المعارض ممثلا شرعيا للشعب السوري ما يعني نزع الشرعية الدولية عن النظام السوري كممثل لهذا الشعب. وتاليا فان لا قيمة مهمة في رأي ديبلوماسيين متابعين لما اعلنه الديبلوماسي السوري في ظل انحسار الاعتراف الدولي بالنظام وهو على وشك خسارة هذا الاعتراف كليا في الخطوات اللاحقة التي ستتبع خطوة الاعتراف الاميركية بالائتلاف وكذلك نحو مئة دولة من اصدقاء سوريا يمثلون غالبية الاعضاء في الجمعية العمومية للامم المتحدة. وتندرج خطوة النظام ازاء سياسيين لبنانيين داعمين للثورة السورية في اطار جملة اعتبارات البعض منها انتقامي في موضوع الوزير السابق ميشال سماحه وتورط مسؤولين في نظامه استدعاهم القضاء اللبناني بمقدار ما هو انتقامي كون المعارضة اللبنانية هي التي هزت ركائز نظامه منذ 2004 وبدت تبعات ادائه على الاثر مكلفة جدا. ويندرج ايضا هذا المسعى في اطار محاولة استمرار استخدام لبنان او الافرقاء اللبنانيين في السعي الى مواجهة الدول العربية التي لا يستطيع النظام مواجهتها فيما يتهمها بتمويل الثورة السورية وتسليحها فيختصر الطريق الى لبنان الاقرب والاضعف من خلال محاولة توجيه رسائل الى هذه الدول عبر استهداف المعارضة اللبنانية كما ان المسألة لا تبتعد عن الاطار نفسه لاثارة المشاكل في لبنان كما في موضوع سماحه واغتيال اللواء وسام الحسن وجملة امور النظام مسؤول عنها مباشرة او بالواسطة منذ انطلاق الثورة على ارضه بما في ذلك محاولات التوتير في طرابلس او عبر الحدود اللبنانية السورية.
في أي حال لا يكتسب الادعاء السوري أهمية تذكر باعتبار انه سبق للنظام ان اعتمد اسلوبا مماثلا قبل بضعة اعوام من دون ان يسجل اي نجاح في هذا الاطار كونه لا يملك قضية فعلية متينة بل كانت قضية سياسية ولتخويف او ترهيب خصومه. ولا يعتقد ان فرصته افضل في هذه المرحلة خصوصا ان القضية السياسية مستمرة و باعتبار ان سنونوة واحدة لا تكفي لتبشر بالربيع. اي ان التحرك الخارجي شبه اليتيم، باعتبار انه لا يرصد له اي حركة ديبلوماسية خارج لبنان او خارج الامم المتحدة، ليس كافيا للدلالة على ان النظام لا يزال متمتعا بموقعه وهو لم يعد يؤخذ بجدية بل ان كلام السفير السوري من حيث توقيته وظروفه انما يهدف الى محاولة خلق حالة من الضغوط الداخلية من خلال التلاعب على وتر الازمات السياسية المتفاعلة كما انه يحول الانظار عن انعقاد مؤتمر اصدقاء سوريا الذي انعقد في المغرب امس الاربعاء في 12 الجاري مكملا خطوة اعلن عنها الرئيس الاميركي باراك اوباما وقضت بالاعتراف بالائتلاف السوري المعارض ممثلا شرعيا للشعب السوري بالتزامن مع تصنيف “جبهة النصرة” تنظيما ارهابيا. ويبدو الاعتراف الاميركي بالائتلاف السوري التفافا على توسيع جبهة النصرة سيطرتها الميدانية واحتمال انتزاع او قطف ثمار الثورة السورية وتجييرها لمصلحتها في المرحلة اللاحقة اذ تبين ان الولايات المتحدة قد تكون اخطأت في تأخرها في دعم المعارضة والاعتراف بها مما افسح في المجال امام سيطرة جبهة النصرة التي تعتبرها جزءا من تنظيم القاعدة في العراق على مواقع كثيرة يمكن ان تمهد لها لاحقا وضع اليد على السلطة. ومضمون هذا السؤال يراه الديبلوماسيون المتابعون ملحا اكثر على روسيا التي دافعت عن النظام حتى الان بذريعة خوفها من وصول الاسلاميين الى السلطة اضافة الى السؤال اذا كانت ستدرج جبهة النصرة على لائحة التنظيمات الارهابية ايضا ام لا.
الا ان الاعتراف الاميركي مهم جدا وهو يعني عمليا من جهة ثانية جملة امور ابرزها: انه لم يعد في الامكان العودة الى الوراء اي ان تحسين الرئيس السوري وضعه لاي سبب كان لن يدفع بالولايات المتحدة الى سحب اعترافها بالمعارضة. وان الاعتراف الاميركي يعني اعترافا من غالبية دول العالم بالائتلاف السوري لان الولايات المتحدة تشكل مفتاحا مهما على هذا الصعيد فضلا عن استدراج الاعتراف جملة خطوات يفترض الا تتأخر في الظهور تباعا وسريعا ما لم يمكن توظيف الخطوة الاخيرة في تسريع وتيرة التفاوض الاميركي الروسي او تحفيزه وتاليا اعطاء مجال اضافي لروسيا من اجل ان تقوم بخطوات تؤثر فيها على الرئيس السوري كأن تقنعه بالتنحي او ما شابه او ان تساعد في الاتفاق على المرحلة الانتقالية من دون الاسد. ذلك ان الاعتراف بالائتلاف السوري المعارض ممثلا شرعيا يفترض تاليا الطلب منه تسمية ممثله في واشنطن كما في سائر الدول التي اعترفت به كون الدول لا تستطيع الاعتراف سوى بممثل واحد للشعب وليس اكثر. (ولن يكون ممثل الائتلاف بصفة سفير وان كان سيتمتع بمهماته في غياب مؤسسات الدولة ورئيسها). ولكن الامر سيستدرج قطع العلاقات الديبلوماسية مع النظام السوري واقفال السفارات مما يعني المزيد من عزل النظام وقطع صلته بدول العالم ما خلا تلك التي تدعمه حتى الان واهمها ايران وروسيا والصين وبعض دول اميركا اللاتينية.
النهار