بيانات الانتفاضة

بيان من حزب الشعب الديمقراطي السوري


في سياق الحرب الضارية  التي أعلنها  الطاغية  بشار الأسد على الشعب السوري، تتواصل  وتائر العنف الممنهج،  مسجلة  مستويات قياسية في أعداد ضحاياها التي فاقت المئة شهيد يومياً، وفي حجم الدمار والتهجير الطائفي الذي طال العديد من المحافظات والأرياف السورية، مستخدماً الأسلحة الثقيلة، والطيران الحربي، وصولاً إلى حرق المحاصيل والغابات، كما حصل في الزاوية وجبل  الأكراد، ومنطقة كسب في مجافظة اللاذقية.

على الرغم من ضراوة هذه الحرب، تسجل الثورة السورية تقدماً متنامياً في تجذرها وعمقها واتساعها، وتصعيداً لكافة اشكال المقاومة، من التظاهرات والإضرابات التي عمّت مختلف المدن، وتشهد رفداً مستمراً لحواضنها الإجتماعية عبر دخول مناطق جديدة / السويداء، عفرين، والحسكة /، وتتنوع أنشطتها وفعالياتها، خاصة في صفوف الثوار والجيش الحر.  وتزداد قدرتهم على التصدّي لآلة القتل، وتوجيه ضربات موجعة إلى قوات النظام  وشبيحته. كما بدأنا نشهد بوضوح حالات الإنهاك والتضعضع في صفوفه، حيث تتوالى الانشقاقات العسكرية كمّاً ونوعاً، وتتزايد حالات الانسلاخ عنه لدى الكثير من الفعاليات الاقتصادية من تجار ورجال أعمال. أمّا العقوبات الدولية والعربية  فأخذت تفعل فعلها في تضييق الخناق عليه.

*      *       *

إنَّ سلوك السلطة المتوحش، أوقع المجتمع الدولي المتقاعس في حرج كبير. فهو  يسعى، رغم خلافات أطرافه، إلى تطويق الأزمة السورية؛ لاسيما بعد أن دخلت خطة عنان طريقاً مسدوداً. في هذا السياق  يأتي انعقاد مؤتمر جنيف بهدف ايجاد مخرج في ضوء رفض السلطة السورية  المتكئة على الدعم الروسي والصيني إيقاف حربها على المجتمع السوري.. لكن معالجاته وحلوله التي  عبر عنها بيانه الختامي، جاءت كسابقتها مخيبةً للأمال،  إذ سجل تراجعاً عن خطة عنان عبر تجاهل بندها الأول، والقفز إلى بندها السادس، القاضي بالدخول في العملية السياسية. ونحن في حزب الشعب الديمقراطي السوري، رغم تمسكنا بالحل السياسي، إلا أنه من الصعب الولوج فيه قبل وقف العنف السلطوي، وتطبيق كامل بنود الخطة.. فالدخول في عملية سياسية ناجحة، يتطلب: رحيل الأسد وأعوانه،  وقبول  المشاركين من أهل النظام، الذين لم   تتلوث أيديهم بدماء الشعب السوري والمال الحرام، بالنظام الوطني الديمقراطي البديل .

لقد خرج علينا مؤتمر جنيف بصيغٍ جديدة  لخطة عنان ، تحمل تفسيرات متناقضة وتعكس استمرار التهرب من المسؤولية، ومحاولة رميها على روسيا والصين. وهكذا أضحى هذا المؤتمر كغيره من المؤتمرات يقدم الفرص والمهل الاضافية للنظام، لارتكاب المزيد من المجازر دون ظهور أي توجه جدي وفعلي لردعه..  فعلى خلفية الانقسام الدولي،  حمّل الأمريكان  والأوربيون الروس  مسؤولية عرقلة اتخاذ القرارات الحازمة. نحن إذ نشجب وندين السياسة الروسية المشينة، والداعمة لنظام القتل والاجرام، والمعرقلة لتطلعات شعبنا في الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية. نعتبر الاتحاد الروسي ليس شريكاً في القتل فحسب، بل طرفاً في الصراع  وجزءاً عضوياً من الأزمة. ولاشك أنّ سياسته الضيقة هذه، ستدمر العلاقات التاريخية الحميمة بين الشعبين السوري والروسي.

*        *         *

شكل مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس دفعاً معنوياً،  من خلال لقاء أكثر من  مائة وسبع بين دول ومنظمة لنصرة الشعب السوري. لقد صدرت قرارات   أكدّت على ضرورة رحيل الأسد كشرط لبدء المرحلة الانتقالية، وعلى وضع خطة أنان تحت الفصل السابع لاجبار النظام على وقف العنف وعلى إحالة مرتكبي الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية، وزيادة دعم المعارضة السورية. إلا أنَّ هذه القرارات رغم أهميتها بقيت أقوالاً ومناشداتٍ، ولم تترجم إلى أفعال جديّة وملموسة.

*         *          *

وبغض النظر عما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي من دعم لقظية شعبنا الثائر،  علينا متابعة النضال بقوانا الذاتية لتحقيق الانتصار على القتلة. لقد آن الأوان، بعد خمسة عشر شهراً أن نستخلص الدروس الضرورية من أجل توحيد قوى الثورة على مختلف تجمعاتها، وبخاصة الجيش الحر الذي سيشكل القوة الضاربة للإجهاز على النظام.

لقد سبق لحزبنا أن أشار، في أكثر من مناسبة إلى ذلك..  ومن الهام جداً، إضافة لتوحيد قوى الثورة، علينا نقد تجربة الثورة وأداء الثوار بغرض تلافي الأخطاء المرتكبة، وإعادة تنظيم الصفوف،  الأمر الذي يتطلب التخلي عن العصبيات والأنانيات التي تكونت في بعض التجمعات الثائرة.  كما نرى ضرورة إعادة النظر في استراتيجية وتكتيكات الثورة.  فالمهمّة الأساسية الآن، وبعد ميلان ميزان القوى لصالح الثورة، أن  تنصبَّ كل الجهود على توفير جميع الإمكانات لإسقاط النظام، وليس على المكاسب التي يمكن أن يجنيها هذا الفريق أو ذاك بعد سقوطه. كما نؤكد مرة أخرى على ضرورة تشكيل المجالس المحلية  في كل الأماكن  التي يتواجد فيها الثوار على مختلف مستويات فئاتهم .

*         *         *

لقد أضاع المعارضون السوريون في المهجر  كثيراً  من الجهد والوقت  في مسائل لاتخدم الثورة، الأمر الذي أضرَّ بمكانتهم وسمعتهم، ومن المؤسف القول أنَّ المجلس الوطني لم يكن بمنأى عن ذلك.. فالأداء الناجح يتحدد في التمسك بأهداف الثورة وشعاراتها، وبما يقدمونه من دعمٍ وخدماتٍ ودعايةٍ لها، والتي تصبُّ، في نهاية المطاف، في إسقاط النظام وإقامة النظام الوطني الديمقراطي البديل.

إنَّ مسألة وحدة المعارضة، التي يطالب بها المجتمعان العربي والدولي مازال ينظر إليها بعين ما قبل الثورة، حين كان الصراع يتمركز بينها وبين السلطة، لكننا نعيش الآن زمن الثورة التي شكلت عن جدارة مركز الصراع مع النظام. والفرز بين أطراف المعارضة جرى منذ بداية الثورة، بين فريقٍ  مشكك ومتواطيء مع السلطة، وآخر منحازٍ لها أو منخرطٍ فيها، وهذا هو الواقع الذي تعيشه المعارضة السورية التقليدية. فالجمع بينهما لايؤخر ولايقدّم في  نجاح الثورة أو فشلها، لكننا ندرك بعمق، المرامي الخبيثة التي تسعى لها بعض الأوساط العربية والدولية، بهدف خلط الأوراق، وإيجاد بديل عن قوى الثورة، حيث تقترب ساعة الحلول الجدية. نقصد هنا، أنَّ الفريق المشكك المشار إليه،  يُراد إعطاؤه شرعيةً من أجل إشراكه في العملية السياسية، وهو أمرٌ لايستحقه أبداً،  ويتعارض أيضاً مع مصلحة الثورة. من هنا كنّا واثقين من فشل هذا المؤتمر، رغم ماسجله من تراجع في المواقف السياسية للفريق المشكك بها.

*       *        *

المجد والخلود لشهداء الثورة السورية

الشفاء العاجل للجرحى والمصابين

الحرية للمعتقلين والعودة للمفقودين

                                                                       الأمانة المركزية

                                                             لحزب الشعب الديمقراطي السوري

                                                                 دمشق، في 9 / 7 / 2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى