جدل إسقاط النظام السوري
عبد الرحمن الراشد
كل له آماله أو مخاوفه من سقوط نظام عتيد كنظام الأسد في سوريا. كثيرون يؤمنون بأن النظام السوري، مثل نظام صدام العراق وقذافي ليبيا، لعب دورا تخريبيا في المنطقة لأكثر من ثلاثين عاما. وبالتالي فإن خروجه أخيرا يفك أسر المنطقة كلها، لا الشعب السوري وحده، وسيعطي فرصة للاستقرار الذي يحلم به الجميع منذ عقود.
ولأن المنطقة أحجية من قطع عديدة أيضا هناك من يخشى أن يتسبب انهيار هذا النظام الأساسي في تحويلها إلى ساحة حرب متعددة الأطراف ولفترة طويلة من الزمن، فأي الرأيين أرجح؟
لسنا حديثي عهد بالصراعات الإقليمية والدولية، فمنطقة الشرق الأوسط هي أكثر ساحات المواجهات تاريخيا، وهي آخر المناطق في العالم التي لم تنعم بالاستقرار. أميركا الجنوبية تعيش عصرا مستقرا، ومعظم أفريقيا. وحتى ولايات الاتحاد السوفياتي التي انهارت تعاركت ومرت بمرحلة من الاضطرابات، هي في معظمها مستقرة. لهذا نحن أكثر تجربة ومعايشة ومعاناة، وبالطبع منطقتنا أحوج مناطق العالم للاستقرار.
ومن دون سقوط أنظمة تقوم أساسا على الفوضى، صدام والقذافي والأسد، من الطبيعي أن تبقى النار مشتعلة. الآن آخر الأنظمة العربية الشريرة تترنح، وقد تسقط في وقت ما في العام الجديد. وفي نظري أن ذلك سيغير دينامكية السياسة في الشرق الأوسط إلى الأفضل.
ومع هذا هناك من هم أكثر قناعة بأن سقوط النظام السوري سيسبب الفوضى والحروب. وهؤلاء ليسوا بالضرورة مؤيدين للنظام بل يبنون رؤيتهم على مفهوم أن المنطقة مبنية على أحجار مترابطة ستتفكك بمجرد سقوط بعض أعمدتها، شريرة كانت أم خيرة. ويتحدثون عن أطماع مختلفة للأتراك والإيرانيين وغيرهم في المنطقة، وأن انهيار الأنظمة مثل انهيار السدود حيث سيغرق الشرق الأوسط في حرب ساخنة بعد عقود من الحروب الباردة.
لا أتصور ذلك، وأعتقد أن الأتراك قلقون على أنفسهم وليسوا طامعين في المزيد. والإيرانيون أضعف اليوم من أن يخوضوا حروبا إقليمية بل يخشون من تبعات الانهيار السوري على أنفسهم في الداخل.
الشرق الأوسط