جبهة النصرة والمشكلة الطائفية
غسان المفلح
طالعنا الاستاذ ميشيل كيلو بمقال له بعنوان” اخطاء قاتلة..الطائفية” ينتقد فيها طائفية المعارضة او بعضا منها..بغض النظر الآن إذا كان انتقاد الاستاذ ميشيل صحيحا كميا ونوعيا أم لا لكن هنالك إشكالية طائفية في سورية،علينا أن نجد تعبيراتها المؤسسية اولا والمتداولة شعبيا شفاهة ثانيا..
اذا كانت الطائفية منتج سياسي يعتمد على عوامل ذاتية كإرادة القوة والسلطة الأسدية او موضوعية كوجود مجتمع متعدد الطوائف او كلاهما معا..فإننا في النهاية امام إشكالية حقيقية وعلينا العمل من اجل إيجاد الحلول المناسبة ومعالجتها،والتي لن تتم بين ليلة وضحاها بعد تغذية استمرت لعقود اربعة من قبل العصابة الأسدية وعوامل اخرى ساعدت على مزيد من تسميم اجواء المجتمع السوري بهذه الاشكالية،منها على سبيل المثال بعض التيارات الاسلامية التي لا ترى في مجتمعها السوري سوى نسخة عن دولة اسلامية،كما يتصورها كل تيار- علما انهم ليسوا على اتفاق على تصور واحد لهذه الدولة- لكن ليس لأنهم طائفيين بل لأنهم يمتلكون ايديولوجية سياسية محددة،بغض النظر عن مرجعيتها الدينية..وهذه التيارات حتى هذه اللحظة من عمر سورية وعمر الثورة لاتملك تأثيرا كبيرا على المجتمع السوري..
المغالطة الوحيدة التي لايراها الاستاذ ميشيل هي أن ردود الافعال التي نتجت لدى المجتمع السوري عن عقود اربعة من محاولات العصابة الأسدية مأسسة الطائفية في المجتمع السوري،يتعامل معها وكأن ردود الافعال هذه باتت مؤسسات محددة..وهذا أمر لانجده لدى المعارضة السورية عموما..بكل الاحوال نقد أية نزعة طائفية أمر يجب أن يتم لكن الموضوع برأيي بالنسبة للثورة السورية،يندرج في اطار محاولات جهات عديدة،اعادة الاعتبار للديكتاتورية..وهنا يأتي الموقف الامريكي من جبهة النصرة ووضعها على قائمة الارهاب،علما حتى اللحظة لم تصنف هذه الادارة العصابة الأسدية كقوة ارهابية!! لسنا ضد تصنيف أية قوة بكونها قوة ارهابية إذا كانت كذلك فعلا..لم توضح الادارة الامريكية لماذا جبهة النصرة ارهابية؟ وماهي الاعمال التي قامت بها في هذا السياق؟
اخطر ما في موضوع هذا التصنيف هو التالي وهو ما لم ينتبه له بعض من اطراف المعارضة السورية وراح بعضها يردد وراء التصنيف الامريكي..الموضوع بالنسبة للادارة الأمريكية هو إيجاد صيغة سياسية تنص على أن الثورة السورية بات فيها قوى ارهابية تحتم على الادارة التعامل مع هذا الموضوع وفقا لهذا المعطى الجديد..وهو يعني فيما يعنيه أيضا تكريس أفغنة أو صوملة تعطي نتائجها في التداول السياسي الدولي- بحيث يمكن الحديث علنا عن طائف سوري على الطريقة اللبنانية في جنيف- انخفاض التعاطف مع الثورة،واطالة امد العصابة الأسدية،والضغط على قوى الثورة من أجل حل سياسي تراه في جنيف!! وهنا ببساطة الادارة الأمريكية تمارس ابتزازا واضحا..
كان للادارة الأمريكية أن تنتظر حتى انهيار العصابة الأسدية وعندها يمكن ان تصنف بناء على تعامل القوى المسلحة على الارض مع الدولة الجديدة..أما قبل ذلك فالموضوع ليس سوى ابتزاز أو مزيد من الضغوط على قوى الثورة وبعض الدول من أجل تخفيض مساعداتها لقوى الثورة العسكرية.جبهة النصرة ربما تكون حاملة لايديولوجيا تؤدي لتحولها لتنظيم ارهابي في المستقبل،لكن لا تقيم الامور بناء على ذلك..بل بناء على ما تتصرفه على الارض..وحتى اللحظة جبهة النصرة لم تستهدف مدنيين..لا من الموالاة ولا من المعارضة..جبهة النصرة يمكن ان تعطي انطباعا على طائفية محددة كما يشير الاستاذ ميشيل على الطائفية في المعارضة..لكن ماذا يفعل الناس إذا كانت معظم قوى الثورة المقاتلة هي من الأكثرية السنية؟ ثمة معطى يجب الانتباه له ايضا وهو تجربة الرئيس مرسي والاخوان المسلمين والدستور الجديد في مصر،إن قوى المجتمع المصري من الأكثرية السنية الساحقة هي من وقفت ضد اجراءات مرسي حتى اكثر من وقوف القوى التي تدعي أنها تمثل الحراك القبطي سياسيا…لهذا قلت في مقال سابق أن القوى التي يمكن أن تصنف لاحقا بأنها قوى طائفية أو ارهابية حتى!!
هي مشكلة للمجتمع السوري،وليس للادارة الأمريكية..لكي تقوم بابتزاز الثورة في هذه المرحلة من عمرها بينما القتل مستمر من قبل العصابة الأسدية..لأن الاعلام الغربي وخاصة الامريكي سيختصر الثورة بحدث جبهة النصرة هذه..وهذا ما يتيح لادارة اوباما مزيدا من المناورة لتغطية موقفها المتواطأ مع العصابة الأسدية.. هذا لايمنع البدء بحوار جدي وحقيقي من قوى الثورة مع جبهة النصرة من أجل محاولة استيعابها ضمن تشكيلات المعارضة السورية ووفقا لبرامج هذه المعارضة وتصوراتها عن دولة سورية المستقبل..هنا تكمن جزء من مهمة المجلس الوطني والائتلاف الوطني..
ايلاف