تأديب “السافرات” في إيران/ بادية هاني فحص
تحت عنوان “الأمن الاجتماعي وصون قيمة المرأة”، تشن السلطات الدينية في إيران، حملة واسعة في العاصمة طهران و17 مدينة كبرى في البلاد لملاحقة “السافرات”.
لفظة “السافرات” شرعا تعني النساء غير الملتزمات بالحجاب الإسلامي المتفق عليه في الجمهورية الإسلامية، وهو “التشادور” أو الثياب الطويلة والفضفاضة ذات الألوان الداكنة، إذ تعتبر المراجع الدينية المتشددة أن الألوان الصارخة مخالفة للحكم الشرعي.
وتشمل صفة “سافرة” في إيران النساء المتبرجات وإن كن يضعن الحجاب الإسلامي على رؤوسهن، وكذلك كل فتاة ترتدي ثيابا ضيّقة أو قصيرة أو ما تعتبره شرطة الآداب ثيابا مثيرة جنسيا.
وقد أعلن المسؤولون عن الحملة أنها انطلقت بعدما لاحظوا أن النساء الإيرانيات بدأن يفرّطْن بحجابهن، وبالمظاهر الإسلامية.
وكانت شرطة الآداب قبل الإعلان عن بدء الحملة قد عمّمت على المواطنين أن مراقبة “حشمة النساء” واجب على كل فرد، ولا تقتصر المهمة على رجال الشرطة فقط. وتشمل الحملة علاوة على “تطويع السافرات”، ملاحقة المخلين بالآداب الإسلامية، كمثيري الشغب ومرتكبي التجاوزات الأخلاقية (اللقاءات بين الجنسين) في الأماكن العامة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الشرطة الإيرانية عن “حملة أخلاقية” من هذا النوع، فقد شهدت السنوات الأولى بعد الثورة حملات مماثلة، ما لبثت أن تراجعت حدتها في ما بعد، خصوصا في فترة رئاسة محمد خاتمي، لكنها عادت إلى الظهور مجددا وبقوة في عهد نجاد، ثم تجددت الآن كردّ من المتشددين على محاولات الانفتاح التي أرستها حكومة روحاني، وتعتمد هذه الحملات على القيام بدوريات على مدى 24 ساعة، بسيارات مدنية يستقلها رجال ونساء، وتعرف بـ”دورية الإرشاد”.
ويحق لعناصر الدورية المؤلفّة من رجال ونساء يجوبون الشوارع الرئيسة والأحياء الداخلية في المدن الإيرانية، بسيارات مدنية، أن يعترضوا أي شخص يعتبرونه قد خدش الحياء العام، ويقومون بضربه وتأديبه على الفور، واعتقاله إذا لزم الأمر، ومحاكمته وفق الأصول القانونية لجرمه.
واللافت للانتباه في حملة الحفاظ على المظاهر الإسلامية وصون كرامة المرأة الإيرانية، تجريم واعتقال المواطنين الذين ينزهون “كلابهم” وكذلك من يحملون حيوانات بيتية في أحضانهم في الأماكن العامة، وتحويلهم إلى القضاء المختص، وهذه الحملة تحمل اسم “دور دور” أي “ابتعد”.
وقد أعطت السلطات الإذن لـ”دورية الإرشاد” بالدخول إلى حرم الجامعات وتطبيق القانون في الباحات وقاعات التدريس ومنامات الطلاب.
وقد عزا رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي تردي حال الحجاب الإسلامي لدى السيدات الإيرانيات إلى انتشار الانترنت والهواتف الذكية، معربا عن قلقه في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء “رسا” الإيرانية “لتردي حال الثقافة الاجتماعية في الجمهورية الإسلامية”، معتبرا استهتار النساء بالحجاب “شذوذا” ، وقال: “أحوال المجتمع الإيراني حاليا تدعو إلى التعجّب إذا ما قارناها بما حققناه في أوائل سنوات الثورة”. تصريحات يزدي هي انعكاس لخطاب شريحة واسعة من رجال الدين المتشددين المناوئين لحكومة روحاني، ومنهم أيضا إمام الجمعة الموقت لمدينة مشهد أحمد علم الهدى، الذي أبدى قلقه اكثر من مرة من قرار حكومة روحاني بزيادة سرعة الانترنت، معتبرا أن “العالم الافتراضي هو ساحة حرب ضد الجمهورية الإسلامية”.
وبناء على “القلق” الذي أبداه رجال الدين المتشددون، أعلن مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي تعيين عدد إضافي من المراقبين في “المجلس الأعلى لمراقبة الفضاء المجازي”، وذلك “للحد من الأضرار الثقافية والاجتماعية الناتجة عن استعمال الانترنت”.
موقع “جنوبية”