بدي أحكي بالعامية
ايمان جانسيز
بدي أحكي بالعامية.مشان أقدر فش قلبي….من أول الثورة لهلأ .. وأنا حاسة بالذنب لأني برا سورية ..ومتل اللي عاملتلها عملة.. والغانم بهتّني أني برا..وأنو اللي برا مابيطلعلن يحكو..ولازم يلتزمو الصمت..عم بسأل حالي سؤال..أنو أنا ليش برا أصلا؟؟؟ والله ماني من هواة السياخة والسفر.. ورجعت بالذاكرة شي عشر سنين لورا.. كان صرلي ست سنين متخرجة وقاعدة بلا شغل..وبرقبتي بنتي عم ربيها..وأب هدو التعب .وأكل مفاصلو أكل.. وأم ..عظامها رقت لحتى ماعاد تحملها.. وأخ عسكري وأخ جامعي .. ماضل محافظة مانقلت نفوسي عليا مشان أتعين بالتدريس.. حتى الرقة.. ماسلمت مني.. وقتا بعد سفرة مدري كم ساعة.. وصلت . ووقت تقديم الأوراق..طلع مامعي كشف علامات .. _ومابعرف لشو لازم مع أنو معدلي جيد جدا ومعي وثيقة التخرج._.طبعا ماقبلو وراقي.. ورجعت عحمص بخفي حنين .. قلت بقلبي يالله يابنت كسبتي شوفة نهر الفرات… وهيك لحتى الله فرجها وبعد مابوسنا ولححسنا ألف إيد تعينت بضيعة بتبعد عن حمص عشرات الكيلومترات..يعني سفرة الصبح وسفرة الضهر..وطبعا السرفيس بنزلني عمفرق الضيعة.. ولازم أركب عالموتور لحتى أوصل عالضيعة.. وغالبا بلحق الجاجات ..هني بدللوني عالطريق.. وشو بدي أحكيلكن عن الفقر اللي بهالضيعة.. والله العظيم مابنسى.. وقت كان التلج نازل وكان عندي واحد من طلابي بوطو مفتوح وبلا جرابات .. أصابعو مورمة من البرد وطالعة برا البوط. لما أرجع ماأوصل للعصر ..آكل لقمة وحط راسي ونام.. ما أقدر حتى أني أقعد شوي مع بنتي.وبس أصحى بللش ركض من درس لدرس .. وبالأخير تلت رباع الدروس ماأسخى آخد أجرتها .. لأنو كللن ولاد الحارة…المهم .. مالنا بالطويل .. منجي عالأهم.. الراتب.. الراتب العظيم.. اللي مقدرلو ينصرف وهوي لسه بخزنة المحاسب.. في فواتير المي والكهربا والتلفون.. والصيدلية ..اللي كتر ألف خيرها.. طول الشهر عم نسحب أدوية من عندها..والسمنة والزيت والرز والسكر..والمونة.. وأجرة الطريق.. والمرض والأحداث المفاجئة.. لاأكلنا لسه ولاشربنا.. ولا اشترينا ..كنزة.. ولا منسترجي أصلا نفكر برفاهية.. أقصى رفاهية .. أنو كل شي أربع سنين ندبرلنا شي شاليه معفن ونلم هالعيلة ونقضيلنا يومين عالبحر ..طبعا نصن خناق من كتر ماالكل آكل هوا وعايف حالو.شو الحل؟؟ بدي حل جذري. كان الحل هوي السفر..قدمت عالإمارات ..واستلفت تلاتين ألف طلبن المكتب قام طلع المكتب نصاب..بس لحسن الحظ كان آخر يوم بالتقديم عالكويت قدمت.. انقبلت.. خلال شهر صرت بالكويت.. يوم السفر شلعت بنتي من حضني. تركتها نايمة لوحدها.. وسافرت ..شايلة معي الكل..شايلة معي كل شي.. أسبوع دمعتي مانشفت وأنا أتخيل موقف بنتي لما تفتح عيونها الصبح وماتلاقيني .. وهيي مجرد طفلة صغيرة ..كيف رح تفهم أني انا الأم الحنونة.. قدرت دوس عقلبي وعأمومتي. وأتركها. كيف الحياة جبرتني.. أني اقدر أعمل هالشي وأتخذ هالقرار…إجيت وأنا راسمة أحلام وردية.. الدينار الكويتي بيعمل منيح بالسوري.. بس طلع مابضل معك ولادينار تحولو للسوري.. وطلعت الأحلام رمادية وكالحة أكتر مماتوقعت.. ومع كل هاد .. قدرت .. أني انجز شي.. قدرت رجع بنتي لحضني.. كل دعوة رضا من اابي وامي..بتسوى كل دنانير العالم.. وكنوزها.. أنزل ..عسوريا زز وحاول قدملن اجمل صورة.. إذا شارية شي جديد .. ماأرضى أنزل فيه مشان ماحدا يتحسس.. وماحدا يفكر أني صرت متل هدول اللي بروحو عالخليج..بيرجعو مبيضين.. ومشنشلين بالدهب..وريحة العطور بتسبقن.. إلا أنا.. اسوديت من الشموس.. ماعندي ولانص غرام دهب.. يمكن صرت أسمن شوي.. بس والله مو من الدلال.. لاء من الفعي.. يعني من كتر مابحكي وبشرح صرت استهلك اكتر..خلصو أول خمس سنين بالغربة..بس وأنا عم وفي ديون.. برقع من هون..بتنفتئ من هون…وكل ماصمدتلي كم ليرة بقول بركي بقدر سجل عبيت.. بتكون نطت الأسعار ودوبلت بصرفن بسوريا ..وبخلص ..صار لازم أستقيل ..وارجع..لأنو القانون بسوريا بقول الاستيداع خمس سنين.. طبعا نسيت قلكن انو أنا كل سنة كنت أنزل فيها كون مقررة انو مابدي أرجع عالكويت..بس كان مشوار واحد عمديرية التربية يثنيني عن قراري.استقلت بسوريا.. صار محلي شاغر لشي سعيد حظ.. ورجعت عالكويت.. وأنا حاسة إني .. يوم عن يوم عم بخسر..بس ماعم بقدر افهم ماهية هالخسارة…وهالشي كان يحرق قلبي..ولما بللشت الثورة.. وعيت.. اللي كان يحرق قلبي .. واللي كنت حس إني عم أخسرو ..هوي وطني..يوم عن يوم.. كان عم يبعدني عنو.. تماما متل ماشلت بنتي من حضني..بحبو ومتعلقة فيه بس مابعرف ليش ماعم يحضني..ليش عم يبعدني.. ولما بللشت الثورة.. ولما كبرت حارتي باباعمرو فجأة.. صرت بدي أحكي.. بدي قول رأيي.. بحب وطني.. وبجب كل السوريين.. وبيطلعلي احكي.. بيطلعلي قول أنو أهل حارتي اللي ربوني مانن إرهابيين.. أنا بعرفن منيح..بيطلعلي قول أنو الجيش الحر يمثلني لما بطالع أهلي من تحت الأنقاض اللي هدها جيش الأسد على روسن.. بيطلعلي أحكي لما أختي بتنصاب برصاصتن.. ولما بيتنا بياكل قذيفة.. ولما البابا اللي عمرو خمسة وسبعين سنة .. بيبكي من الخوف.. ماحدا بحب سورية اكتر مني.. وأنا متل سورية مجروحة وموجوعة.. بدور عأسماء أهلي بين اسماء الشهدا لحتى اعرف أحياء أو اموات..بفللي الصور تفلاية لميز وجوه الشهدا إذا بعرفها.. بتصبح باستشهاد جار..وبمسى باستشهاد صديق.. ولاد حارتنا اللي كنت مر من جنبن وأتحركش فين.. راخو..ماتو..هيك…بهالبساطو..ماعاد يكبرو…بدن يمسحو حي باباعمر؟؟طيب وأنا لوين بدي أجي؟؟ وين بدي اسكن لما رح ارجع؟؟؟ وكيف بدي عيش من دون أهل وجيران؟؟؟
الموضوع حقيقي تحفه اتمني لك النجاح والتوفيق
اي هيك صار.. مع الأسف و كتير حزن!
تغرب الي تغرب و كلياتنا رسمنا احلام و مستقبل افضل و تركنا بلدنا و الدمعة بعيونّا.. لكن صديقتي كل الشهدا الي ماتوا ما راحوا هيك.. ماتوا كرمال قضية انسانية, كرمال حق والحق ما بضيع.
سوريا على طريق الحرية و التحرر من كل انواع العبودية, خوف و ما ضل و الحواجز تكسّرت, مقال كتير حلو و واقعي, شكراً الك
يحيى
لا يحق لأحد أن يزاود على أي سوري بسبب وجوده خارج سوربا والذين يقومون بهذا هم أنصار النظام .
معظم الموجودين في المنافي والمغتربات خرجو بعد أن سد النظام بوجوههم كل سبل العيش .
أنا خارج سورية ولي الفخر في ذلك لأني لم أنضم يوما للحزب ولم أهادن أو أنتفع من النظام ولي الحق أن أقول ما أشاء لأن الدم السوري يجري في عروقي حتى لو كنت في المريخ .