صفحات العالم

“النموذج الكردي” لسوريا ولبنان


جهاد الزين

لم تنتظر أحزاب رئيسية كردية في سوريا كثيرا منذ اندلاع الثورة هناك العام المنصرم لكي تعلن نيتها بدون تردد (وبدون خبث) في الدعوة الى حصول الأكراد السوريين على الحكم الذاتي في ما يعتبرونه مناطقهم، وهي أكثر من مجرد منطقة القامشلي في محافظة الحسكة وتمتد في تـصور بعضهم الى بعض التجمعات على  حدود حلب البعيدة مئات الكيلومترات… حتى أن أحزابا وشخصيات كردية اعترضت على الاحتفاظ باسم “الجمهورية العربية السورية”  في اجتماع أنتاليا العام المنصرم ومؤخرا في اجتماع اسطنبول داعيةً الى حذف “العربية” من التسمية.

 الرصد الدقيق يتطلب القول إن قوى وشخصيات كردية اعترضت على “هذا التسرع” فيما طمأننا آخرون من ناشطي أكراد سوريا في المعارضة الى أن الأكراد سيظلّون في إطار أي حل داخل الكيان السوري وليس خارجه.

المهم أن الموقع الكردي العراقي أصبح بعد عام 2003 “نموذجا” جذّاباً لأكراد المحيط  ولاسيما في سوريا التي لم تَعرف تاريخياً منذ تأسيس الكيان السوري بعد الحرب العالمية الأولى حركةَ اعتراضٍ حيوية دائمة ضد السلطة المركزية مثل الحركة في تركيا أو العراق أو ايران لأسباب عديدة ليس مجالها هنا.

 ميشال كيلو، في اوقات اصبحت الآن مبكِرةً جدا عام 2001 بعد المباشرة بعقد “المنتديات” ولاحقا بعد إعلان دمشق، شكا أمامي مراراً من المتاعب “الإنفصاليةِ النزوعِ” لبعض التيارات الكردية ونوع السجالات التي اضطر لخوضها معها في السر والعلن بسبب ذلك.

الرصد الآخر الضروري هو أن عام الأحداث المنفجرة في سوريا، تظاهراتٍ سلميةً ثم “عسكرةً” (خارجيةً في الاساس) لم يشهد مشاركة كردية نشطة بسبب عوامل عديدة. الذاتية بينها قرار التجنيس الذي اتخذه الرئيس بشار الأسد مبكرا والذي شمل ليس أقل من 300000 كردي منهم حوالي النصف كانوا مقيمين وهم من دول مجاورة، وبينها “نصائح” بالتروّي قدّمها قادةُ الحزبين الكرديّين القوميّين الكبيرين في العراق، القلقون من التيارات الاسلامية في مناطق الاقليم الكردي العراقي. أما العامل الموضوعي الجيوبوليتيكي فهو وجود تركيا الخصم الأقوى للإنفصالية الكردية على الحدود المباشرة مع مناطق الأكراد السوريين.

“النموذج الكردي” الآتي من العراق بنجاح بعد عام 2003 يقول للأكراد السوريين أن بالإمكان الطموح الى منطقة مستقلة عملياً داخل صيغة “سيادية” سورية. وهو يجدد لدى البعض في المجموعات اللبنانية صورة عن فيديرالية مشرعَنة – وليس غير معلنة كالقائمة اليوم في لبنان – تخفف من “عبء” الارتباط الذي بات مضنياً بعدما مَنح العراقُ مشروعية للفكرة الفدرالية في الثقافة السياسية العربية.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى