صفحات العالم

تحديات المعارضة السورية “بعد الأسد” /محمد الحسن

كل النقاشات والتحليلات التي نشهدها في الربع ساعة الأخيرة قبل الضربة الأميركية المرتقبة على سوريا تدور حول طبيعة الضربة وتوقيتها ومدى قوتها، وكم ستقتل، وغيرها من الأسئلة ذات الطبيعة العسكرية التي لا تغني ولا تسمن في ظل وضع انتهى إلى الدمار بالبنى التحتية في معظم المحافظات السورية، إلا أن أحداً لم يتطرق إلى سؤال هام يأتي بعد الضربة: أين المعارضة السورية من كل ما يحدث؟

إلى الآن لم تقدم المعارضة السورية و”الائتلاف الوطني السوري” ما يثبت أنها قادرة على تحقيق قاعدة وطنية تقود السوريين خلال المرحلة الانتقالية المقبلة في سوريا إذا ما غادر الآسد أو حدث هناك أي تسوية سياسية مقبلة، فعلى مدى العامين ونصف العام، لم يتمكن هؤلاء السياسيون في الخارج من أن يبقوا “شعرة معاوية” مع الشعب السوري في الداخل، فالامتعاض والغضب من طرق التعامل مع ما كان يجري من مجازر كان كفيلاً ليجعل من “الائتلاف” وباقي المعارضين عبارة عن بيارق للشطرنج يحركها من يشاء بحسب مصالحه وغاياته؛ إذ إن هذا الاعتقاد لا يزال سائداً لدى الكثير من السوريين في الداخل، وحتى الخارج وإن كان بنسب أقل، فما يجري من نقاشات على مستوى رجال المعارضة السورية فيما يخص مسألة التدخل الخارجي و – ما بعد الضربة – هي نقاشات هزلية لا ترقى للتعاطي السياسي الجاد والمسؤول معها سياسياً وإعلامياً.

ما يجري من جدل سوري يعيدنا لما حدث في العراق 2003م، إبان حدوث الخلف الغربي، فالكل يتحدث عن قدوم على ظهر دبابة أميركية سيجعل منهم القائم بمهمة الخطاب السياسي الممهد للتنازل عن محور لطالما تغنى به السوريون كثيراً، فتكرار الحالة العراقية أو حتى اللبنانية في سوريا بات أمراً قد يكون واقعاً إذا ما استلهم الشباب السوري في الداخل طرقاً أخرى للتعامل مع ما يجري بعد الضربة المتوقعة و أي تسوية مرتقبة، وهذا قد يقود لتكوين تكتلات شبابية داعمة للعمل السياسي بحيث يكون مقدمة لتكوين نواة ثورية شبابية تحافظ على ما بقي من سوريا من نسيج اجتماعي واقتصادي، فبرأيي المتواضع، مهمة الشباب السوري خلال المرحلة المقبلة ستكون صعبة إلا أنها إن لم تكن موجودة وتعطى مكانها في العمل السوري السياسي سيغدو من الصعب الوصول إلى حوار جدي مسؤول يضع سوريا على الطريق الصحيح؛ انظروا ما حصل في مصر من ثورتين من كان سببها: الشباب وما حصل من تكتلات ثورجية سببها الأول والأخير عدم إشراكهم في الحل السياسي القائم، لذا قد يكون وارداً أن نرى مثل هذه التجارب في سوريا إذا ما تمَّ تهميشهم أو وضعهم في آخر الصف، ولكن عبثاً، فالأغلبية من المعارضين لا تقرأ. وتكرر الأمر ذاته في الشهور الأولى للثورة.

السياسة في سوريا اليوم، كالهواء الذي يحيط بنا ونتحرك داخله، إذا ما خرجنا كسوريين اليوم بسلام من نتائج الضربة المرتقبة على بلادنا، ستأتي “استحقاقات” قد نكون غير جاهزين لها، وسنجد أنفسنا محشورين في نسخة مكررة لما كان يجري أيام النظام السوري

على مدى خمسين عاماً خلت، لنعيش حالة شعارات جديدة تعبر عن جهلنا للعمل السياسي بأبعاده كافة، وفي المحصلة: “كإنك يا أبو زيد… ما غزيت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى