صفحات الثقافة

ثلاث قصائد لتشارلز سيميك

 

ترجمها عن الانكليزية: ميلاد فايزة

تشارلز سيميك (1938): شاعر أمريكي بارز وأستاذ متقاعد للأدب الانكليزي بجامعة نيو هامشير. يعتبر واحدا من أفضل الشعراء الأمريكيين الأحياء. تحصّل على جوائز كثيرة اعترافا بإسهاماته الكبيرة في الشعر الأمريكي المعاصر. يُعرف تشارلز سيميك بغزارة إنتاجه كتابةً وترجمةً واهتمامه بموضوعات تنبع من تجربته كمهاجر من يوغسلافيا عاش طفولة صعبة أثناء الحرب العالمية الثانية والسنوات التي تلتها حتى هجرته إلى أمريكا سنة 1954.

الغرابة والقلق والاهتمام بشخصيات لا يمكن نسيانها هي أبرز ملامج شعر تشارلز سيميك الذي يكتب وكأنه يغرف من ذاكرة واسعة الخيال ومليئة بصور مذهلة ومثيرة للدهشة …

 

على هذا الشارعِ ذاته في بلْغراد

حَمَلتْك أمُّك

إلى خارجِ بَقايا بنايةٍ اِلْتَهَمَتْها النيران

وَوَضَعتْكَ على هذا الرصيف

مِثْل دُمْية مَلْفوفة في خِرَق مَحْروقة

حيْثُ أنتَ الآنَ وقفْتَ بَعْدَ سنواتٍ

تَتَكلّمُ إلى كلْبٍ مشرّد

تُخْفي سيارةٌ مركونةٌ نصْفَ جسمِهِ

كانتْ عيناهُ تفيضانِ رجاءً

وهو يتقَّدمُ إلى الأمامِ مُستعِدًّا للَأسْوأ.

الغرفة البيضاء

البديهي صعب إثباته

وكثيرون يحّبذون الخفيّ وأنا واحد منهم.

اِستمعْت إلى الأشجار.

كان عندهن سرّ

وكُنّ على وشك البوح به إليّ

ثم لم يفعلن.

 

جاء الصيف.

كان لكل شجرة في شارعي شهرزادها.

كانت لياليّ جزءًا من حكيهن الجامح.

كُنّا ندخل بيوتا مظلمة،

ودائما المزيد من البيوت المظلمة

الصامتة والمهملة.

 

كان هناك شخص ذو عينين مغلقتين

في الطوابق العليا

جعلني الخوفُ منه والعجبُ لا أنام

 

الحقيقة عارية وباردة،

قالت المرأة

التي كانت دائما ترتدي ملابس بيضاء.

تلك المرأة لم تغادر غرفتها.

 

أشارت الشمس إلى شيء أو اثنين

من الأشياء التي نَجَتْ من الليلة الطويلة وبقيت سليمة.

الأشياء الأكثر بساطة

صعبة في بداهتها.

لم تُحْدِث الأشياءُ الناجيةُ ضجيجا.

كان يوماً من النوع الذي يصفه الناس بأنه يوم «مثالي».

 

تتنكّرُ الآلهةُ في شكل دبابيس شعر،

مرآة يدٍ، مشط بِسِنّ مكسورة؟

لا، ما كان الأمر كذلك.

 

فقط هي الأشياء كما هي،

لا وميضَ لها، ملقاة في صمت

في ذلك الضوء البرّاق–

بينما الأشجارُ تنتظر الليل.

 

الخطوبة

وجدتُ مفتاحا

في الشارع،

مفتاح بيتِ شخصٍ ما،

مُلقى هناك، وَيَلمع،

وجدتُهُ منذ زمن بعيد.

 

مَنْ أضاعهُ

لن يتذكَّره الليلةَ مِثلما أفعل.

 

كانت مدينة كبيرة

ذات شبابيك داكنة كثيرة

ومداخل داكنة كثيرة.

وقفت هناك أفكر.

 

الشارع الذي أمامي مظلم

ومليء بالمخاطر

الآن وقدْ أمسكت بالمفتاح

أرى واحدا أو اثنين من المتجولين في آخر الليل

يسيران على مهلٍ مُتأهّبيْنِ

وفوقهما سماء ذات

وضوح غير طبيعي ومُريب

 

خطَرَ لي أنّ «الأبديّةَ تغارُ من اللحظة الراهنة!»

وحينئذٍ كانت اللحظة قد انتهت.

 

ـ ميلاد فايزة: شاعر ومترجم تونسي

 

ترجمها عن الانكليزية: ميلاد فايزة

القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى