صفحات العالم

ايران والمسألة السورية –مجموعة مقالات-

أميركا تستعد للمبادرة الايرانية.. وللتعايش مع الأسد/ حسين عبد الحسين

وسط المبادرات المتجددة للتوصل الى حل في سوريا، عقب توقيع الاتفاقية النووية مع إيران، تستعد الولايات المتحدة إلى مجموعة جديدة من السيناريوهات في سوريا. ولهذا الغرض طلبت مستشارة الامن القومي سوزان رايس من مجموعة من أبرز الخبراء الاميركيين في الشأن السوري، تشكيل فريق متخصص لتقديم الحلول الممكنة وتأثيرها على المصالح الاميركية.

ويأتي التحرك الاميركي في وقت سرت أنباء عن وجود مبادرة ايرانية للحل السوري، وهي مبادرة يبدو ان رايس تعلم مضمونها، أو على الأقل يمكنها التكهن بها، بعد قرابة سنتين من الحوار الاميركي – الايراني النووي، الذي غالباً ما تخلله الحديث في شؤون كثيرة غير نووية كان في طليعتها سوريا.

ولأن رايس تعلم ما يدور في خلد الإيرانيين، فهي طلبت الى فريق الخبراء الذي شكلته الأخذ بعين الاعتبار ان الحلول الممكنة قد تتضمن بقاء الأسد في الحكم لفترة محددة، وهذه فكرة لطالما وردت ضمنيا على لسان مسؤولي الادارة الاميركية، الذين كرروا ان الحل في سوريا يتمثل بالتوصل الى تسوية بين النظام والمعارضة المعتدلة. ولم يقل المسؤولون الاميركيون يوما ان التسوية مع النظام تحصل في غياب الأسد، أو تشترط خروجه من الحكم قبل المباشرة بالحوار بين الطرفين، بل لطالما تمسك الاميركيون بمقولة ان لا مستقبل للأسد في سوريا، لكنهم لم يحددوا متى يبدأ هذا المستقبل المزعوم.

ومن مفاوضات “المسار الثاني” المنعقدة بين اميركيين وايرانيين على مدى الاعوام الماضية، والتي تضمنت مسؤولين سابقين من الدولتين يكون لديهم في العادة علاقات مع مسؤولين حاليين، تبين ان الرؤية الايرانية للحل السوري تتضمن خروج الأسد، ولكن بعد نهاية ولايته الرئاسية. ويقول الاميركيون ممن شاركوا في محادثات من هذا النوع إن الايرانيين يعتقدون انه طالما يتمتع الأسد بشعبية تخوله العودة الى الرئاسة، فلا مكان للقوى الخارجية لفرض رؤيتها القائلة بوجوب خروج الأسد من الحكم كشرط للتسوية.

أما التنازل الوحيد الذي قد يوافق عليها الايرانيون، فيتمثل بتوصل مفاوضي الأسد والمعارضة الى تعديل الدستور السوري بشكل يحدد عدد الولايات الرئاسية، ما يحرم الأسد “البقاء” في الحكم حتى لو كان في امكانه الفوز في صناديق الاقتراع.

لكن في التنازل الايراني فخ، حسب اميركيين ممن شاركوا في “المسار الثاني” مع الايرانيين، يتمثل في ان طهران لا تعتقد ان أي تعديل للدستور السوري لناحية عدد الولايات الرئاسية يسري بمفعول رجعي على الأسد. أي انه اذا تم تحديد فترات الرئاسة باثنتين، مدة كل واحدة اربع سنوات، يمكن للأسد ان يترشح في العام ٢٠٢١ لولاية اربع سنوات، تليها اربعة ثانية، وعندها يمكن للأسد البقاء نظرياً في الحكم حتى العام ٢٠٢٩.

السيناريوهات التي تطمح اليها الادارة الاميركية في سوريا يبدو انها لا تتعدى كونها وقف اطلاق نار بين الأسد والثوار، وربما التوصل الى تنسيق أمني يمنح الطرفين المقدرة على مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”. أما موافقة أميركا على استخدام قوتها الجوية لحماية مقاتلي “المعارضة المسلحة المعتدلة” ممن تدربهم أميركا، والذين بلغ عددهم ستين مقاتلاً في آخر تقرير، فمناورة سياسية أميركية تأتي بعدما شعرت واشنطن ان تقديمها غطاء جوياً للثوار في الشمال لن يجبرها على توجيه ضربات للأسد لأن قواته صارت شبه غائبة عن المنطقة الشمالية والشرقية، ما يعني أن الغطاء الأميركي الجوي سيستهدف داعش فقط، وهو ما تفعله المقاتلات الأميركية أصلاً منذ أيلول/سبتمبر الماضي.

الرئيس باراك أوباما سيخرج من الحكم قبل الأسد، على حد قول وزير الدفاع آشتون كارتر اثناء جلسة استماع في مجلس الشيوخ. أوباما وادارته يعرفون ذلك، ويعرفون أن السنة والنصف المتبقية للرئيس الأميركي في الحكم، ستقتصر على مناورات ومبادرات في الشأن السوري، من النوع الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع.

المدن

 

 

 

ثلاثية طهران لنسف ثلاثية الدوحة!/ راجح الخوري

قبل أن يصل سيرغي لافروف إلى موسكو عائدًا من الدوحة، هبط نائبه ميخائيل بوغدانوف في طهران ليكمل دفن كل ما قيل عن تغيير في موقف روسيا من الأزمة السورية. لافروف واجه جون كيري وعادل الجبير في اللقاء الثلاثي في قطر يوم الاثنين الماضي بعقدة التمسك بالأسد، وبوغدانوف رد على تصريح رجب طيب إردوغان بأن فلاديمير بوتين قد يتخلى عن الأسد بالقول: «إن موقف روسيا ليس شيئًا قابلاً للتغيير مع تغيّر الظروف، ونرى أن تجلس الحكومة السورية مع المعارضة لتقرير مستقبل سوريا»!

وإذا كانت نتائج اللقاء الثلاثي بين لافروف وكيري والجبير في الدوحة، لم تسفر عن أي نتيجة من شأنها رسم أفق ولو بعيد، لحل ممكن في سوريا يوقف حامولة القتل ويؤسس لحرب حقيقية ضد «داعش» وعودة المهجرين، فإن نتائج اللقاء الثلاثي بين بوغدانوف ومحمد جواد ظريف ووليد المعلم في طهران، أعادت ترسيم، لا بل ترسيخ، الأفق المظلم في سوريا على قاعدة استطرادية فحواها «الأسد أو نحرق ما تبقى من البلد»، وهو طبعًا ما يساعد في تزخيم «تدعيش» السوريين الذين يتساقطون تحت صواريخ النظام وبراميله المتفجرة!

واضح أن ثلاثية طهران جاءت لنسف كل الأوهام التي سبقت ثلاثية الدوحة عن تغيير روسي وإيراني ممكن حيال الأزمة السورية لا بل إن حسين أمير عبد اللهيان حاول أن يخلق جوًا مناقضًا، فلم يتردد في الحديث عن تغيير في مواقف الفرقاء الآخرين حيال سوريا عندما قال: «لحسن الحظ نرى تغييرًا في استراتيجية اللاعبين الإقليميين من الأزمة السورية، لقد ظنوا قبل أربع سنوات أن الحرب هي الحل، لكنهم الآن يفضّلون التركيز على الدبلوماسية»!

غريب أن يصل تزوير الحقائق إلى هذه الدرجة، وكأن الشرق الأوسط والعالم بلا ذاكرة، ذلك أنه من الواضح أن الروس والإيرانيين دعموا منذ اللحظة الأولى مراهنة بشار الأسد على الحل العسكري، فأفشلوا مبادرة الجامعة العربية ومهمة المراقبين العرب ثم المراقبين الدوليين، ثم تولى لافروف ببراعة كيدية شلّ مجلس الأمن بالفيتو، ثم دفن مساعي كوفي أنان ومن بعده الأخضر الإبراهيمي، أما ستيفان دي ميستورا (السائح الأخير) فلن يكون حظه في النهاية أحسن من حظوظ سلفيه!

اللقاء الثلاثي في الدوحة لم يتوصل إلى أي مبادرات بسبب التعنت الروسي، لكن اللقاء الثلاثي في طهران يقدّم على سبيل التعمية طبعًا، ما قيل إنه «مبادرة إيرانية معدّلة» تكفي قراءة بنودها الأربعة لدحض كل ما ورد في التحليلات عن تحوّل في موقف روسيا وإيران من الحل في سوريا، لا بل إن التصريحات بعد لقاءات طهران جددت تمسك روسيا وإيران بدعم النظام السوري في محاربة الإرهاب، وضرورة تشكيل جبهة واسعة مناهضة للإرهاب لمواجهة «داعش»، في حين تولى وليد المعلم دفن أي أفق للتسوية عندما أكد ما تدعمه موسكو وطهران؛ أي «ضرورة موافقة دمشق على أي مبادرة لحل الأزمة السورية»!

المبادرة الإيرانية التي قيل إنها معدّلة تتألف من أربعة بنود لا تقدّم أي خطوة في اتجاه الحلول، وهي تدعو إلى:

1 – وقف فوري لإطلاق النار.

2 – المباشرة بتشكيل حكومة وحدة وطنية. (دون تحديد الإطار الذي يجب أن تشمله صفة الوحدة الوطنية، خصوصًا مع وجود معارضات في الخارج ومعارضة الداخل التي هي قناع النظام).

3 – إعادة تعديل النظام السوري بما يتوافق مع طمأنة المجموعات الإثنية والطائفية في سوريا.

4 – إجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين (دون تحديد آليات الانتخابات في بلد نصف سكانه في التهجير).

ليس من جديد في هذه «المبادرة» التي يبدو من الواضح أنها تهدف إلى إصابة عصافير عدة بحجر واحد، فهي: أولاً، تحاول أن تظهر إيران بعد الاتفاق النووي مع الدول الغربية ومع ارتفاع المعارضة الخارجية لهذا الاتفاق على أنها دولة حلول وتسويات، بينما هي عمليًا فريق أساسي منخرط في الصراع يقف إلى جانب النظام السوري بالرجال والعتاد والمال.

وهي ثانيًا، تريد تعويم الأسد بعد هزائمه الأخيرة وخطابه عن النقص في الرجال وتبريره انسحابات قواته إلى مناطق أكثر أهمية، بما شكّل مؤشرًا استباقيًا على استعداده لإعلان دولة الساحل العلوية. وفي هذا السياق، برزت محاولات للحديث عن دور الأسد في محاربة الإرهاب عندما قال عبد اللهيان: «إن مقاومة سوريا للإرهاب مشهود لها، وإن أي شيء يتعلّق بالمبادرة الإيرانية سيتم التشاور فيه والتنسيق الكامل مع المسؤولين السوريين»، كل هذا رغم أنه من المعروف أن الإرهاب ولد من رحم سياسات الأسد وإصراره الدائم على الحل العسكري.

وهي ثالثًا، تريد قطع الطريق على الاتفاق الأخير بين أميركا وتركيا على إقامة المناطق الآمنة في شمال سوريا، التي سيعود إليها مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المعارضين للنظام، والتي تساعد على خلق منطقة أكثر حرية في العمل السياسي والعسكري، وتشكل مركزًا لحكومة أو إدارة للمنطقة المحررة، وحقلاً لتدريب المعارضة المعتدلة التي يمكنها بالتالي تقديم الدعم إلى المعارضين في دمشق وجنوب سوريا والبدء بالتخطيط لتطهير محافظات الحسكة ودير الزور والرقة من سيطرة «داعش».

ما يؤكد هذا الاتجاه الانتقادات الروسية لقرار واشنطن توفير غطاء جوي لدعم قوات المعارضة التي تقوم بتدريبها، والخوف من أن يستهدف القصف قوات النظام التي تحارب المعارضين أكثر مما تحارب «داعش». وفي هذا السياق، يقول علي أكبر ولايتي، مستشار علي خامنئي، إنه فوجئ بتحذير أميركا أخيرًا من أن طائراتها ستتدخل ضد الحكومة السورية بأميركا، معتبرًا أن واشنطن «تقوم بتدريب إرهابيين في الدول المجاورة لسوريا وتدعمهم في حين لا يقوم هؤلاء إلا بذبح الأبرياء»!

وهي رابعًا، تحاول أن توحي أن الحل يأتي من طهران لا من الدوحة، وفي كلام أوضح من حلفاء الأسد الذين يدعمون بقاءه في السلطة لا من خصومه الذين يطالبون بخروجه من السلطة، كما يفعل الشعب السوري المذبوح منذ أربعة أعوام ونيف!

المعارضة السورية تعاملت بشيء من السخرية مع المبادرة الإيرانية واعتبرتها مبادرة لحل أزمة الأسد ونظامه لا لحل أزمة سوريا، معتبرة أن أي مبادرة لتكون مقبولة يجب أن تنص صراحة على انتقال السلطة من خلال هيئة حكم انتقالي لا دور فيها لبشار الأسد.

الشرق الأوسط

 

 

دينامية سياسية جديدة تُوحي بمشهد مختلف في المنطقة ولكن… اللاعبون الكبار غير مستعدّين لتنازلات ولا صفقة واضحة لسوريا بعد/ موناليزا فريحة

أطلق الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى المانيا، دينامية سياسية جديدة في المنطقة توحي بمشهد مختلف. فهل حقاً بدأ العد التنازلي لنهاية النزاع في سوريا أم أن التسوية الكبرى لا تزال بعيدة؟

اللاعبون الكبار في المنطقة يتحركون في أكثر من اتجاه. واشنطن وموسكو والرياض وطهران تتحرك في شكل مستقل ظاهراً عن مساعي الامم المتحدة لسوريا واليمن خصوصاً.

زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لمسقط، وهي الاولى له لدولة عربية منذ بدء الأزمة السورية قبل أكثر من أربع سنوات، تندرج ايضاً في اطار المشهد الجديد. المعلم ذهب الى عمان التي باتت تضطلع بدور الوسيط في نزاعات المنطقة، عقب زيارته طهران.

وقال ديبلوماسي يتابع الوضع في سوريا لـ”رويترز” إن “الذهاب إلى طهران ثم التوجه مباشرة بعدها إلى عمان له معنى في ذاته… فهو مؤشر لإعداد شيء ما. في وسع إيران والولايات المتحدة التواصل من خلال مكاتب العمانيين”.

الواضح أن الاميركيين يعملون على أكثر من جبهة على رغم التفويض غير المعلن الذي أعطته واشنطن لموسكو لإطلاق حراك سياسي لحل الازمة السورية.

التسوية مع تركيا

التبدل الكبير الاول منذ توقيع الاتفاق النووي، تمثل في التسوية التي توصل اليها الاميركيون مع أنقرة وأتاحت لهم استخدام قواعد جوية في تركيا في الحملة على “الدولة الاسلامية”، وهو ما يفترض أن يزيد فاعلية الغارات على التنظيم المتشدد.أما أنقرة التي تحاول استغلال هذه التسوية لاضعاف الاكراد في سوريا والعراق، فتأمل أيضاً في جرّ واشنطن للانخراط في الحرب على النظام السوري.

نظرياً، أشار مسؤولون أميركيون مطلع آب الجاري إلى أن بلادهم ستشن غارات لحماية مقاتلي المعارضة المعتدلة الذين دربتهم، لا من هجمات “داعش” فحسب، بل لم يحصل أيضاً من قوات الرئيس بشار الاسد، وإن يكن لم يحصل شيء كهذا حتى الآن.

وعلى خط آخر، شكلت سوريا محوراً أساسياً في محادثات وزراء الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير في الدوحة مطلع آب الجاري.

ورأى مركز الابحاث “ميديل ايست بريفينغ” الذي يديره العضو السابق في مجلس الشعب السوري سمير التقي أن جولة كيري في الخليج تدل على أن واشنطن قررت أخيراً التخلي عن مقاربتها الضيقة “داعش أولا” وتبني سياسة أوسع تشمل مقاتلة “الدولة الاسلامية” في اطار جهد واسع يرتكز على التحرك أخيراً لقلب موازين القوى على الارض ودفع الحل السياسي.

والركائز الاساسية لمحادثات الدوحة كانت بحسب المركز خمسة، وهي رفض سيناريو تقسيم سوريا لأنه سيؤدي الى مزيد من اللاستقرار من غير أن ينهي الحرب، وتبنّي المعايير التي وضعها الموفد الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دوميستورا وموسكو، والعمل على ترسيم غير رسمي لمناطق النفوذ، والتفاوض على نحو منفصل أولاً مع اللاعبين السنة والايرانيين لتحديد الوضع النهائي لمناطق النفوذ هذه، على نسق اتفاق الطائف، مع ترك الباب مفتوحاً لمفاوضات مباشرة لاحقاً، واجراء انتخابات عامة مع التوافق سلفاً على عدم ترشح الرئيس السوري بشار الاسد وعلى أن تشمل الحكومة الجديدة ممثلين لكل أطياف المجتمع السوري.

وأفادت تقارير أخرى أن لافروف عرض في الدوحة المبادرة الروسية التي تدعو الى تشكيل حلف إقليمي يجمع دول الخليج وتركيا مع نظام الأسد في مواجهة المجموعات المتشددة، وفي مقدمها “داعش”.

وفي موازاة المبادرة الروسية، أعادت طهران طرح مبادرتها لحل الازمة السورية والتي تتضمن أربعة بنود هي الدعوة إلى وقف فوري للنار، وتأليف حكومة وحدة وطنية، وتعديل الدستور السوري لطمأنة المجموعات الاتنية والطائفية في سوريا، وإجراء انتخابات في إشراف مراقبين دوليين.

والواضح أن كلا من المبادرتين تروج أن بقاء الأسد ضرورة لمحاربة “داعش” والجماعات المتشددة، وقت لم تصدر عن الرياض حتى الآن اية اشارة الى قبولها بهذا الامر.

الجبير والائتلاف الى موسكو

وبعد التقارير عن محادثات سورية – سعودية في الرياض، أعلنت وكالة “روسيا اليوم” أن عادل الجبير سيزور موسكو الثلثاء وستتركز محادثاته مع المسؤولين الروس على تفعيل التسوية السورية ومبادرة موسكو الخاصة بإنشاء تحالف إقليمي لمواجهة “داعش”.

الى ذلك، يزور وفد من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” بدوره العاصمة الروسية الاسبوع المقبل.

وكان الائتلاف قاطع محادثات سلام جرت في موسكو في كانون الثاني ونيسان. وقد تساهم زيارته المقبلة في اقناعه بالانخراط في الجهود الروسية الراهنة.

اليمن

والى الحراك على الجبهة السورية، وسعت دول مجلس التعاون الخليجي جهودها في اليمن. وبعدما كانت الحملة تقتصر على الغارات الجوية، دفعت الامارات بقوات برية تمكنت مع قوات سعودية خاصة وأخرى يمنية من استعادة بعض المناطق في عدن ومحيطها.

كذلك اتخذت واشنطن خطوات ملموسة في اتجاه تعزيز القدرات الدفاعية لمجلس التعاون الخليجي لمساعدته على الرد على اي اعتداء ايراني، بما في ذلك رفع “تعليق” بيع صواريخ “تاو” المضادة للدبابات والذي فرضته منذ 2011 اثر انتفاضة البحرين. وفي تموز الماضي، تحدثت تقارير عن شراء السعودية معدات من نظام الدفاع الصاروخي”باتريوت” بقيمة 5,4 مليارات دولار.

وليست معاودة “الحوار الاستراتيجي” بين واشنطن والقاهرة وتسليم مصر مقاتلات “ف – 16 ” بعيدة من التبدلات التي تشهدها المنطقة. فلئن كانت المعونة العسكرية الاميركية تساعد القاهرة على مواجهة التهديد المتزايد لـ”ولاية سيناء” التابعة لـ”الدولة الاسلامية”، ثمة من يرى أنها يمكن أن تطمئن أيضاً الدول الخليجية، وخصوصاً السعودية، التي فاجأتها السرعة التي رحبت بها واشنطن بسقوط الرئيس سابقاً حسني مبارك في حينه.

الحراك الديبلوماسي في المنطقة وفي اتجاهها واضح، لكن نتيجته، وهي الاهم، تبقى مجهولة الافق.

فحل الأزمة السورية خصوصاً لا يزال فكرة غير واضحة، ولا توحي المبادرات المتداولة بأن الاختلافات بين الفريقين الرئيسيين المتخاصمين قد تبددت.

صايغ

وفي رأي كبير الباحثين في مركز “كارينيغي الشرق الاوسط” يزيد صايغ “أننا في مرحلة غموض، والامور لم تأخذ اتجاهاً واضحاً… كل ما يحصل هو حراك سطحي ولا مضمون له حتى الآن”. الحراك الديبلوماسي الذي يحاول احياء المسار السياسي مثل المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا أو “جنيف 1″ و”جنيف 2” هو “بلا أفق”، وأي حل سياسي يقتضي التوصل الى “صفقة محددة تلزم اللاعبين الاربعة الرئيسيين (الروس والاميركيين والسعوديين والايرانيين) اقناع حلفائهم على الارض بها”. ولكن لا معالم واضحة لصفقة كهذه حتى الآن، أو لتفاهم ايراني – سعودي في هذا المجال.

زيارة المعلم لطهران أو لمسقط أو لغيرهما لا تخرج عنده من اطار “الحركات المعهودة للنظام الذي يحاول أن يبدو بمظهر المستعد للحل السياسي، لكنه لا يعكس رغبة حقيقية في المشاركة في الحكم”. وكما دمشق، لا أحد من القوى الخارجية “مستعد لتنازلات تبعده من مواقفه الاصلية… لا الايرانيون مستعدون لذلك ولا السعوديون أيضاً”. وحتى المبادرة الايرانية “ليست جديدة وكونهم عرضوها الآن لا يعني أنهم بدلوا موقفهم…”.

النهار

 

 

 

 

ظريف وسليماني يتقاسمان الأدوار!/ موناليزا فريحة

طوال أكثر من سنتين كان قائد “فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني “السفير” الابرز لايران في المنطقة.

صوره على الجبهات جعلته “بطلا” في نظر حلفائه و”مرتزقا” في رأي خصومه. وللفريقين معاً، شكّل هذا الرجل أداة للدفاع عن مصالح ايران وتحقيق تطلعاتها في المنطقة.

الاتفاق النووي خطف الاضواء من هذا العسكري. منذ انجازه الاكبر في جنيف، يتحرك وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على كل الجبهات. زار الكويت وقطر والعراق، عارضاً التعاون ومحاولاً تأكيد التزام بلاده اقامة علاقات جيدة مع دول الجوار. اختار صحيفة لبنانية (“السفير”) ليبرز معادلة ” الجار ( الذي تتزايد شكواه من التدخلات الايرانية) ثم الدار”، ويعيد الى الطاولة خطة لحلّ سياسي للأزمة السورية لم تكن لها اي حظوظ عند اثارتها المرة الاولى قبل سنتين. الواضح أن الاتفاق النووي اكسب طهران ثقة جديدة. ثقة تنعكس زخماً سياسياً في اتجاه الخصوم خصوصاً، لا يواكبه انحسار للانخراط العسكري الى جانب الحلفاء.

عملياً، ليست الدينامية الجديدة في المنطقة مفاجئة، ولا الدور الايراني فيها ايضاً. فحتى الادارة الاميركية باتت تقر لطهران بدور في حل الازمة السورية، بعدما فرضت فيتو على مشاركتها في” جنيف 1 ” و”جنيف 2″. لكنّ الرئيس باراك أوباما الذي يلقي بثقله في الملف النووي سيجد نفسه قريباً أمام خيار من اثنين، فاما تحدي تطلعات طهران في المنطقة وإما التسليم لها باستمرار سياساتها التوسعية.

في وضعها “النووي “الجديد لن تواجه طهران صعوبة في التكيّف لضمان مصالحها. فالعراقيون لم ينسوا بعد كيف تمسكت بنوري المالكي، لتعود وتؤقلم مصالحها مع العراق من دونه. وفي سوريا، ليس في الافق ما يوحي بامكان مراجعتها قضية دعمها للنظام الذي يضمن لها نفوذها الاقليمي ويوفر لها جسراً الى “حزب الله” في لبنان.

وعلى حدّ تعبير السفير الاميركي السابق في سوريا روبرت فورد يمثل “حزب الله” حاملة طائرات ايران في شرق المتوسط. عشرات آلاف من مقاتليه يحاربون في سوريا لابقاء النظام السوري على قيد الحياة. وعشرات آلاف من صواريخه مصوّبة في اتجاه اسرائيل. والحزب يمكنه تعطيل اي مؤسسة دستورية في لبنان إذا لم تضمن مصالح طهران.

وسواء أكانت هناك حقاً اتفاقات أو تفاهمات جانبية بين طهران وواشنطن، أم لم تكن، ليس واضحاً ما الذي سيدفع طهران الى التنازل عن كل هذه الامتيازات. وبمعاييرها لا شيء يدعو الى التخلي عن النظام السوري ما دام قادرا على الصمود في دمشق والمنطقة الحدودية مع لبنان وهما حيويتان لطهران. وفي الوقت نفسه، لا شيء يمنع وزير خارجيتها من القيام بجولات خليجية واطلاق المبادرات السياسية. وفي ظل هذين الحراكين المتوازيين، سيستمر تقاسم الادوار كما الجبهات بين ظريف وسليماني… حتى اشعار آخر.

النهار

 

 

 

عقدة لافروف الأسدية وتطمينات كيري الخليجية/ راجح الخوري

عشية المحادثات المفصلية في الدوحة، أعلن رجب طيب إردوغان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتّجه إلى التخلي عن بشار الأسد، وأنه لم يعد يشاطر الرأي القائل إن بلاده ستقف إلى جانبه حتى النهاية، وقد تزامن هذا الكلام مع فيض من التحليلات، أوحت أن اللقاء بين جون كيري وسيرغي لافروف وعادل الجبير، يمكن أن يشكل خطوة في الطريق توصلاً إلى صفقة حلول في المنطقة تشمل الوضع الكارثي في سوريا.

أيضًا عشية اجتماع الدوحة كان بوتين قد أعلن مبادرته التي دعت إلى تشكيل تحالف رباعي تركي سعودي سوري أردني يقوم بمحاربة «داعش» والإرهابيين في المنطقة.

لكن المحادثات في الدوحة لم تقدم حلولاً للأزمة السورية، ولم تضع أسسًا لمقاربة يمكن أن تترجم مبادرة بوتين الداعية إلى تشكيل الحلف الرباعي، لكنها قدمت في صيغة بيان مشترك ترجمة واضحة للتعهدات التي سبق أن قدمها باراك أوباما إلى الزعماء الخليجيين في «كامب ديفيد» عشية التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، بما يعني عمليًا أن محادثات كيري مع زملائه الخليجيين، حققت تقدمًا سيستكمل في الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، الذي سيعقد في نيويورك في أواخر المقبل.

هل هذا يعني أن زيارة لافروف إلى قطر التي حظيت باهتمام خاص من المراقبين، وخصوصًا لأنها جمعته مع كيري وعادل الجبير وخالد العطية، لم تحدث فرقًا أو اختراقًا في جدار الأزمة السورية التي من المعروف أن قطر تقف على نقيض صارخ مع موقف روسيا منها، وتحديدًا حيال مصير بشار الأسد؟

قياسًا بالمواقف المعلنة لم تُحدث أي فرق باستثناء أنها شكلت خطوة إيجابية في علاقات موسكو مع الدوحة، فمع بداية الاجتماع الثلاثي وجهت إحدى الصحافيات سؤالاً إلى لافروف:

– ماذا ستفعل روسيا لتسوية الأزمة السورية التي تزداد تعقيدًا؟

فقال لافروف مشيرًا إلى الوزيرين كيري والجبير:

– آمل أن يقدم هؤلاء السادة المساعدة. وهنا أضاف كيري:

– الفعّالة (أي المساعدة الفعالة)، لكن بما يوحي ضمنًا أن روسيا لن تحصل على أي مساعدة قد تبقي الأسد في السلطة، رغم موافقة أميركا والسعودية وقطر ودول الخليج على إيجاد حل سياسي للأزمة الخليج، كما أعلن خالد العطية.

وإذا كانت روسيا قد تعهّدت منذ البداية إفشال كل فرص الحل السياسي عبر دعمها المطلق للأسد بالفيتو وبالسلاح، ومن خلال نسفها المتكرر لإمكان إنجاح مؤتمر جنيف بفرضها صيغة ملتبسة حول عملية الانتقال السياسي، وما إذا كانت تعني خروج الأسد أو بقائه لفترة محدودة، فإن تصريحات لافروف في الدوحة أضافت عقدة أمام الحل السياسي، عندما قال: «إن التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا يحتاج إلى مشاركة جميع الأطراف»، بما يوحي أنه يكرر الاقتراح الروسي ضم إيران إلى المفاوضات التي قد تجري في مؤتمر «جنيف – 3»، الذي يروّج له ستيفان دي ميستورا، وهو ما تعارضه دول الخليج وتركيا، وربما لهذا حرص كيري على القول إن الأسد قد سقط وانتهى، وإنه السبب في ظهور «داعش» والإرهابيين في سوريا.

لكن ملامح الخلاف لم تقتصر على هذا فحسب، فقد ندد لافروف بالمشروع الأميركي توفير الحماية الجوية للمعارضين الذين دربتهم واشنطن، لأنه من أجل حماية هذه المجموعات سيسمح للطيران باستهداف أي قوة بما فيها قوات الأسد، وهو ما اعتبر لافروف أنه سيأتي بنتائج عكسية، وكان المتحدث باسم الكرملين قد انتقد عشية اجتماعات الدوحة الخطط الأميركية لتوفير غطاء جوي للمعارضة التي تقاتل قوات الأسد، معتبرًا أن «مد يد العون إلى المعارضة السورية بالأموال والسلاح، قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار»، وليس واضحًا طبعًا عن أي استقرار يتحدث ما لم يكن الاستقرار في المقبرة الأسطورية التي صنعها الأسد. على صعيد أهم لم يكن مفاجئًا أن تجدد المحادثات بين كيري وزملائه الخليجيين تأكيد الالتزامات التي سبق أن تم التوافق عليها في قمة «كامب ديفيد»، وأن يصدر بيان مشترك شامل وواضح وتفصيلي حدد الموقف بعد الاتفاق النووي مع إيران، الذي يقول كيري إن واشنطن وقّعته دون أي توقعات حول تغيير في سياساتها وتدخلها في شؤون دول المنطقة أو أي تحسن في هذا السلوك، ولهذا فقد «تمّ الاتفاق على خطة عمل مشتركة ومفصلة لمواجهة أنشطة زعزعة الاستقرار»، كما قال خالد العطية.

تشتمل هذه الخطة بحسب كيري على «نظام دفاع صاروخي مضاد للصواريخ الباليستية وتدريبات عسكرية مشتركة وتبادل للتعاون الاستخباراتي وتسريع لعمليات تسليم الأسلحة التي اتفق عليها سابقًا مع الدول الخليجية».

من الواضح أن واشنطن تسعى لتعميق طمأنة حلفائها الخليجيين غير الراضين عن تراميها على الاتفاق مع طهران، رغم المآخذ المتصاعدة على مضمونه لجهة إمكان ضبط إيران التي سيساعدها الحصول على المليارات بعد رفع العقوبات، في الاندفاع أكثر فأكثر في عربتها مما يضاعف من زعزعة الاستقرار في المنطقة!

وعلى هذا، أعاد البيان المشترك تأكيد الالتزامات بأن أميركا ودول مجلس التعاون تشترك في مصالح تاريخية وعميقة في أمن المنطقة، بما في ذلك الاستقلال السياسي وسلامة أراضي دول مجلس التعاون من أي عدوان خارجي تؤكّد واشنطن التزامها بالعمل لمنعه وردعه، وفي حال هذا العدوان أو التهديد به، فإنها على استعداد للعمل مع شركائها دول مجلس التعاون لتحديد الرد المناسب في شكل عاجل واستخدام كل الوسائل المتوافرة لدى الجانبين بما في ذلك استخدام القوة العسكرية للدفاع عن شركائها دول مجلس التعاون.

النقاش مع كيري تناول الملفات الإقليمية الساخنة من مواجهة «داعش» و«القاعدة» ومجموعات الإرهاب والصراع في اليمن وضرورة الحل وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، والعمل لتسوية في سوريا عبر عملية انتقال سياسي مبرمجة وواضحة على قاعدة أن الأسد فقد شرعيته، ومن الواضح أن الآليات التطبيقية ستكون محور منتدى التعاون الاستراتيجي بين الجانبين في اجتماع اتُّفق على عقده الشهر المقبل في نيويورك.

الشرق الأوسط

 

 

 

 

 

إيران وتعويم الأسد!/ راجح الخوري

لا معنى لمحاولة ميخائيل بوغدانوف الإيحاء بأن اللقاء الثلاثي الروسي الإيراني السوري في طهران يمكن أن يشكّل امتداداً للقاء الثلاثي الآخر الذي سبقه مباشرة في الدوحة، هذا غير صحيح لأن عقدة الأسد التي ألقاها سيرغي لافروف على الطاولة في الدوحة، هي عينها التي تحاول طهران تسويقها في إطار ما تسميه “مبادرة معدّلة” للحل في سوريا.

التصريحات بعد لقاء طهران تؤكد أنه جاء مُرسّخاً لفشل لقاء الدوحة حول الأزمة السورية وإذا كان جون كيري وعادل الجبير قد اصطدما بتمسك سيرغي لافروف بعقدة الأسد التي أحبطت كل الحلول منذ البداية، فإن المبادرة الإيرانية التي وضعت في التداول تؤكد التمسك بهذه العقدة، مع محاولة للتعمية عبر الإيحاء بأن بقاء الأسد ضرورة للحرب على “داعش”!

ليس هناك الآن ما يبرر قول إيران إنها عدّلت مبادرتها، فقد كان من الواضح منذ إعلانها عشية مؤتمر “جنيف – ١” انها مجرد محاولة للالتفاف على أي حل سياسي معقول ومقبول، ذلك لأنها تسقط عملية الانتقال السياسي التي يفترض ان تتم وفق روزنامة واضحة لموعد خروج الأسد من السلطة، فهذه هي العقدة التي أحبطت كل مساعي الحل سواء في جنيف أو بعدها في موسكو، والتي استهلكت مبادرة الجامعة العربية ثم أسقطت كوفي أنان فالأخضر الإبرهيمي وستدفع ستيفان دو ميستورا غداً الى النواح “يا حصرماً رأيته في حلب”!

الإعلان عن المبادرة الإيرانية عقب محادثات الدوحة، يؤكد ان كل ما قيل عن حصول تغيير في الموقفين الروسي والإيراني من الأزمة السورية من الأوهام، فها هو بوغدانوف يرد على تصريح رجب طيب أردوغان بأن بوتين قد يتخلّى عن الأسد بالقول “موقفنا حيال سوريا لم يتغيّر ونرى ان تجلس الحكومة والمعارضة الى طاولة المفاوضات لتقرير مستقبل سوريا، وبما يحفظ مصالح جميع الفصائل والقوميات”!

المضحك ان إيران تتحدث عن تغيير في موقف اللاعبين الآخرين أي السعودية وتركيا، وذلك عندما يقول حسين أمير عبداللهيان “نرى تغييراً في استراتيجية اللاعبين الإقليميين من الأزمة السورية، لقد ظنوا ان الحرب هي الحل والآن يفضلون التركيز على الديبلوماسية”، وهذا مناقض للحقائق لأن الاسد وداعميه الروس والإيرانيين هم الذين راهنوا على الحل العسكري الذي استولد “داعش” وهم الذين يواظبون على تدمير الحلول السياسية الممكنة عبر تمسكهم بالأسد.

المبادرة الإيرانية المعدّلة من أربعة بنود: وقف فوري للنار، تشكيل حكومة وحدة وطنية، تعديل الدستور بما يطمئن كل السوريين، إجراء انتخابات في إشراف مراقبين دوليين… هل هذه مبادرة وهل فيها ما يشير الى الانتقال السياسي، أم ان المطلوب من السوريين ان يدفنوا قتلاهم ويعودوا الى نظام الإذعان؟

النهار

 

 

 

إيران تُغري العرب لدعم الفريق المعتدل “البداية الجديدة” تواجه الشكوك بأساليب قديمة/ روزانا بومنصف

استعان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مطلع الاسبوع بأسلوب عدّه مفيداً في مخاطبته الراي العام الاميركي أبان المفاوضات التي كانت جارية بين ايران والدول الغربية الخمس زائد المانيا حول الملف النووي الايراني من خلال مقالات كان ينشرها في احدى كبريات الصحف الاميركية من اجل محاولة اقناع الراي العام الغربي بصدق النيات الايرانية في السعي الى الوصول الى نتائج، فنشر مقالا في اربع صحف عربية حاول فيها الطمأنة الى نيات ايرانية سليمة في التعاون مع دول المنطقة. وللمفارقة فان التشكيك في صدق النيات الايرانية شكله رد غير مباشر وغير مقصود على لسان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في حديث لصحيفة الشرق الاوسط قال فيه “ان النظام الايراني ليس موحدا وحتى اذا حمل شخص منصب وزير الخارجية فانه لا يعني ضرورة ان لديه السلطة الوحيدة في اتخاذ القرارات حول السياسة الخارجية. وصوت ظريف سيكون صوتاً واحداً في هذا النقاش. وشعوري انه رجل عملي يرى ان مصلحة ايران ستكون في درجة اكبر من التواصل مع المجتمع الدولي وعلاقة أفضل مع المنطقة”. وكان ظريف الذي استبق نشره هذا المقال بجولة قادته الى الكويت وقطر فالعراق ظهر كشخصية محببة من خلال الصور التي انتشرت له اثر التوصل الى الاتفاق النووي مع الدول الغربية في فيينا. الا ان عامل عدم الثقة بين ايران ومسؤوليها ودول الجوار يثير اسئلة بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين من نوع اذا كان ظريف يعبر عن قرار ايراني داعم للتوجه الذي قال به ام انه يستهدف اغراء دول الجوار العربي بابتسامته كما رئيسه حسن روحاني وذلك من اجل دفع هذه الدول الى الرهان على ضرورة انجاح خيار المعتدلين في ايران الذي يعبر عنه الثنائي روحاني – ظريف واعطائه فرصة كما فعلت الدول الغربية من اجل ان تكون له الغلبة في الداخل الايراني فيتزايد رصيده في مقابل رصيد المتشددين ويدفع بهؤلاء الى الوراء بدلاً من ان يستمروا في الواجهة. إلا انه ليس مستبعدا ان تكون ايران ساعية الى تسجيل مكسب من خلال حركة ديبلوماسية تقوم بها في اتجاه دول المنطقة من دون ان تقدم اي دليل فعلي على صدق نياتها ورمي كرة الرفض في ملعب الدول العربية على انها هي من ترفض معالجة الامور وقبول ايران على طاولة التفاوض من أجل حل أزمات المنطقة.

ومع ان منطق التمايز بين جناح متشدد وجناح معتدل في ايران وفق اقتناعات كثيرة يسقطه وجود مرشد الجمهورية الايرانية كمرجعية نهائية لها الكلمة الاولى والاخيرة، فان الدول العربية لن تستطيع في نهاية الامر ان تهمل محاولة الانفتاح الايرانية ولو انها تحتاج الى مؤشرات اكبر من ايران على حسن النيات وصدقها من دون العنجهية التي اظهرتها وتستمر في اظهارها في ملفات المنطقة. فثمة مواقف للدول الغربية اظهرتها وتستمر في اظهارها بقوة في محاولة طمأنة الدول الخليجية من جهة ومن اجل تسويق الاتفاق النووي في الداخل الاميركي في شكل خاص. وهذه المواقف ربطت احتمالات التعاطي والانفتاح الايجابي على طهران ليس فقط بتنفيذها مضمون الاتفاق حول النووي بل ان هذه الدول اظهرت عزمها على عدم اخراج ايران من تصنيف الدول الداعمة او الراعية للارهاب الا من خلال سلوكها وادائها في المنطقة. وهذا الكلام قالته ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما كما قاله الغربيون الذين تربطهم مصالح حيوية مع الدول الخليجية بحيث لا يودون ان تنهار علاقاتهم او تتراجع لقاء الانفتاح على ايران. فهذه الدول قالت صراحة باستمرار وقوفها الى جانب شركائها في المنطقة ما دامت ايران تعتمد سياسة عدائية تشكل خطرا من خلالها على استقرار بعض الدول العربية بحيث تشكل هذه المواقف ضغطا مستمرا على طهران يحول في ابرز وجوهه دون امكان التعاون معها من اجل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية التي تقول بانه يشكل خطرا عليها وعلى دول المنطقة خصوصا متى كانت ترعى هي بنفسها ارهاب الدولة وتدعم وتمول تنظيمات تصنف على انها تقوم بهذا العمل. ويكاد لا يمر يوم من دون ان تصدر مواقف مماثلة خصوصا من الولايات المتحدة التي اكدت ان “ملاحقة نشاطات ايران المشبوهة ستستمر بعد الاتفاق النووي”. وفي سعي من الرئيس باراك اوباما الى تخفيف معارضة اسرائيل للاتفاق واحتمال تأثير موقفها على الكونغرس الاميركي الذي سيصوت على الاتفاق في ايلول المقبل، لفت المراقبين قوله ان “اسقاط الاتفاق يؤدي الى حرب تتورط فيها الولايات المتحدة ضد ايران وستؤدي الى رد فعل ضد اسرائيل اكثر منه ضد الولايات المتحدة حيث سنرى مزيدا من دعم الارهاب وحيث تتساقط صواريخ “حزب الله” على تل ابيب”. وهذا الموقف الاخير دفع البعض الى التساؤل اذا كان الاتفاق يعني انه منع صواريخ الحزب على اسرائيل على نحو نهائي او انه سيترجم كذلك مع ما يعنيه ذلك عمليا على اكثر من مستوى.

وثمة ميادين كثيرة يمكن ان تشكل مؤشرات على صدق الارادة الايرانية، كما تقول المصادر وان ليس اعادة التركيز على الحل الذي كانت طرحته ايران للازمة اليمنية على ان تشكل بداية هذه المؤشرات الباب لها باعتبار ان هذا الحل سبق ان رفضته المملكة السعودية وان ايران تسعى الى بداية جديدة باساليب قديمة.

النهار

 

 

 

 

تخلي إيران عن الأسد.. تضحية بـ”حزب الله”!/ جاكسون ديل

بعد أن أصبح الاتفاق النووي الإيراني في متناول اليد، يبدو الرئيس أوباما على استعداد لتركيز اهتمامه بشكل أكبر على وقف الحروب والأعمال الوحشية والكوارث الإنسانية التي انتشرت في أنحاء الشرق الأوسط خلال رئاسته للولايات المتحدة. وقد حدد بعض الأهداف الكبيرة التي يريد تحقيقها قبل انصرافه من البيت الأبيض: وضع الولايات المتحدة وحلفاءها على «المسار الصحيح» لهزيمة تنظيم «داعش»، و«بدء عملية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا»، والدفاع عن إسرائيل وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة من العدوان الذي تصعده إيران ووكلاؤها.

وهنا تكمن المشكلة: إن آخر اثنين من تلك الأهداف، كما يتصورهما الرئيس، يتعارضان مباشرة مع بعضهما البعض.

وفي المؤتمر الصحفي الذي ألقاه عقب إبرام الاتفاق، اعترف أوباما بأن إيران قد تستخدم بضع المليارات التي ستتلقاها لتزويد «حزب الله» اللبناني بأسلحة جديدة، وتعهد بأن يبذل قصارى جهده لمنع ذلك الاحتمال. وقال «إن هذا يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة لمنع إيران من إرسال أسلحة إلى حزب الله».

وفي نفس الوقت، وصف أوباما الحل للأزمة السورية بأنه يتطلب «اتفاقاً بين القوى الرئيسية التي تهتم بسوريا»، وأضاف: «إن إيران واحد من هؤلاء اللاعبين، وأعتقد أنه من المهم بالنسبة لها أن تكون جزءاً من هذه النقاشات».

هذا التصريح يعد تغييراً في سياسة أوباما السابقة بشأن استبعاد إيران من محادثات السلام السورية. وبناء على إصرار الولايات المتحدة، لم تشارك إيران في مؤتمري جنيف السابقين (2012 و2014). وأهم من ذلك، أن الاعتراف برأي إيران بشأن سوريا يتناقض مع هدف أوباما بمنع دعمها لـ«حزب الله». هذا لأن دعم إيران العميق والثابت حتى الآن لنظام بشار الأسد سببه استخدامها لسوريا كجسر بري إلى الميليشيات الشيعية في لبنان.

ومن جانبه، يقول «روبرت فورد»، السفير الأميركي السابق في سوريا إن «حزب الله» هو «الناقل الجوي لإيران في شرق البحر المتوسط». فهذه الميليشيا تنشر عشرات الآلاف من الصواريخ في جنوب لبنان، مستهدفةً إسرائيل، وهي ضمانة لعدم قيام أي حكومة في لبنان دون موافقة طهران، كما أن مقاتليها يحافظون على نظام الأسد قائماً في دمشق، ليس حُباً لطائفته العلوية وإنما للحفاظ على هذا الرابط لإيران.

ولأنها تفتقر إلى وجود مدخل بحري إلى لبنان، تحتاج إيران للسيطرة على مطار دمشق والحدود بين سوريا ولبنان، لضمان إعادة تموين «حزب الله». ولأنه يفقد أرضه لمصلحة المتمردين في الشمال والجنوب، فإن جيش الأسد –وهو نفسه وإلى حد كبير وكيل إيراني- بدأ يركز على الدفاع عن شريط ضيق من الأراضي الواقعة بين دمشق والحدود اللبنانية.

ويرى «فورد» وغيره من الخبراء المتخصصين في الشؤون السورية، أن المرشد الأعلى الإيراني خامنئي لن يقبل مطلقاً بتسوية للحرب السورية، إذ يعتبر ذلك بمثابة التنازل عن طموحات إيران الإقليمية، بما في ذلك قدرتها على تهديد إسرائيل. «إن سياسة إيران الشاملة.. تركز بشكل صارم (في سوريا) على حزب الله»، حسب «فريدريك هوف»، المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية. ويتساءل هوف: كيف إذن نتفق مع خامنئي على مستقبل سوريا؟ وماذا يُفترض أن نفعل؟ هل نساعد على إيجاد بديل للأسد، الذي يعمل مع إيران للحفاظ على الصواريخ والقذائف موجهة لتل أبيب؟

للتأكد، فإن وصف أوباما لآفاق الدبلوماسية بشأن سوريا لا يبدأ بإيران وإنما بروسيا التي تعد الداعم الرئيسي الآخر لنظام الأسد. وقد ذكر مسؤولون أميركيون أن أوباما كان له محادثات واعدة مع بوتين بشأن سوريا في الأسابيع الأخيرة. ومن الممكن على الأقل تخيل ماذا سيكون شكل الصيغة الأميركية الروسية المشتركة: إزاحة الأسد، والسماح للمعارضة غير الجهادية بالانضمام لحكومة جديدة تحارب «داعش».

والمشكلة، كما يشير «هوف»، هي أن روسيا تفتقر للنفوذ اللازم لإحداث تغيير في القيادة السورية. فنظام الأسد مدعوم تقريباً بشكل كامل بالمال والسلاح والمقاتلين الذين تقدمهم إيران. وطهران، كما يقول فورد، «ليست على استعداد للتخلي عن الأسد». فمن وجهة النظر الإيرانية، ليس هناك سبب للتخلي عن النظام ما لم يثبت أنه غير قادر على الحفاظ على دمشق ومنطقة الحدود. أما في سائر أنحاء البلاد، فإن إيران الشيعية راضية -وحتى سعيدة- بمشاهدة «داعش» وقوات المتمردين السوريين السنية وهي تقاتل حتى الموت.

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»

الاتحاد

 

 

 

رأس الأسد على طاولة المفاوضات/ الياس حرفوش

ينتظر أهل المنطقة تغيير السلوك الإيراني حيال كثير من الملفات التي صارت طهران طرفاً في أزماتها. من الأزمة السورية إلى شقيقتها اللبنانية، وصولاً إلى أزمة اليمن والصراع السياسي في العراق بخلفيته المذهبية المعروفة.

مبررات الانتظار تعود بالدرجة الأولى إلى الاتفاق الذي توصلت إليه طهران مع الدول الغربية. وأماني أهل المنطقة والمسؤولين فيها، أن الليونة التي أظهرها الغربيون، والأميركيون في شكل خاص، لتذليل العقد التي كانت تبدو صعبة في مفاوضات فيينا، لا بد أن تنعكس ليونة مماثلة من جانب طهران في تعاطيها مع الملفات الإقليمية. والرهان هنا بالطبع هو على فوز جناح التفاوض (روحاني – ظريف) على جناح المتشددين داخل البيت الإيراني.

الأزمتان السورية واليمنية تتقدمان الآن مشاريع الحلول، أو لنكون أكثر دقة، الأماني بالتوصل إلى حلول. التطورات في اليمن توحي بأن ما يجري عسكرياً على الأرض يشير إلى تحول إيراني حيال دعم الحوثيين، ما يفسر تراجعهم في الأسبوعين الأخيرين، بالإضافة إلى التقدم الذي تحرزه المقاومة الشعبية بدعم من قوات التحالف وسلاحها الجوي. ومع أن من المبكر القول إذا كان لهذه التطورات الحاسمة تأثير مباشر على الأزمات الأخرى، وخصوصاً الأزمة السورية، فإن الواضح أن قيام طهران بتسويق مبادرة سياسية للحل، واستعدادها لعرضها على مجلس الأمن، يعنيان أن هناك مقاربة أخرى للتعامل مع الأزمة، تتجاوز الدعم العسكري للنظام، وتأخذ في الاعتبار عدم شرعية ولاية الرئيس في نظر معارضيه. فالمبادرة الإيرانية تدعو بين بنودها إلى إجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما يمكن أن يفهم منه أن طهران تعتبر أن الخطوات التي قام بها النظام حتى الآن لتثبيت شرعيته، سواء من خلال الانتخابات النيابية التي جرت عام 2012 أو الرئاسية في العام الماضي، لا تحظى بأي تأييد، داخلياً وإقليمياً ودولياً، وأن طهران بالتالي مستعدة للمقايضة في هذا المجال. ولا بد أن تشمل المقايضة موقع بشار الأسد على رأس النظام.

يعزز هذه القناعة ما أخذت تتداوله أوساط ديبلوماسية غربية من أن إيران على قناعة الآن أن بقاء الأسد هو عقدة في طريق التوصل إلى حل، وأن بالإمكان البحث عن مخارج لا تضر بمصالح طهران، من دون أن يكون الأسد جزءاً من الصفقة. ويأتي في هذا الإطار ما قاله الرئيس باراك اوباما لعدد من الصحافيين الاميركيين من أن إيران وروسيا على قناعة الآن من أن ايام الاسد على رأس النظام السوري باتت معدودة.

ومن أبرز الإشارات إلى استعداد موسكو لتعديل موقفها تصويتها بالموافقة على قرار مجلس الأمن الذي حظي بالإجماع ويدعو إلى تحديد المسؤولين عن استخدام السلاح الكيماوي في سورية ومحاسبتهم. ويعتبر هذا التصويت أول خطوة جدية من جانب موسكو لمحاسبة الأسد وأركان نظامه منذ بدء الأزمة السورية، بالمقارنة بسلسلة «الفيتوات» السابقة في مجلس الأمن.

في الإطار ذاته، تتحدث جهات عربية على صلة بالاتصالات التي تجري أخيراً لبلورة حل اقليمي بغطاء دولي، عن أن العلاقة السورية الإيرانية الخاصة لم تشكّل في أي يوم عقبة في طريق علاقات سورية عربية سليمة، لا في عهد حافظ الأسد ولا في عهد ابنه، وأن سوء العلاقات اليوم هو القمع الذي يمارسه النظام ضد أكثرية شعبه، وتغطية إيران أعمال القمع هذه، ما يعزز القناعة في المنطقة بأنها طرف في عملية تطهير مذهبي تجري في سورية.

بالطبع لا جديد في الكلام عن أن بقاء الأسد في السلطة هو أبرز عقبة في طريق العثور على مخرج من الأزمة السورية. فقد كان الأمر كذلك منذ الحديث عن «هيئة حكم انتقالية تمارس كامل السلطات التنفيذية» كما نص بيان «جنيف 1» الذي اصدرته «مجموعة العمل من اجل سورية» في صيف عام 2012. الجديد الآن هو توصل إيران إلى هذه القناعة، إذا كان هذا الأمر صحيحاً، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة من خلال متابعة الاتصالات الديبلوماسية في العاصمتين الروسية والإيرانية.

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى