بول سالم: قرار الضربة الأكبر لسوريا اتخذ ولبنان على نار حامية “حزب الله” في حال تأهب والخطر على الدول المتحالفة والجوار
ريتا صفير
يستعد مدير معهد “كارينيغي” في بيروت بول سالم لتسلم مهمته الجديدة في واشنطن. فمدير معهد “كارنيغي” في بيروت سيغدو في الاسابيع المقبلة نائبا لرئيس “معهد الشرق الاوسط” middle east institute حيث سيركز بنوع خاص على العمليات الانتقالية في العالم العربي. وعشية الحملة التي يبدأها الرئيس الاميركي باراك اوباما لاقناع الرأي العام واعضاء الكونغرس بصواب قراره توجيه ضربة عسكرية الى النظام السوري، يقرأ سالم في لقاء مع “النهار” التداعيات الاقليمية والمحلية للعمل العسكري. قراءة تركز في عناوينها العريضة على مجموعة ابعاد. لبها ان التوجه يقضي باضعاف النظام السوري مع تعزيز المعارضة و”الجيش السوري الحر”. وعلى رغم ان صورة التصويت في الكونغرس تبدو غير محسومة كما يقول، الا انه يؤكد “ان قرار الضربة قد اتخذ”.
¶ يبدأ اوباما حملة لاقناع الرأي العام بقراره توجيه ضربة عسكرية لسوريا على خلفية معارضة شعبية قوية. هل تتوقع ان ينجح في هذه المهمة؟ وهل العودة الى الكونغرس كانت ضرورية؟
– “دستورياً، يملك الرئيس الاميركي صلاحية تنفيذ الضربة، وقت تتعلق الالتفاتة الى الكونغرس بحسابات سياسية داخلية (…). من الواضح ان الرأي العام الاميركي وبأكثريته هو ضد اي تدخل، فيما يبدو ان الكونغرس تتنازعه تيارات مختلفة، كما يتعرض لضغوط وحسابات أبرزها من اللوبي الاسرائيلي المؤيد للضربة. وهذا من شأنه ان يرجح الكفة في اتجاه او آخر. الانقسام قائم ضمن الحزبين (…) اتوقع ان يتم التصويت مطلع الاسبوع المقبل. الصورة غير محسومة حتى الآن.
¶ هل تسعى الولايات المتحدة عبر حركة وزير الخارجية جون كيري الى تحالف اوروبي – عربي بغطاء أممي؟
– “عملياً، اتخذت الادارة الاميركية قرار الضربة، التي قد تكبر او تصغر وفقا لمواقف الكونغرس. منذ البداية، برز سعي الى بناء “تحالف المستطاع”. وعلى رغم ان جامعة الدول العربية لم تتخذ موقفاً مؤيداً بالمطلق، الا ان ثمة دولا عربية تؤيد بقوة وكذلك الدول الاوروبية التي ايد بعضها وعارض بعضها الآخر واتخذ عدد منها الحياد. كما ان ثمة دولا مثل بريطانيا لم تمنح التأييد الكامل. انطلاقاً من كل هذه المعطيات تسعى الادارة الاميركية الى جمع ما امكن قبل الضربة.
¶ عاد الترقب لتقرير مفتشي الامم المتحدة.
– “مجلس الامن معطل، الا اذا ظهرت ادلة دامغة قابلة لحسم اي نقاش فيه اذ فتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “نافذة” في هذا الاطار. لم يتبين اي شيء في هذا المضمار. ثمة احتمال آخر يقضي باللجوء الى مجلس الامن “لرفع العتب”. اللافت ان الضربة كانت صغيرة بحجمها الا انها تكبر راهنا. كان الكلام عن ضربة رمزية، او البعث باشارة عملا “بالخط الاحمر” الذي حدده الرئيس الاميركي. غير ان الاسبوع الماضي، وبعد رمي “كرة الكونغرس”، تبدل الموقف. برز كلام عن ضربة تهدف الى اضعاف النظام وقدرته العسكرية وترتبط باستراتيجيا تعزيز المعارضة وبات هدف الانخراط الاميركي تحقيق انتقال للسلطة في سوريا، من دون اسقاط النظام. نحن اليوم امام “الضربة الاكبر”، او “الانخراط الاكبر” الامر الذي يقلق الطرف الآخر.
¶ يقول الاميركيون انه لن يحصل تدخل مثل العراق، او افغانستان، وهو ليس ايضا حملة جوية طويلة مثل ليبيا او كوسوفو ثانية؟
– في افغانستان بدأ الامر تدخلا وانتهى اجتياحا، والعراق كذلك. في ليبيا، انشئت منطقة حظر جوي تطورت الى حرب من الجو في شكل مكثف بهدف اسقاط النظام. المطروح اليوم، ضربة محدودة زمنيا، اي بأيام او ليال قليلة، مع “نافذة” 30 يوما زائد 30، وعلى مواقع محددة. كان الكلام عن صواريخ “كروز” فيما بات اليوم الحديث عن صواريخ وطائرات ما يغير حجم الضربة والمواقع التي يمكن ضربها (…) المطروح ضربة قاسية لايام قليلة تبدأ ثم تتوقف، فيما يتواصل دعم المعارضة في شكل جدي اكثر (…) وهذا ما يختلف عن ليبيا والعراق وافغانستان او كوسوفو.
¶ شدد البيت الابيض على ان الضربة هي رسالة قوية لايران وكوريا الشمالية و”حزب الله”. ما هي مخاطر اندلاع حرب اقليمية علماً ان الأسد حذّر من رد انتقامي؟
– المخاطر هائلة (…) لا يبدو الكلام عن رد كبير على اسرائيل منطقيا. لا اعتقد ان “حزب الله” او النظام (السوري) او ايران يرغب في استدراج الجيش الاسرائيلي الى دخول الحرب السورية او ضرب “حزب الله” وقت هو منشغل بجبهات اخرى. وليس منطقيا ايضا ان يردوا في شكل استراتيجي كبير على الولايات المتحدة التي ستبدو بدورها مرغمة على التصعيد. لكن رقعة الخطر هي على الدول المتحالفة ودول الجوار ومصالحها ومصالح غربية. عندها، نكون امام رد مؤلم وليس رداً استراتيجياً يرغم او يستدرج رداً عسكرياً.
¶ هل تنعى تالياً الجهود الديبلوماسية وضمنها اللقاءات على هامش قمة العشرين مع اقتراحات عن تنحي الاسد والذهاب الى جنيف – 2، او توقيع سوريا على معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية؟
– لم يحصل اي تقدم. قد تبرز مفاجآت عسكرية خلال الضربة. وقد يعاد فتح المسار الديبلوماسي بعد الضربة. ثمة مصلحة اميركية – روسية بالتفاوض اذ ان القواسم المشتركة بينهما كبيرة في الملف السوري. المسار الذي بدأ في ايار باجتماع كيري – (سيرغي) لافروف تعثر نتيجة عوامل عدة بينها التصعيد و(معركة) القصير، وسيزداد تعثره مع الضربة المحتملة (…).
¶ كيف تقرأ التداعيات على لبنان؟
– لبنان على نار حامية. في مرحلة ما قبل الضربة او الوقت الضائع، يبقى الوضع على ما هو. لا انهيار كبيراً، لا مواجهات، حبس انفاس، الاكلاف مرتفعة على الاقتصاد. ينتظر الاطراف المتنازعون سياسياً حجم الضربة وطبيعتها وتداعياتها ومدى قدرتها على تغيير موازين القوى. “حزب الله” يتأهب لأي تطور ولا أعتقد انه سيفتح جبهة جنوبا لا طائلة منها.
النهار