صفحات الناس

انتقادات على الشاشة السورية/ بشار إبراهيم

 

 

 

كان أمراً لافتاً ظهور النائب في «مجلس الشعب» السوري يوسف أسعد في مداخلة مطولة (نحو 10 دقائق)، متحدثاً تحت قبة البرلمان، عن كثير من جوانب الفساد في الأداء الحكومي، محذراً من «غضبة الشارع»، مقدماً عدداً من الوثائق الرسمية التي تثبت صدقية ملاحظاته.

ربما هي من المرّات النادرة التي تمرّر هكذا مداخلات على الشاشة السورية (التلفزيون العربي السوري)، سواء كان ذلك للامتناع عن توجيه النقد المباشر للحكومة وأدائها، أم لذرائع ذات علاقة بـ «الأزمة» السورية التي ينبغي أن تحتشد الطاقات لعبورها، وفي مقدمها فكرة أن هذا ليس الوقت المناسب للحديث في التفاصيل، و«دعنا ننتهي من الأزمة ثم نتحدث»!

جرأة النائب، لاقت قبولاً لدى عديدين، باعتبارها فاتحة للقول الصريح إزاء ما يحدث في ميدان المسكوت عنه، والمرغوب قوله، بخاصة أنه جاء على الشاشة الرسمية، وليس إحدى الشاشات الرديفة، ما يعني أن ثمة توجّهاً في هذا الإطار، بخاصة أنه لم تحدث أي مقاطعة للنائب الذي أخذ وقته كاملاً، كما لم ينبس أحد من البرلمانيين أو الوزراء ورئيس الحكومة بنبرة امتعاض.

يمكن المرء فهم هذه الواقعة على أنها تعبير عن شعور عام بالارتياح يسود الأوساط الرسمية السورية، وقد امتلأت شعوراً بأن ملف «إسقاط النظام» بات جزءاً من ماضٍ لا يحبّ أحد منهم تذكّره، وأن «المعركة» باتت على أصعدة أخرى، ما أدى في صيغة أو أخرى إلى اتساع حالة الانفتاح على قضايا وشؤون داخلية، وحياة المواطنين السوريين الواقعين بين مطرقة «الحرب» وسندان «غلاء المعيشة»، ليكون أي تقصير حكومي «ثالثة الأثافي».

نقول هذا، وقد لفت النظر أن الشاشة السورية في الوقت ذاته، بثّت ندوة حوار لمجموعة من الباحثين العاملين في مجال مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية السورية، تناولوا فيها دور هذه المراكز في التأسيس والتأصيل المعرفي، وتعزيز الوعي والإدراك بمجريات ما يحدث راهناً في المنطقة العربية، وسورية جزء منها، إن لم نقل في مقدمها.

سيستطرد الباحث (من مركز «مداد») شادي أحمد، في تحليل تعبير «نظام»، والدلالات السياسية والأخلاقية والقيمية لها، وتاريخ هذه الكلمة، والمُراد من وراء استنباطها واستخراجها من بطون المعاجم والقواميس اللغوية، وتحويلها سياسياً وأخلاقياً إلى معنى آخر، لا علاقة له بالأصل اللغوي للكلمة، ليصبح تعبيراً «مغرضاً»، يُراد منه النيل والقدح والذم، لا الوصف، تعزيزاً لحالة الرفض السائد رسمياً لاستخدام هذه الكلمة في سورية، واعتماد تعبير «قيادة».

ما بين انتقادات الأسعد، وتحليلات أحمد، وما يشبه هذا من إطلالات لم تعد نادرة، تسعى الشاشة السورية، للقول إنها تسعى للانتقال إلى حالة جديدة، تتوافق مع القضايا الكبرى، وتقترب من التفاصيل اليومية.

الحياة

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى