صفحات العالم

تحسّبوا للأسوأ!

    علي بردى

دخلت الجهود الديبلوماسية لحل الأزمة السورية في مأزق عميق. لم يستطع المجتمع الدولي التقدم قيد أنملة للجم الانهيار. مضت سنتان من غير أن تظهر علامات التعب على المتحاربين. يسود التشاؤم أروقة الأمم المتحدة. يتأهب الجميع لأسوأ ما في هذا الحريق.

ثمة طريقان للحل: إما أن ينتصر طرف على آخر بالقوة العسكرية، وإما أن يجلس الطرفان الى طاولة المفاوضات للبحث عن تسوية سياسية. ينبغي أن تكون الأوهام تبددت حيال خيارين. لا قدرة للنظام على استعادة السيطرة بأدواته العسكرية والأمنية، ولا قدرة لقوى المعارضة على اطاحة الرئيس بشار الأسد. تحتاج سوريا الى أكثر بكثير من المبادرة المشروطة التي أطلقها رئيس “الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” أحمد معاذ الخطيب من أجل اجراء حوار يلبي تطلعات السوريين الى التغيير. يتساءل كثيرون عما إذا كان أطراف المعارضة سيبقون متماسكين أمام هذا الإقتراح. في المقابل، يقتضي الأمر أكثر بكثير من الموافقة المشروطة لحكومة الأسد على الإعتراف بوجود معارضة جديّة وواسعة لوجوده في الحكم.

تمسك الممثل الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الابرهيمي، الذي يواجه وضعاً بالغ التعقيد، بهذه المبادرة. يتحمل اتهامات من المعارضة بأنه لا يقوم بما يكفي لمساعدة الشعب السوري. يصبر على ما يلاقيه من نظام يرى أنه تجاوز الحدود في تفسيره بنود بيان جنيف. ذهب أخيراً من نيويورك بخفي حنين. بيد أنه لم يستسلم. سيحصل قريباً على تفويض جديد لمواصلة مهمته. سيطرق باب مجلس الأمن مرة اخرى، ليسأل الذين اتفقوا على تشكيل “هيئة حكومية انتقالية”: متى تشكل هذه الهيئة؟ قبل الحوار السياسي أو بعده؟ ما الذي يعنيه تمتعها “بسلطات تنفيذية كاملة”؟ كيف يمكن تطبيقها؟ هذا هو النقاش الذي يدور حالياً.

يتلهى البعض بالتفاصيل. ولكن في غياب الإستعداد الصادق داخلياً وغياب الآفاق الواعدة خارجياً للحل السياسي، ستدخل الأزمة السورية قريباً سنتها الثالثة، دونما بارقة أمل حتى في وقف النار. جلّ ما هو ممكن دولياً الآن توفير مزيد من المساعدات الإنسانية لملايين النازحين في الداخل، ومئات آلاف اللاجئين الى دول الجوار، ومنها خصوصاً لبنان.

وصول مئات آلاف اللاجئين الى لبنان يعرضه لمزيد من مؤثرات هذه الحرب السنيّة – الشيعيّة بالوكالة على أرض سوريا. السنّة السوريون مغلوبون على أمرهم. يأملون في مزيد من المساعدة من السعودية وقطر لتحقيق تطلعاتهم الى “الديموقراطية”. العلويّون يتلقون الدعم من ايران الشيعيّة. يرددون أن فاقد الشيء لا يعطيه.

الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي عبرا أخيراً أمام بعض المسؤولين الدوليين، عن قلقهما من “الإنفجار” الذي تشكله قضية اللاجئين السوريين. لا بد أنهما يتحسبان للأسوأ.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى