بَعير بشار الأسد وناقة الشعب السوري/ خطيب بدلة
x
عَوَّدَنَا الرئيس بشار الأسد، منذ خطاب القَسَم الذي أداه أمام مجلس الشعب، في صيف سنة 2000، على الصراحة والشفافية. وبناءً على هذا، فقد زَفَّ إلينا، في خطابه “التاريخي” الجديد، صبيحةَ الأربعاء الخامس عشر من يوليو/ تموز 2014، بشرى سارَّةً للغاية، ملخّصُها أن “الشعب” السوري، الذي يقوده هو، وبعد ثلاث سنوات ونيّف من تصديه للمؤامرة، ووقوفه في وجه الإرهاب، قد انتصر!.. ولم يبق أمامهما، الشعب والرئيس، الآن، إلا أن يبدآ عملية تضميد الجراح، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة بناء ما خَرَّبَتْهُ العصاباتُ الإجرامية المسلحة المدعومة من الخارج المتآمر.
ثمة معلومة راسخة في أذهاننا، نحن السوريين، رسوخَ البديهيات والحقائق العلمية، تفيد بأن هذا الرئيس المنتخب، يحبُّ “الشعبَ” السوري حبّاً جمّاً، ويُخْلِصُ له، ويترنّمُ باسمه على مبدأ المثل القائل: “مَنْ أحبَّ الشيءَ أكثر من ذِكره”، ويُحِبُّ مَنْ يحبُّ هذا الشعبَ، على طريقة الشاعر الذي أحَبَّ امرأةً، وإذا ببعيره يتأثر به، ويحبُّ ناقتَها!
لا يوجد ما يدعونا، الآن، لذكر البراهين على غليان دماء الحب في عُروق هذا الرئيس الرائع، تجاه هذا الشعب الذي لا يقلُّ عنه روعةً، ويكفي أنه، حينما توفي والدُهُ، القائد التاريخي الأول، استشرف مشاعرَ الحب عند الشعب السوري، وقَدَّرَ ظروفَه الحَرِجَة، واستبطن لسانَ حاله الذي يقول: دخيلك يا أبو البُشْر، الحقنا، ففي سورية لا يوجد رجلٌ واحد قادر على قيادة السفينة، وإيصالها إلى بر الأمان، غيرك! وتمثّل قولَ الشاعر الجاهلي:
إذا القومُ قالوا مَنْ فتى خِلْتُ أنني
عُنيتُ فلم أكسلْ ولم أتبلّدِ
وسرعانَ ما “شَمَّرَ” عن ساعدي الجد، ووجّه تحذيراً شديد اللهجة إلى “عمو أبو فراس ـ
“معلومة راسخة في أذهاننا، نحن السوريين، رسوخَ البديهيات والحقائق العلمية، تفيد بأن هذا الرئيس المنتخب، يحبُّ “الشعبَ” السوري حبّاً جمّاً، ويُخْلِصُ له، ويترنّمُ باسمه على مبدأ المثل القائل: “مَنْ أحبَّ الشيءَ أكثر من ذِكره”، ويُحِبُّ مَنْ يحبُّ هذا الشعبَ، على طريقة الشاعر الذي أحَبَّ امرأةً، وإذا ببعيره يتأثّر به، ويحبُّ ناقتَها”
طلاس”، بعدم التباطؤ في تنفيذ وصية المرحوم الواضحة التي تقضي بتنصيبه رئيساً، وإلا فالرفاقُ رؤساء الفرق العسكرية والشعب المخابراتية جاهزون لارتكاب مذبحة أضخم بكثير من مذبحة المماليك في القلعة، ليس حبّاً منهم بالمذابح، معاذ الله، وإنما من أجل تمكين بشار من الاستجابة لتوسّلات الشعب.
“عمو أبو فراس ـ طلاس”، بدوره، نادى على “عمو أبو جمال ـ خدام” الذي كان ينوي، والله أعلم، أن يأخذ، هو الآخر، دور المُحِبّ “للشعب” السوري بضع سنوات، ريثما يكبر فرخ الأسد، ويصبح في السن القانونية لـ”الجلوس” على العرش الجمهوري، وهمس له أنْ نَصِّبْهُ رئيساً و”فُكَّنَا” من هذه العلقة المسخمة! فاستوعب “أبو الجُمُل”، وهو المشهود له بالفهم والاستيعاب، الدرسَ، على السريع، ولم يتوانَ في تنفيذ سلسلة طويلة عريضة من الإجراءات اللازمة، لجعل “أبي البُشْر” قريباً من “الشعب” الذي رضع حُبَّهُ له من ثديي والدته… أطال الله عمرها.
لقد حقّق بشار الأسد لسورية، وهذا ما استشففناه من الخطاب، أشياء تشبه المعجزات التي تفوق إمكانات العقل البشري على الإدراك. أهمها، بلا أدنى شك، القضاء على “الإرهاب”، ليس بالمعنى التقليدي للكلمة، بدليل أنه حاول قدر مستطاعه أن يتجنّبَ قتل المسلحين التابعين للمنظمات الإرهابية الحقيقية، وبالأخص “داعش”، فهؤلاء يلزمون له، وللدول العظمى اللاعبة في المنطقة، لأعمال أخرى، وأماكن أخرى، ومعادلات معقدة أخرى، بل رَكَّزَ جُلَّ نشاطه في حقل مكافحة الإرهاب على قتل أشخاصٍ ليسوا إرهابيين، وإنما يوجد احتمال أن يكونوا إرهابيين في المستقبل.
ومن الأشياء المهمة التي بدأ القائد التاريخي، بشار الأسد، بتحقيقها على أرض الواقع في سورية، محاربة “الفساد”، وهذا، في الحقيقة، عمل وطني ذو أكلاف مادية كبيرة، وقد تنبّه السادة الشبّيحة الأكارم (تمكّنوا، بتوفيق الله تعالى، من حماية النظام السوري من السقوط تحت ضربات المؤامرة)، إلى أهمية هذه المسألة، فشرعوا يرافقون الجيش العربي السوري في غزواته المظفّرة على أوكار الإرهابيين، ويسرقون من هنا غسالة، ومن هناك كونديشن، إضافة إلى “شويّة” حليّ ذهبية، وأسطوانات غاز، وطناجر، وصحون، وقلايات التيفال التي لا يعلق بها الطبيخ، ويبيعونها في أسواقٍ يدلّ اسمها على ما ورد في خطاب القائد حول اللحمة الوطنية ونبذ الطائفية وضرورة العيش المشترك، فمنها “سوق الإخوة الدروز” و”سوق النصيرية” و”سوق أهل السنّة والجماعة”.. إلخ.
أما الرفاق الشبيحة الذين اعتقدوا، في البداية، أن حظهم السيء هو ما قادهم إلى الوقوف على حواجز التفتيش الذي لا يوجد فيه أيٌّ من أنواع “الماعون” القابل للحمل والنقل والبيع، فقد حمدوا الله، في ما بعد، وأثنوا عليه، إذ اهتدوا إلى طريقةٍ لتحصيل العيش الكريم، خفيفة ونظيفة وشريفة، تتلخّص في الطلب من الركاب القادمين في أي سيارة نحو الحاجز، أن يُبرزوا هوياتهم الشخصية، ويرفق كلٌّ منهم هويتَه بمبلغ مئتي ليرة، أو خمسمئة ليرة، أو ألف ليرة (بحسب الأهمية الاستراتيجية للحاجز)!
الآن، لا يوجد أحد في سورية الحبيبة (التي جدّدت البيعة والعهد للقائد
العربي الجديد