ثورة وموعدان
معتصم الديري
يختلف السوريون على موعد الثورة، كأنها حقاً عيدهم الشخصي.
ربما ليس وقتاً مناسباً، فقد يداهمك الشريط العاجل الملعون” ماتوا، مجزرة في اخر البلاد، مجزرة في وجه المدينة، تسليح جديد، تتطرف يزحف الى الشمال، أو جملة تؤنبك: أنظر إلى أشلائهم، والى تلك العين خصوصاً”.
لكن العيد جاء،.جاء ليس كرد جميل للجنوب. بالعكس هو أغضب للعيد الثاني ذاك الجنوب الكريم”درعا” .
الجنوب الذي أشعل أطفاله في الشارع السوري كي تأتي الثورة ويحملها كاملة ذاك الجنوب.
ليس في الامر حساسية عالية حين يطالب ابناء درعا، والعديد من السوريين بأن 18-3 هو موعد ثابت لثورة الكرامة وللبلاد، وليس 15-3 حين خرج أيضاً سوريون في دمشق “سوق الحميدية”اأقتصروا على المئات، ثم تفرقوا.
بينما كان أطفال درعا في السجون قبل حوالي شهر، حين خطوا على حيطان المدينة ثورتهم.
يرى أبناء المدينة هنا بأنهم خرجوا مرة كبيرة في 18-3 خرجوا بالالاف وعادوا باربعة شهداء.
خرجوا ولم يعودوا، بقوا حوالي شهر كامل يثورون وحدهم، يموتون وحدهم، ودمشق تمشي على مهلها، حتى انهم أول من عرف ما تفعله الدبابة السورية بالمدن السورية قبل الجميع.
أحد نشطاء المدينة يستغرب: “هل تعلم معنى الاف تمشي بالشوارع تريد حريتها؟!، وليس فقط حرية هؤلاء الاطفال الذين عادوا الينا أكبر.هل فكر الجميع بمعنى أول أربعة شهداء في أول مدينة وأول يوم؟! شهيد، ثم شهيد، ثم شهيد، ثم شهيد، أم أعجبهم التاريخ الفردي، وإمساك تلك القنوات به”
يقولها أبناء الجنوب بحزن شخصي، وتمسك كبير بالرقم الثوري لهم18-3 .
هم ربما يحبون دمشق أكثر من شجر زيتونهم، ولكنهم يؤمنون بقاعدة “كلنا نعرف الثورة من حنجرة طفلٍ هنا، نحب العدل وحسب.”
لن ينقسم السوريين كحزبين هنا، ولكن كلّ يغني بما يحب ويراه عادلاً. وأيا كان الطرف، الكل يعرف أن أطفال درعا “مهد الثورة السورية” هم من سطروا هذه الثورة، وأن لدمشق لحناً خصوصيأ حين تدخل في الثورة.
لكن حين تغيب المركزية في الثورة يحضر الشعب في كل الادوار، الشعب يحدد موعد الثورة الآن، ولكن الشعب الذي اختلف يحفظ التاريخ لأطفال درعا أكثر من سوق الحميدية، الشعب يحفظ التاريخ الذي يحمل الدماء.
الشعب يملك موتاً، وانتصارا واحداً، ثورة وموعدان.
المدن