انسحاب الفنانين العرب على خلفية التمويل الإسرائيلي
مهرجان ‘سلام أورينت’ يوصل مقاطعة إسرائيل إلى النمسا
محمد أبو الروس
تشهده العاصمة النمساوية، فيينا، كلّ خريف مهرجان ‘سلام أورينت’ الذي يُعنى بتقديم الموسيقى والرقص والشعر الشرقي وتفاعلاتها في الغرب، وهو يعدّ الوحيد من نوعه في بلاد موتسارت وشوبرت، ويستضيف المهرجان سنويا إلى جانب فنانين نمساويين مستشرقين مثل تيمنا براور ، وأوتو ليخنر موسيقيين من عدة بلدان ذات ثقافة شرقية كبلدان البحر المتوسط ووسط آسيا، ولا تستثنى إسرائيل التي يحل فنانوها أيضا ضيوفا على المهرجان.
ما استجدّ في هذا العام هو ظهور خاتم سفارة دولة إسرائيل على ملصق ونشرات المهرجان بين شعارات المؤسسات النمساوية الحكومية وغير الحكومية المموّلة، ما أثار استغراب الكثيرين من المتابعين للشأن الثقافي في فيينا، خاصة أن هذه المؤسسات تحديدا بعضها له باع طويل في التعاطف مع القضية الفلسطينية والقضايا العربية، أو تمتلك على الأقل الخبرة الكافية لكي تتجنب المساس بالخطوط الحمراء لدى الفنانين والجمعيات العربية.
مساء الجمعة 12 تشرين الأول (أكتوبر) نشرت صحيفة الإنتفاضة الإلكترونية على الشبكة الدولية بيانا للموسيقي ومغني الراب الفلسطيني ‘مقاطعة’ يعلن فيه مقاطعة مهرجان سلام أورينت على خلفية الاشتراك الاسرائيلي في التمويل الذي لم يعلم به إلا متأخرا، وتبعه في صباح اليوم التالي بيان للفنانة السورية لينا شماميان تعلن فيه انسحابها من المهرجان لنفس الأسباب، مؤكدة انها كعربية سورية ترفض أن تظهر في فعالية تريد هدم الأسوار بين البشر وتشرك في نفس الوقت الممثل الرسمي لدولة احتلال تبني الأسوار.
مواقف مشابهة اتخذها مغنّو الراب اللبنانية ‘ماليكا’ والأردني ‘صوت وصورة’، واشتراط البروفسور العراقي المقيم في كندا، صباح الناصري، إخراجَ محاضرته عن ‘الربيع العربي والتدخل الأجنبي’ من إطارالمهرجان، وحذف الدعوة إليها من على موقعه على الإنترنت أدت إلى إفراغ المهرجان من الضيوف العرب، اما الموسيقي الفلسطيني المقيم في فيينا مروان عبادو فقد أعلم جمهوره على حسابه في الفيسبوك بانضمامه إلى المقاطعين وبعدم نيته المشاركة في مهرجان تموله إسرائيل، في حين نشرت صحيفة دي برسّه النمساوية موقفه المعلن وهو عدم المشاركة نتيجة للضغوط التي تعرّض لها من طرف حملات مقاطعة إسرائيل، منتقدا في ذات الوقت أسلوب المقاطعة وطريقة العرب ‘اللاعقلانية’ في الحوار.
الإجماع العربي ومعركة الرأي العام
مواقف الفنانين على اختلاف حدّيتها طرحت موضوع المشاركة الرسمية الإسرائيلية بقوة أجبرت منظمي المهرجان والإعلام النمساوي على التعامل مع الموضوع، ففي بيان نشر على موقع المهرجان أكد المنظمون أن التمويل الإسرائيلي يقتصر على فرقة إسرائيلية طاجيكية، ونوهوا إلى اعتمادهم على التمويل من أي طرف كان، كما تناولت كافة وسائل الإعلام النمساوية خبر انسحاب الفنانين ولو من باب عدم التفهّم الذي عززه موقف عبادو حول المقاطعة.
بدورها أصدرت الجمعيات العربية من مختلف الأقطار في فيينا رسالة إلى المنظمين والممولين النمساويين، وإلى الرأي العام النمساوي، تدعم موقف الفنانين العرب ويؤكّد على الإجماع العربي على مقاطعة الفعاليات ذات المشاركة الرسمية الإسرائيلية. وفي حين أسف البيان الذي حمل توقيع 25 منظمة عربية وتضامنية في النمسا لاضطرار الفنانين إلى الانسحاب من المهرجان ، دعى المنظمين والمؤسسات الممولة إلى مراعاة الحساسيات المتعلقة بالموضوع في الأعوام القادمة، مؤكدا على مركزية القضية الفلسطينية ورفض تطبيع العلاقات في المنطقة دون إيجاد حل عادل لها.
جدير أيضا بالذكر هو أن هذا النوع من المقاطعة العربية تشهده النمسا لأول مرة منذ عقود، ففي ظل هيمنة أنصار إسرائيل على وسائل الإعلام والعديد من المؤسسات في بلد تحكمه عقدة الذنب كشريك في الهولوكوست، لا يتجاوز سقف الجمعيات العربية عادة سقف نفس المؤسسات التي تمول سلام أورينت، وعليه فإن الخطوة التي اتخذها الفنانون العرب تعد سابقة إيجابية في بلد ناطق بالألمانية كالنمسا، كما فرضت أمرا واقعا أدى إلى اصطفاف الجمعيات العربية من مختلف الأقطار والتوجهات في موقف مشترك في مواجهة المؤسسات النمساوية قد ربما هو الأول من نوعه، وتجاوزها أي خلافات داخلية أو بينية في سبيل التعبير عن الإجماع على رفض التطبيع وتقديم نوع من الحماية الشعبية للفنانين.
رابط مهرجان سلام أورينت
رابط بيان ‘مقاطعة’
http://electronicintifada.net/blogs/ali-abunimah/citing-israeli-sponsorship-palestinian-mc-boikutt-pulls-out-austrias-salamorient
بيان لينا شماميان
https://www.facebook.com/LenaChamamyan’ref=ts&fref=ts
بيان ماليكا
https://www.facebook.com/MALIKAH961/posts/10151094361337197
رابط المقال على صحيفة بريسّه مع تصريحات عبادو
http://diepresse.com/home/panorama/wien/1303001/print.do
بيان الجمعيات العربية