بيان إلى الشعب السوري: الأطفال في سوريا بحاجة إلى الحرية والأمان
جمعة أطفال الحرية هي الجمعة العاشرة في مسيرة الثورة السورية الدامية، جمعة أريد لها أن تكون صرخة في وجه الذين لم يرحموا حق الطفولة في الحياة والأمان، ويحاولون اغتيالها دون رادع. الطفلان الشهيدان حمزة وهاجر الخطيب، كل منهما في محافظته، أحد عناوينها ليس إلاّ. هذه الجمعة كانت كسابقاتها دموية بوتيرة أشد، لأن النظام يصر على خياره العنيف ومحاولاته المتكررة في قتل المتظاهرين العزل لإرهابهم وإعادتهم إلى جادة استبداده التي فسدت، وقرر الشعب السوري مغادرتها، متسلحاً بإرادة لا تلين وصدور عارية لا تخشى الرصاص.
القتل في هذا الأسبوع لم يقتصر على يوم الجمعة الذي كان في العادة حمام دم، أو يوم السبت الذي يُقتل فيه المشيعون؛ بل صبغ كلّ أيام الأسبوع. فقد حط قطار الاجتياح في الرستن وتلبيسة والحراك ليغطي البلاد كلها هذه المرة، محمّلاً بمحترفي قنص المدنيين من القوى الأمنية وشبيحتها، وبمعدات الجيش الثقيلة.. والحصيلة هي أكثر من سبعين شهيداً ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين، ما عدا التدمير والتخريب والنهب المنظم.
كانت التظاهرات في هذا الأسبوع أوسع رقعة وأضخم عدداً من أي أسبوع آخر، وعمت المدن والبلدات وحتى البلدات الصغيرة، كلها تطالب بالحرية والكرامة.
حماة التي خرج فيها أكثر من مئة ألف متظاهر نالها النصيب الأكبر من ضريبة الدم، وسقط سبعة وستون شهيداً ومئات الجرحى الذين غصت بهم المستشفيات. في البوكمال سبعة شهداء وعشرات الجرحى، وحلب انضمت لأول مرة إلى قافلة الشهداء، وقدمت ثلاثة منهم.. وحطّ الموت أخيراً بكل ثقله في جسر الشغور، حيث استخدمت المروحيات، وسقط خمسة وثلاثون شهيداً وعدد كبير من الجرحى.
يبدو أن النظام قد بات أسيراً لخياراته الأمنية الفاشلة، وعاجزاً عن اجتراح الحلول السياسية أو البحث عنها، أو ربما غير راغب فيها، ولا قادر على التعامل معها، فلم يعد لديه ما يقدمه سوى القتل ثم القتل، غير عابئ بالنتائج الكارثية التي ستنعكس على البلد والشعب.
الضغوط الخارجية على النظام إلى تزايد، في عالم لم يعد قادراً على إغماض عينيه عن المجازر والدماء، كما كان في عقود خلت، خصوصاً وأن المنطقة برمتها تجتاحها رياح التغيير، وسوريا لن تكون استثناءً، كما يؤكد شعبها كل يوم. هذا يزيد المخاطر التي تحدق بسوريا ويتحمل النظام المسؤولية الكاملة عنها، وهو النظام الوحيد من أنظمة المنطقة المستبدة الذي حظي وما زال برعاية دولية لا يداريها أحد، وتعطيه الفرصة تلو الأخرى ليصلح بلده، وهو يرفض حتى التعامل مع هذه الفرص، الأمر الذي يثير التساؤل والدهشة.
المعارضة السورية من جانبها، بشقيها الداخلي والخارجي، باتت أكثر قرباً وتفاهماً حول استحقاقات المرحلة، والمساهمة بانتقال سوريا نحو الديمقراطية بقدر أقل من التكاليف، ودعم انتفاضة الشعب السوري المتصاعدة سياسياً وإعلامياً ومادياً، وشرح قضية الشعب السوري المنكوب بالاستبداد أمام الرأي العام العالمي. وتتوالى المؤتمرات في الخارج للأهداف ذاتها، ولإبعاد شبح التدخل الخارجي عسكرياً في سوريا الذي تستدعيه ممارسات النظام.
الشعب السوري بأغلبية مواطنيه قال كلمته، وعمدها بالدم، ويريد الانتقال من دولة الاستبداد إلى الدولة المدنية الديمقراطية، ولم يعد من المقبول أن تبقى الكتلة الصامتة من الشعب السوري على صمتها، أياً كانت دوافعها، فسوريا باتت في عين الخطر. وهذا الوضع لن يمكنه الاستمرار طويلاً، مما يرتب على الشعب السوري، بكل فئاته وتلاوينه، العمل على تسهيل عملية الانتقال وتوفير دماء السوريين ومآسيهم، حفاظاً على الدولة السورية من انهيار قد لا يستطيع أحد تحمل تبعاته.
تحية لأرواح الشهداء
عاشت سورية حرة وديمقراطية
دمشق في 5/6/2011 إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
الأمانة العامة