بديل النظام السوري بعيدا عن المؤامرات
عماد علي
منذ اندلاع الثورة السورية و نرى التحركات و المواقف المتعددة من قبل الجهات المختلفة، و كل حسب ما تمليه عليه مصالحه، و هذا شيء بديهي و طبيعي لو تعمقنا فيما تفرضه السياسات المتبعة في العديد من بقاع العالم و متطلباتها المتنوعة . تشتد الحالة السورية التي يمكن ان نسميها بالخاصة جدا ان لم تكن مختلفة جذريا ومن العمق عما قبلها و ربما يصح القول بانها ستكون مركز الوصل و المفارقة و نقطة التحول الرئيسية للتغيير المنشود في المنطقة شاملة باكملها، لذا نتلمس بشكل جلي ما يوضح لدينا التدخلات العلنية و التوجهات الواضحة و الصريحة من قبل القوى المختلفة ازاء ما يجري على الساحة السورية و التسابق حول ما و من يتمسك بزمام الامور ، لان التغيير هنا سيستهل ما لدى المتابعين و اصحاب الشان الخطوات التي تنطلق من خلفية السيطرة النهائية على هذه المنطقة الحساسة و التطبيق على الاخر ما تمليه على الجانب المسيطر من المنافع و المصالح الذاتية، و هذا ما ينويه المهتمون بما يجري و يبنون من المواقف من اجل استلام مفتاح الصرح الذي يبنى عند بداية شروق المرحلة الجديدة التي تفرض تداعياتها التحرك و التعامل المختلف من قبل كافة اللاعبين و حتى من هم لحد الان مشاهدين او ينتظرون ادوارهم من على مصطبة الاحتياط في الوقت المناسب .
بعد مراقبة و متابعة دقيقة و بتمعن و تمحيص شديد لكل ما يخص الحالة السورية و من كافة الجوانب، و ما يحصل فيها و حولها و المهتمين بها من اجل قراءة علمية دقيقة و متعددة الجوانب للافعال و الاراء و المواقف التي تطرح من قبل المهتمين او اطراف المعادلة الرئيسيين سواء داخل البلاد او خارجها، و متابعة المتغيرات و ما يحدث من سرعة الاحداث و المفاجئات مع التركيز على ما يهم القوى العالمية و الموالين لها و اتجاه تداول المسالة و ما يفرز منها، تاكدنا بان الطبخات متعددة المنشا و مختلفة الدوافع، عليه يجب ان ننتظر و ان سارت الامور كما هي اليوم اخلالا في ميزان القوى في اية لحظة ، و التي تستند عليه الجهات، و قراءة اطراف الحالة و ما ينتظرون او ياملون الوصول اليه يوضح خفاياها، و الهدف الرئيسي من اجل بقائهم عند ظروف و وضعية بعد التغيير ايضا، يمكنهم فرض كلمتهم على هذه المنطقة الاكثر حساسية من كافة جوانبها عن المناطق الاخرى في العالم .
ان ننفي وجود المؤامرات الخارجية المختلفة الشكل و المنبع على الثورة و النظام السوري يحتاج الى الكثير من الدلائل و ليس العكس تماما، و ليس بشرط ان تكون هناك مؤامرة بمعنى الكلمة و مضمونها الا ان محاولة الجهات المختلفة لدعم التغيير بطرق و وسائل و خطط و محاولة التمسك من قبل البعض بمنظم ميزان القوى و محاولة ميلانه بشكل واضح الى جانبه بالالية و الاساليب التي يتبعها و الطريق التي يتبناها و الهدف البعيد الذي ينشدها من اجل ضمان المصالح و سيطرة طرف معين دون اخر، و تقوية الموقف و الثقل لكتلة او ايديولوجية او عقيدة او تجمع ذات مصالح مشتركة على حساب الاخر هو بذاته يحتاج لجهد و سياسات و يدخل فيها الحيل و الخداع مما يمكن وصفها بانها غير سليمة ، اي انه يمكن ان نعتقد بانه يدخل بشكل ضمنى او غير مباشر او حتى بشكل مباشر في خانة ما نسميها المؤامرة بعينها . اي الخطط و الاستراتيجيات المتبعة في هذه الاحداث المتكررة قد تتحول الى مؤامرة كبرى نتيجة قطع الشعرة الرفيعة بينها و بين العمل الاستراتيجي السياسي عند التطبيق على الارض .
الخلافات كثيرة و مختلفة الشكل و الاتجاه و المنبع، و القوى الاقليمية و العالمية مصرة على التغيير و التحول مهما كلف الامر، لان النقطة التي ترتكز عليها مركز الثقل والتي تعتمد على التجديد لانحدار الكفة يمكن انجازها بعملية وهي الان متمثلة بالثورة السورية، و اختلاف مواقف القوى العالمية يوضح ماهي عليه السياسات الاستراتيجية للقوى الكبرى. و هنا، اي فيما يتعلق بما يجري في سوريا تتوضح التوجهات اكثر و ليس في البلدان الاخرى التي شملها التغييرفي الوقت الذي كان مفاجئا للجميع و لم يكن بتلك الفعالية في حينه من يتحضر بما يلعبه اليوم بقوة ، و هي التوجهات التي تتحمل ما يمكن ان يحدث اليوم من الافعال و المواقف ازاء الثورة السورية بالذات .
السؤال الهام الذي يطرح نفسه و يتعلق بكافة الاطراف و ما يحملون من الفكر و العقليات سواء النظام السوري و ما هو عليه من السمات او الاطراف الفاعلة الاخرى و التي تُسمع اصواتها و هي تجهر علنا في الفضاء بما تنوي و تامل ان تُقدم عليه ، السؤال هو؛ هل يمكن انتظارظهور العقلانية في التعامل او التعقل منقبل قادة الاطراف و احلال البديل المناسب و الضروري الذي لابد منه للنظام السوري الموجودالان بعيدا عن المؤامرات الخارجية و الداخلية المفترضة و التي تحاك من قبل من لم تهمه ما يمس الشعب السوري و مصالحه، و يخرج النظام من هذا الوضع المعقد و الظلام الدامس بماء الوجه، و يخرج الشعب السوري باقل الخسائر، خصوصا التاريخ السوري يتحمل ما يمكن ان يُعتبر منه قادة اليوم من اجل مصلحة الشعب ان كانت تهمه و الشيشكلي اقرب و اوضح مثال حي و واضح للعيان، ام ان القوى الخارجية المساندة له لا تسمح باية خطوة من شانها ان لا تكون لمصلحتها قبل الشعب السوري و لم تدع المياه ان تجري كما تشتهي السفن و تضع مصالحها فوق النظام السوري و شعبه ايضا، كل ذلك على حساب دماء المواطن التي تسفك يوميا .
اذن المسؤولية التاريخية و الانسانية تقع على عاتق النظام و المعارضة المختلفة الانواع في سوريا، من اجل التنازل و التضحية في سبيل الاهداف السامية التي لا تقاس بالمصالح و السياسيات الاعتيادية المتبعة. الجدير بالذكرهنا، ان التوجهات لبعض دول المنطقة حول احداث سوريا لم تنبع من منطلق مصالح الشعب السوري و حقوقه الطبيعية و الديموقراطية و الحرية المنشودة كما تدعي هي باي شكل كان، و معلوم الاسباب لدى الجميع من المواقف التي تريد ان تضعها لصالح الشعب السوري، و انما هدفها هو انهاء الحالة الموجودة و محاولتها الحصول على النتيجة النهائية للمعادلة لصالحها و ان تقع ما تخرج منه هذه البلد و تكون لجانبها و تغيير موقعها السياسي . و هذا ما يفرض على كافة الجهات السورية من النظام الى المعارضة ان تقرا ماوراء الخطوط و الخطوات قبل الاشكال و الالوان و المظاهرو قبل المصالح الشخصية و الحزبية الضيقة .
لازالت الفرصة سانحة و متوفرة الى حد كبير امام النظام السوري بالاخص، من اجل التعامل مع التغيير اللازم بصدق و بامكانه العمل ان كانت نواياه صادقة و نابعة من ضمان تامين مستقبل الشعب السوري قبل المصالح الذاتية. لقطع دابر ما يمكن ان نسميها المؤمرات فيحتاج النظام للعقلية التقدمية الحقيقية للتعامل مع المشاكل و جوهر القضية ، و لا يمكن ايجاد الحل النهائي الا باحلال البديل المناسب لراس البلاد و نظامها. فان كانت مواقف بعض الدول العربية معلومة المصادر و الدوافع الا ان الشدة التي تتبعها تركيا و موقفها المصلحي ليس بغريب عن احد فانها توضح مدى محاولتها الاستفادة من الحالة في المنطقة منتهزة الفرصة من اجل تخطيها المشاكل المستعصية الداخلية التي تمر بها باستخدامها الطرق الخارجية البديلة، و هذا ما يدفعها الى تنفيذ خططها الاستراتيجية و نواياها و طموحها الامبراطوري التي تريد انعاش امجادها و تحقيق احلامها على حساب الشعوب الثائرة التي تعاني من استبداد و دكتاتورية انظمتهم، و يمكن قطع دابر المؤامرا الخارجية بخطوات اصلاح حقيقية و جذرية مبتدأة بتنحي رئيس البلاد و تغيير ركائز النظام بسلام و امان و احلال البديل المناسب و الملائم لمتغيرات العصر في المنطقة، و عندئذ يمكن ان تكون سوريا مثالا للنقلات و التغييرات الديموقراطية التي تحتاجها المنطقة باكملها، و حتى للدول التي تدعي انها تقف الموقف المعلوم من سوريا من اجل الديموقراطية و هي تحرم شعوبها من مزاياها . فهل يفعلها النظام السوري في اخر المطاف .