بشار الأسد وصناديق الاقتراع
علي حماده
في مقابلته التلفزيونية الاخيرة مع قناة “روسيا اليوم” قال بشار الاسد ان تغيير الرئيس او بقاءه يكون عبر صناديق الاقتراع ! طبعا لم يفصح عن بشار عما اذا كان يتحدث عن سوريا التي اغرقها ببراميل متفجرات، وقتل من صغارها وكبارها ورجالها ونسائها ما يزيد على خمسة وثلاثين الفا. لقد جاء حديثه الاخير بينما كانت مشارف دمشق تلتهب بالقتال والقصف بالط ائرات وهو يتعمق في الحديث عن جيشه الذي ما كان – حسب اقواله – ليبقى موحدا لو انه كان يقتل شعبه كما يشاع! لن نتوقف طويلا عند هذا النوع من الكلام الذي لا يمكن ان يستدرج نقاشا بين عاقلين. بل نكتفي بالقول ان طبيعة هذا النوع من الخطاب تشي برغبة في مواصلة القتل حتى النهاية، وهذه ما عادت بعيدة المنال مع وصول النار الى قلب العاصمة ومشارف القصر الرئاسي. وحسب روايات متقاطعة لسكان دمشق أن المدينة يغلب عليها الشعور بقرب حدوث شيء كبير، وهذا يجعل الحفاظ على سعر صرف الليرة السورية مستحيلا. اكثر من ذلك لا تتوقف محاولات رجال اعمال سوريين لتسييل ممتلكاتهم وتهريب اموالهم النقدية بحقائب الى لبنان من اجل حفظها هنا، وربما لاحقا ادخالها في الدورة المصرفية اللبنانية على رغم أن هذه العملية صارت أصعب مع تشديد رقابة الخزانة الاميركية على القطاع المصرفي اللبناني المخترق اساسا من “حزب الله”، والذي يلقى صعوبة اكبر في تبييض اموال رجالات النظام في سوريا.انما ثمة استثناءات تحصل هنا وهناك في خمسة مصارف لم تقرر الالتزام التام للقانون.
في مطلق الاحوال ليس هنا مقام الحديث عن تبييض الاموال في لبنان، انما الاشارة الى حجم التهريب النقدي من سوريا الى لبنان لها دلالاتها وتضيء على انهيار الثقة بالنظام وبمستقبله. واول المؤشرات رأس المال الذي غالبا ما يوصف بأنه “جبان”.
وفي حين يتراجع النظام تحت وطأة ضربات مقاتلي الثورة، ثمة محاولات لا يجوز التقليل منها لتوحيد صفوف المعارضة السياسية الداخلية والخارجية تحضيرا لمرحلة ما بعد بشار وقد صار مداها منظورا. وبالامس جمعتني طاولة العشاء بعدد من العارفين بمسارات اللعبة الدولية في المنطقة، ولاحظت ان المخضرمين بينهم واصحاب التجربة الطويلة في العلاقات الدولية والاتصالات مع عواصم القرار بدوا اكثر تشاؤما مني انا الاقل خبرة. اكثرهم توقدا وخبرة قال: “ان بشار انتهى، لكن الحرب طويلة، ولا أستبعد إمكانية تحقيق مخطط تقسيم سوريا وهرب بشار الى الكانتون العلوي المتصل بلبنان الواقع تحت سيطرة “حزب الله”. واضاف: “في حال قيام الكانتون العلوي ستطول الحرب والاضطرابات وتتغير حسابات كثيرة ، ولن يكون من الحكمة تجاهل الدور الروسي، بل ينبغي التعامل مع موسكو باعتبارها قوة نشيطة في المنطقة سيكون لها دور اكثر فاعلية في مرحلة آتية في لبنان وسوريا”.
في مطلق الاحوال طالت الحرب ام لا، لن يرى بشار صناديق الاقتراع.
النهار