انجلينا جولي في مخيمات البقاع: اللاجئون أبطال/ لوسي بارسخيان
من مخيم اللاجئين العشوائي في محلة “الفيضا” بضواحي زحلة، إختارت الممثلة العالمية أنجلينا جولي أن توجه رسالتها إلى العالم كمبعوثة خاصة لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، في الذكرى الخامسة لبدء أزمة اللاجئين السوريين. فجلست تحت المطر لمدة 15 دقيقة وتلت بياناً مكتوباً يختصر معاناة اللجوء في سوريا والعالم.
أحد أسباب اختيار جولي زيارة لبنان، في الذكرى الخامسة لبدء الأزمة السورية، أنّ لها في هذا البلد، الذي أشادت بضيافته الكريمة للاجئين، أصدقاءاً كثراً من بين اللاجئين. ولكن لسفيرة “النوايا الحسنة” تجربة مميزة في مخيم “الفيضا” تحديداً. ففيه تعرفت في العام 2014 على معاناة عائلة الطفلة السورية هلا (12 سنة) التي فقدت والديها خلال الحرب السورية، فكُتب على أكبر أفرادها سناً (17 سنة) أن يعمل لإعالة عائلة من ثمانية أفراد. وكانت جولي قد صورت، بعيداً من وسائل الإعلام، مع هلا واشقائها فيلماً وثائقياً يعكس صعوبة حياة أطفال فقدوا طفولتهم باكراً، قبل أن تعود وتزورهم مرة أخرى في العام 2015 مع ابنتها شيلوه بعيداً من وسائل الإعلام أيضاً.
وقد ذكّرت جولي بهذه المعاناة في إشارتها إلى ما تشعر به من ذهول ورهبة ازاء شجاعة هؤلاء “الأبطال في نظري”، فـ”عندما ألتقي بشاب يتكفل برعاية اخوته واخواته لسنوات عديدة من دون أب وأم، ويقوم بكل ما في وسعه لتوفير الغذاء لهم، أسأل نفسي عما فعلناه”.
وتحدثت جولي عن 4.8 مليون لاجئ سوري في المنطقة، فضلاً عن 6.5 مليون نازح داخل سوريا، ولفتت إلى أن أكثر من مليون منهم استضافهم لبنان، و”ليس سهلاً على أي بلد أن يستضيف هذا العدد من اللاجئين، الذي يساوي ربع عدد سكانه”.
جولي تمنت لو انها تمكنت، في الذكرى الخامسة لبدء النزاع في سوريا، من رؤية العائلات التي تعرفت عليها قادرة على العودة إلى ديارها. واستشفت أيضاً من هذه الزيارة “مدى استماتة هذه الأسر وصعوبة كفاحها اليوم من أجل الصمود في وجه التحديات. فبعد خمس سنوات من المنفى لا بد أن تكون مدخراتهم قد استنفذت، والعديد ممن كانوا يعيشون في شقق في بداية الأزمة باتوا يتجمعون اليوم في مراكز تسوق مهجورة أو مخيمات عشوائية أو يرزحون تحت ثقل الديون. فلقد تضاعفت أعداد اللاجئين الذين يعيشون في أقل من الحد الأدنى من مقومات البقاء، أي العاجزين عن تأمين الغذاء والمأوى الضروريين للبقاء على قيد الحياة، علماً أن 79 بالمئة من مجموع اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان هم من النساء والأطفال”.
وبعد اشارتها إلى مشكلة اللجوء العالمية، التي يبلغ حجمها نحو 60 مليون لاجئ من مختلف أنحاء العالم، اعتبرت جولي أنه “لا يمكننا ادارة العالم من خلال مساعدات الاغاثة، بدلاً من الحلول الدبلوماسية والسياسية. ولم يعد بامكاننا مناقشة هذه الأزمة كما لو أنها مشكلة تقتصر على أوضاع عشرات الاف اللاجئين في أوروبا. ورجائي اليوم أن تتحلى الحكومات في جميع أنحاء العالم بروح القيادة، فتقوم بتحليل الوضع وتحدد المساهمة التي يمكن لبلادها تقديمها، وتعمد إلى تحديد عدد اللاجئين التي يمكنها مساعدتهم، فضلاً عن تحديد المجتمعات والاطار الزمني للمساعدة. كما لا بد من شرح ذلك لمواطنيها لتبديد المخاوف”.
تبللت الأوراق في يد جولي قبل أن تنتهي من قراءتها، فنظرت إلى الصحافيين قائلة “أعلم أنكم وأنتم جالسون تحت المطر تقولون إن ما نفعله جنوني، ولكن أقول لكم، إنني التقيت هذا الصباح إمرأة تعيش تحت سقف، أنا متأكدة أنه غير قادر على أن يقيها تسرب الأمطار إلى الداخل، وهي مشلولة بعدما أصيبت برصاص قناص، ولم تتوقف عن الابتسام ولم تقل شيئاً سوى أنها ممتنة لكونها تعيش بأمان هنا وشاكرة للبنان. فإذا لم تتذمر هي هل يحق لنا أن نتذمر؟”.
المدن