صفحات الناس

النفط السوري.. إنتاج بدائي وفوضى وسلاح/ فادي جابر

 

-دير الزور

كما لو أنهما يتجهان إلى معركة، يحمل كل من جاسم وابن عمه سلاحهما وينطلقان بشاحنة متوسطة الحجم إلى الصحراء على الحدود السورية العراقية كي يملآها بالنفط الخام رغم كل المخاطر التي يمكن أن يتعرضا لها.

جاسم في الأربعين من العمر من إحدى قرى ريف دير الزور الشرقي عدّل سيارته كما فعل معظم سكان تلك القرى لتحمل خزانا يتسع لحوالي 30 برميلا من النفط الخام، لينقلها من البئر إلى مزاد النفط ثلاث مرات أسبوعيا.

يعمل جاسم في تجارة النفط منذ بداياتها. ويؤكد أن عشرات آبار النفط تعرضت للتخريب بغية فتحها واستجرار نفطها في المنطقة الشرقية، فيما تشتعل النيران في بعضها الآخر دون أي محاولة لإخمادها.

وكان إلياس وردة وزير الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة قد كشف في مؤتمر صحفي عقده في تركيا منتصف الشهر الماضي عن وجود اتصالات مع الفصائل العسكرية المسيطرة على آبار وحقول النفط، كي تشرف الوزارة على عملية الإنتاج بالطرق الفنية العالمية.

وأكد حينها أن هناك تجاوبا من قبل هذه الفصائل باستثناء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وأردف أن الوزارة وضعت خطة متكاملة لتحسين القدرة الإنتاجية لهذه الآبار والحقول من 30 ألف برميل يوميا إلى ما يقارب 400 ألف برميل في المناطق الشرقية.

لغة الرصاص

كثيرا ما يكون الرصاص هو لغة الحوار حول آبار النفط، وقلما يمر يوم لا يسقط فيه قتيل أو جرحى قربها.

ووفق أبو عدنان الذي يعمل في نقل النفط، فإن التوتر هو سيد الموقف والإصبع على الزناد جاهزة لإطلاق النار.

ويقول عدنان إن سيارات نقل النفط تصطف في باحة مسورة بساتر، فيما المضادات الأرضية وأسلحة الحرس جاهزة لإطلاق النار على أي مخالف للضوابط.

وفي الساحة هنالك من يكيل حجم خزان السيارة بالمتر المكعب ويحوله إلى براميل، وبعد ذلك يتوجه المشتري إلى غرفة المحاسب ليدفع له ثمن النفط، ثم يتوجه إلى أنابيب وفتحات تعبئة ومضخات معدة سلفا بجانب البئر، يملأ خزان شاحنته منه ويمضي من مخرج مخصص إلى وجهة البيع المفترضة.

أما عمليات النقل، فتتم بعد خروج السيارات من مناطق الآبار، وتكون وجهتها غالبا نحو “حراقات النفط” أو مدينتي حلب وإدلب أو فرازات النفط الكهربائية في المنطقة الواقعة بين الرقة وتل أبيض شمال سوريا أو في مناطق أخرى من الريف الشرقي.

ويقدر عدد السيارات العاملة في نقل النفط بالآلاف وقلما توجد شاحنة عامة أو خاصة إلا وتعمل في هذا المجال.

المنطقة الشرقية

وطبقا لأقل التقديرات يوجد 30 ألف حراق نفط في المنطقة الشرقية تمتد كحزام مترابط ابتداء من آخر نقطة تسيطر عليها القوات الحكومية حتى الحدود العراقية شرقا.

ووفق العاملين في تكرير النفط تتم العملية عبر وضع خزان سعته من خمسة إلى عشرة براميل في حفرة تشتعل فيها النيران باستخدام النفط الخام الخفيف أو الثقيل بغية إيصال النفط داخل الخزان لدرجة الغليان والتبخر فيخرج على شكل بخار عبر أنبوب يمر بحفرة مليئة بالمياه ويتكثف وينزل من الطرف الآخر ويعبأ في براميل وفق النوع.

ويجمع معظم العاملين في مجال الحراقات على أنه ينتج عن كل برميلي نفط خام خفيف مكرر حوالي برميل ونصف من المشتقات النفطية.

وتباع المشتقات النفطية عبر محطات وقود مصغرة بجانب الفرازات الكهربائية أو على الطرقات الرئيسية وأحيانا في خزانات وحاويات صغيرة على أرصفة الشوارع.

وغالبا يكون الباعة في الطريقة الثانية من صغار السن يجلسون تحت الشمس الحارقة في ظروف جوية سيئة.

ويباع لتر المازوت المكرر بالحراقات بـ75 ليرة (نصف دولار تقريبا) في حين يباع مازوت الفرازات بـ65 ليرة سورية. أما لتر البنزين فيباع بحوالي 200 ليرة سورية.

الجزيرة نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى