بيانات الانتفاضة

بيان: الأمانة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري


منذ الفيتو الروسي , ووصول الأسلحة الحديثة والذخائر إلى مرفأ طرطوس , انتقلت الطغمة الحاكمة إلى مرحلة جديدة من التصعيد العسكري ضد الشعب السوري الثائر .لقد شنِّت حرباً شعواء شاملة عليه ,  وأدخلت البلاد  في منعطفات خطيرة  ,لانتهاجها سياسة الأرض المحروقة  , وقتل كل مظاهر الحياة  . تشهد على ذلك  مأساة حيّ/ بابا عمرو/ الذي سويِّت مبانيه على الأرض , وخلّفت حوالي ألف شهيد وآلاف الجرحى , وهجّرت معظم سكانه .  حدث ما يشبه ذلك   في العديد من المناطق  ,  التي تعرّضت  قراها وأحياؤها  لقصف  مدفعي وصاروخي متواصل , كالرستن, وجبل الزاوية , والزبداني , والعديد من مناطق درعا, وإدلب, وريف حماه , ودير الزور, ويبرود , ورنكوس  ,  وغيرها  .  لقد زاد معدّل القتل اليومي على  المائة شهيد  , وقامت  فرق الموت بارتكاب مذابح  بالسلاح الأبيض  بحقِ الفارِّين من جحيم الموت  , مما زاد عدد ضحاياها عن المائة  ,  وأعدمت مثلهم  من المدنيين والعسكريين , إضافة لحرقِ المنازل والمحال التجارية  ,  وانتشار عمليات السلب والنهب  والاغتصاب التي عمَّت مختلف المناطق الملتهبة .

       يأتي هذا التصعيد ,  في سياق محاولات السلطة اليائسة لسحقِ الثورة  . لكنها لم تستطع  النيل  من عزيمة الشعب وثورته. حيث  شكّلت وقائع جمعة / تسليح الجيش الحرِّ  ردّاً حازماً على إجرامه ,إذ اجتاحت التظاهرات معظم المدن والبلدات , بما فيها الأماكن المنكوبة والمحاصرة لتصل إلى أكثر من /670/ تظاهرة  . فشملت هذه المرّة  قرى الجولان  وازدادت الانشقاقات عن الجيش وانضمام المزيد  من الجنود والضباط  إلى الثورة .

                                   *            *              *            *

       جاء مؤتمر أصدقاء سورية في تونس , بعد انعقاد الجمعية العامّة للأمم المتحدة , ردّاً على الفيتو/ الروسي , الصيني /  . جمع المؤتمر ما يزيد عن السبعين دولةٍ ومنظّمةٍ في إدانةٍ صريحةٍ لجرائم الطغمةِ  السورية الحاكمة.  لقد شكّل المؤتمر تظاهرةً دولية تضامنية  مع الشعب السوري  ,  لكنّه لم يلبِّ مطالبه  ,  التي تتلخص في  اتخاذ التدابير العملية  لوقف القتل  وتامين الحماية  للمدنيين من جرائمها .  ربّما جاء عجز ه  من تردد القوى الدولية , التي تحكمها مصالحها الخاصّة  ,  بصرفِ النظر عن شدّة اللهجة  ودرجة القطع  مع النظام , ومستوى العقوبات المفروضة عليه .  هنا لابدَّ لنا أن نثمّن موقف المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج وليبيا , المتضامنة مع الشعب السوري الثائر .

                                   *            *              *            *

    مع اقتراب الثورة من إنهاء عامها الأول , يتوجه حزب الشعب الديمقراطي السوري بتحية الإجلال والإكبار إلى الشعب السوري البطل إلى ثواره الميامين , طالباً الرحمة والمغفرة لأرواح شهدائنا الأبرار, ومتمنياً الشفاء العاجل لجرحانا , ولأهلهم وذويهم الصبر على المحن , والحرية للمعتقلين .

       لابدَّ لنا ونحن نعيش أجواء الثورة المجيدة من العودة إلى  بعض المسائل الهامة :

      1 ـ   لقد دللت تجربة عامٍ كاملٍ من عمر الثورة  ,  وبعد كل هذا الإجرام الوحشي بحق الشعب ,  أنَّ كل الدعوات للحوار مع السلطة أصبحت لا طائل منها  .  فشعار إسقاط النظام بكل أركانه ورموزه مازال صحيحاً وسليماً , وأنّ المهمة الأساسية في هذه المرحلة تتلخص في لجم الآلة العسكرية التي ترمي بحممها على السكان العزّل .  وهذا يتطلب مزيداً من الضغط على الأوساط العربية والدولية  لتحمُّل مسئوليتها  واتخاذ تدابير عملية بهذا الشأن .

       2ـ مازالت الثورة أمينة على أسلوبها السلمي في التظاهر والتعبير عن حقها في التغيير والحرية والكرامة .وبسبب ارتفاع منسوب عنف النظام إلى أعلى درجاته من الوحشية  جاءت الانشقاقات في الجيش , وأدّ ت إلى قيام الجيش الوطني الحرّ .  ومع تطور الصراع أضحى هذا الجيش أحد أهم قوى الثورة , الذي اخذ على عاتقه حماية التظاهرات  ,  وما أمكنه لحماية المدنيين العزّل  ,  الأمر الذي تطلّب و يتطلّب دعمه  ,  ورعايته  من أجل  استمرار دوره الوطني  على نحوٍ أفضل .  كذلك على قوى الثورة /التنسيقيات ,النشطاءالميدانيون,.وسواهم / إعادة النظر في آليات العمل وأولويات مهامهم بشكل يؤدي إلى توحدهم في إطار منظم , والتنسيق المباشر مع الجيش الوطني الحر .

      3 ـ  مع قيام الثورة السورية المباركة  ,  كان واضحاً أنّ المعارضة الديمقراطية السورية  ,  لم تستطع أن توحد خطابها السياسي  تجاه الثورة ,  فظلّت أطراف منها , لأسباب كثيرة لا داعي للدخول فيها الآن  , مترددة ومشككة بالثورة  ,  بل وراغبة في إيجاد تسويات جانبية مع النظام  .  ومن المؤسف أيضاً أنّ  هذا الفريق وجد دعماً من  بعض الأوساط العربية والدولية . فالقول إنّ المعارضة الديمقراطية مازالت مشتتة وتحتاج إلى التوحد  ليس صحيحاً بالمطلق  ,  فالحقيقة التي أظهرتها الأحداث  أنّ أمام أيّ معارضٍ خياراً من خيارين  لا ثالث لهما , فإمّا الانحياز للثورة والالتحاق بها , وإمّا الانحياز إلى النظام  . فهؤلاء المترددون ,  شئنا أم أبينا , في مواقفهم هذه و سلوكهم المشكك , يصبُّ  جهدهم في طاحونة النظام .

     4ـ مازال المجلس الوطني هو الأقرب إلى روح الثورة  وأهدافها , بصرف النظر عن السلبيات التي تعتريه ,  ومحاولات حرفه عن خطه السياسي المعلن  في وثائقه الرسمية  .   باعتقادنا   أنّ الفرصة  مازالت أيضاً  قائمة لتجاوز عثراته وأخطائه المرتكبة  , والتي دعونا دائماً  ,  نحن في حزب الشعب الديمقراطي السوري  وإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي  , لإزالتها  ,  وتوطيد وحدته السياسية والتنظيمية  و توسيع صفوفه بانضمام الشخصيات والقوى المعارضة الحقيقية ,  دون الوقوف عند التناقضات القديمة التي كانت قائمة مع  المجلس أو مع بعض أطرافه . ولابد هنا من أن ننوه : أنّ مكانة المجلس الحقيقية  وقدرته على دعم الثورة , تأتي  بالدرجة الأولى  من التحامه مع الداخل  ,  وليس بإرضاء أطرافٍ خارجية ٍ هنا وهناك  ,  والركض  وراء أطرافٍ  لها مصالحها الخاصّة . وعليه أن يدرك أيضاً أنَّ مكانته أخذت تهتز في صفوف الثوار . فلابدَّ من إصلاح بيته  بما يساعد على تحقيق الوحدة والتعاون بين أطرافه  من جهةٍ , و الالتحام مع الثورة  من جهةٍ أخرى .

 *              *              *               *

       لقد خسر النظام السوري ومازال يخسر  معاركه مع  شعبه الثائر , وهاهو, بعد عامٍ من الصراع , يمضي  بعيداً في طريق اندحاره  وزواله , بعد أن أضحت المجازر والجرائم المرتكبة  عدّته الوحيدة من أجل البقاء . فشعبنا السوري بفضل صموده الأسطوري وبسالة ثواره قد انتزع احترام العالم , الذي يراقب عن كثبٍ مجريات المعارك الدامية . ومازال يحصد المزيد من دعم الشعوب والقوى الخيّرة لقضيته العادلة  , واختيار نظامه الذي يطمح إليه .  فلا أحد يستطيع أن يخمد  ثورة امتدَّ لهيبها على مساحة الأرض ا لسورية  .

 دمشق في /7 /3 / 2012 /

الأمانة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى