صفحات الناس

جنيف بين صبرا وكيري

رند صباغ

 يبدو أن وزير الخارجية الاميركية جون كيري لم يأخذ تصريحات رئيس الائتلاف السوري بالنيابة جورج صبرا على محمل الجد. فبعد يوم على اعلان  الائتلاف في مؤتمره الصحافي في اسطنبول رفضه المشاركة في مؤتمر جنيف 2، أعرب كيري عن اقتناعه بمشاركة المعارضة السورية في المؤتمر، الذي وصفه بانه “معادلة للتوصل إلى حكومة انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية على أساس موافقة الشعب السوري”، مشدداً على أن الأسد “لن يكون جزءاً من معادلة العملية الانتقالية في سوريا”.

صبرا كان قد أعلن أن الائتلاف لن يشارك في أي مؤتمر “في ظل غزو ميليشيات إيران وحزب الله للأراضي السورية” بحسب وصفه، معرباً عن التمسك بتنحي الأسد شرطاً أساسياً، ومعتبراً أن كل ما يتم تداوله عن حلول سياسية واجتماعاتٍ دولية “مجرد لغو” في ظل العنف الدائر في البلاد، لأن “حياة السوريين أهم من أية حلولٍ سياسية”.

هذا التباين بين ثقة كيري ورفض صبرا، يأتي على خلفية ملف توسيع الائتلاف والذي أثار بلبلةً كبيرةً بين السوريين من ناشطين وإعلاميين وسياسيين، حيث تمت إضافة كتلة جديدة وصفت بالليبرالية على رأسها ميشيل كيلو ومؤلفة من 14 شخصاً، و14 آخرين من نشطاء المعارضة في الداخل، و15 من الجيش الحر، لتبقى تسمية الـ 29 الأخيرين محط إشكالٍ لعدم الإجماع على آليات الاختيار حتى اللحظة.

عن ذلك أشار مصدر مقرب من الائتلاف في حديثٍ ل”المدن” إلى أن توسيع الائتلاف أتى بهدف إيجاد كتلةٍ رديفةٍ للمجلس الوطني المتمسك برفضه للحوار وعدم القبول بأية مفاوضاتٍ مع الأسد، معتبراً أن الأمر هو السبب الأساسي لدخول الكتلة الليبرالية كونها أكثر ليونة وتقرباً من الفرنسيين بشكلٍ خاص، والذين كان لهم صوتهم في اجتماعات اسطنبول الأخيرة.

 ولفت المصدر إلى وجود أصواتٍ داخل الائتلاف كانت قد أبدت رفضها إلا أنها اضطرت للإذعان للضغوط الغربية، كما نقل فكرة طرح اسم ميشيل كيلو لرئاسة الائتلاف، وأنه قد تكون له حظوظ جيدة، إلا أنه أضاف أن بعض الأعضاء يعتبر التوسع الجديد أمراً غير مدروس، متهمين كتلة كيلو بأنها الأكثر ليونةً في ما يخص الحوار. ويتم السعي حالياً لإدخال ثوار الداخل بأسرع وقت لدقة الظروف الحالية معولين على قدرتهم على الإمساك بالوضع، في حين يعتبر جزء من الائتلاف دخول كتلةٍ عسكرية قد تشكل كارثةً بدورها، وعليه فإن المحاولات تدور حالياً لإيجاد ممثلين مدنيين عن الجيش الحر.

أما في الداخل، فيعتبر معظم مقاتلي المعارضة أن الولايات المتحدة تسيطر على المعارضة السياسية، وعن ذلك يقول أبو أيهم وهو أحد مقاتلي ريف العاصمة الشرقي الذي يعيش معركته اليوم: “نحن نقاتل ونستشهد وهم يسرقون الثورة وينتظرون الأوامر من أميركا، لا شك أن التوسع في الائتلاف امر جيد إن كان سيسمح للثوار بالمشاركة في القرار”. لكنه يؤكد “في النهاية كل أشكال المعارضة الخارجية لا تمثلنا، لأنها تنعم بالحياة على حساب دمائنا، لذلك كان من الضروري اليوم أن نشارك بشكلٍ مباشرٍ في الائتلاف حتى يكون لنا القرار الفعلي في الداخل والخارج، فنحن من يموت هنا وليس هم”.

واعتبر محمد الناشط الإعلامي في دوما أن قرارات الائتلاف ليست مدروسة حالياً مشيراً إلى أن السوريين “ليسوا في وقتٍ يسمح لهم باتخاذ مواقف خاصة، دون أن ننسى ابتعاد الائتلاف عن الشارع الذي كان الأحق باتخاذ مثل هذه القرارات، سواءً بالمشاركة في أي حوار، أو في من يمثله سياسياً، لكننا نعلم أن الشارع لا حول له ولا قوة”، مشيرا إلى أن العديد من قوى الداخل، أو من المدنيين الصامتين الذين يشكلون النسبة الأكبر ينظرون إلى أي حلٍ بإيجابية طالما كان سيجنبهم المزيد من الدماء والخراب معتبراً أن “المشاركة في الحوار أمر ضروري لطرح الأوراق، وبناءً عليها يستطيع الائتلاف اتخاذ موقفه في حال لم يحصل على ردود فورية، لكن على المعارضة ألا تبدو بهذه السلبية”.

الهوة التي تتسع ما بين الداخل والخارج، بدأت تهز صورة الائتلاف كممثلٍ شرعي للشعب السوري، بالأخص لما يتهمه الداخل بتبعيةٍ غربيةٍ وعدم الاستقلال بالقرار، الأمر الذي قد يكون كفيلاً بتقليل أهمية أية خطوةٍ عتيدة، سواءً بالتوسع أو بتعميق التمثيل، إلا في حال دخول عنصرٍ جديدٍ على المعادلة قد يحمل في يده هذا التوازن المفقود.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى