بين رصاصة قناص والموت عطشاً.. ماذا تختار؟
خولة دنيا
لم يكن أمامها وقد انتهت مونة الماء من الصراخ
المنازل المقابلة كانت صفاً واحداً، وحده بيتها بدى وحيداً وقد أحاطت به حديقة صغيرة فرحت بها كثيراً حين بنوا البيت، واليوم تبدو هذه الحديقة وكأنها خندق يعزل البيت عن محيطه.
في الجهة الأخرى من الشارع، استطاع الأهالي فتح ثغور في الجدران ليمرروا الماء والمؤن فيما بينهم.
أما هي مع زوجها وأولادها فوحيدون وعاجزون.
القناص اختار لمزيد من حصار المدينة أن يثقب خزانات المياه في أدنى نقطة منها كي لا يتمكنوا من استحصال ولا حفنة ماء مراق.. يا إلهي ألا يكفي كل ما اريق من دماء، كي يراق الماء أيضاً….
صراخ الصغار سمعه الكبار في الضفة الأخرى ولكن ماهي الوسيلة لإيصال الماء لهم؟
حاولوا بكل الوسائل وأخيراً قررت المجازفة فالموت واحد عطشاً أو قنصاً..
أرسلت بيدونات صغيرة بأيدي ولديها الصغيرين، أقنعت نفسها أنهم لن يطلقوا النار على الصغار، لا يعقل أن يطلقوا النار على الصغار.. لا .. لا لن يطلقوا النار على الصغار..
سار الصغير يمسك بيد أخيه وبيده الأخرى البيدون.. الآخر الأصغر سناً كان أقل خوفاً ولكن القلق على ملامح أمه انتقلت إليه..
كان الهدف السير لعشرة أمتار ، فقط عشرة أمتار بين بيتهم والبيت المقابل على الرصيف الآخر
في منتصف المسافة… سقط الصغير
ارتخت اليد التي تمسك بيد الأخ
قفز البيدون متساقطاً بضجيج غطى على الرصاصة الأخرى وهي تخطف الأخ الأكبر
صغيران في منتصف المسافة بين بيتين
الأم التي تراقب من النافذة… انهارت لتلاقي أبناءها في السماء
العطش مازال يمنع الدموع من السقوط على الوجوه والحلوق الجافة….
والقناص متمترس فوق سطحه يؤدي مهمة يبدو انها تعجبه..
(يوميات مدينة محاصرة)